الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مدرسة للبنات (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مدرسة للبنات (أرشيف)
الثلاثاء 9 يوليو 2019 / 20:55

ملايين أردوغان لأخونة تركيا تذهب هباء

الشيء الوحيد الذي استوحاه أردوغان من اليابان المعروفة بمشاريعها الحداثية ونظرتها المستقبلية هو الجامعات النسائية التي مضى عليها الزمن

منذ وصوله إلى الحكم قبل 16 سنة، لم يدّخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهداً لتقويض الأسس العلمانية لبلاده وتغيير وجه مؤسساتها. نزل بثقله لتبديل معالم المجتمع التركي، فتدخل في حياة مواطنيه وحاول فرض تقاليد غريبة عليهم. منع الخمر في بلد يتطلع إلى عضوية الاتحاد الاوروبي وأصدر مرسوماً يجيز وضع الحجاب في مؤسسات دولة ذات نظام علماني. تدخل في التعليم ومساكن الطلاب. سهر على بناء آلاف المساجد والمدارس الإسلامية المعروفة باسم مدارس إمام خطيب. وذهب مرة إلى اتهام مؤسسي الجمهورية بجعل البيرة المشروب الوطني في حين أن الشعب التركي يفضّل، على حد قوله، مشروب العيران المصنوع من اللبن.

زاد أردوغان باطراد ميزانية مديرية الشؤون الدينية (ديانات) المسؤولة عن تسيير الخطب في مساجد البلاد، حتى تجاوزت مخصصات العديد من الوزارات. وأقامت حكومته سراً علاقات وطيدة مع عدد من الحركات الإسلامية وساعدتها على مراكمة ثروات وتحقيق نفوذ كبير.

ومع ذلك، لا يبدو أن حصيلة جهوده لتغيير وجه تركيا كانت بحجم الأموال التي أنفقها لهذه الغاية. فقد أظهر استطلاع نشره مركز احصاء تركي أن الأتراك ليسوا أكثر تقوى مما كانوا عليه قبل عقد، وأن عشرات من المدراس الإسلامية لا تزال فارغة وأن الجماعات الإسلامية باتت منفصلة عن واقع مجتمع متغير بسرعة.

وبالأرقام، أفاد الاستطلاع إنه بين 2008 و 2018، انخفضت نسبة الأتراك الذين يعرفون عن أنفسهم بأنهم متدينون من 55% إلى 51%. وبالكاد ارتفع عدد النساء اللواتي يضعن الحجاب، من 52% قبل عقد إلى 53%.
 وفي الوقت نفسه، ارتفعت نسبة الملحدين من 1% إلى 3%. وعلى رغم الأموال التي ضختها الحكومة في مدارس إمام خطيب، لا يزال العرض فيها يفوق الطلب. وعلى مستوى الصفوف الثانوية، بقيت نسبة الملاءة العام الماضي عند نسبة 52% فقط، مقارنة مع 95% للمدارس النظامية. وهذه المدارس هي أيضاً أقل نجاحاً بكثير من غيرها، وتقل حظوظ طلابها في الالتحاق بجامعة مرتين عن حظوظ الطلاب في المدارس العادية أو الخاصة.

عملياً، شكل النزوح من الريف إلى المدينة سداً ضد محاولات إعادة تشكيل المجتمع التركي، بتقدير مدير مركز الاحصاء التركي الذي أجرى المسح. فمع مرور الوقت، يميل العديد من السكان الجدد للمدن إلى تبني نهج انتقائي أكثر للدين. ولعلّ الخلاف الذي وقع بين أردوغان وحليفه السابق الداعية عبدالفتاح غولن ساهم أيضاً في تقويض مشروع أردوغان الإسلامي. ومن شأن المعارضة المتزايدة لأسلوب أردوغان أن تؤثر أيضاً على خططه للمجتمع التركي.

خلال مشاركته في قمة العشرين التي عقدت في اليابان أخيراً، أبدى أردوغان إعجابه بالجامعات اليابانية الـ80 الخاصة بالنساء، معتبراً أنها مهمة جداً. وعند عودته إلى أنقرة، قال: "خلال قمة العشرين، رأيت 10% من جامعات اليابان الـ800 مخصصة للنساء". وبغض النظر عما يخطط له أردوغان للجامعات التركية، كان لافتاً أن الشيء الوحيد الذي استوحاه من تلك البلاد المعروفة بمشاريعها الحداثية ونظرتها المستقبلية هو الجامعات النسائية التي مضى عليها الزمن.