الأديب السوري نور الدين الهاشمي
الأديب السوري نور الدين الهاشمي
الأربعاء 1 نوفمبر 2023 / 12:40

نور الدين الهاشمي.. الرواية تؤرخ بشكل أكثر صدقاً من التاريخ الرسمي المتداول

أنجز الأديب السوري "نور الدين الهاشمي" خلال مسيرته الإبداعية مسرحيات عدة للأطفال، وكتب السيناريوهات الموجهة لهم، في أكثر من عمل درامي تلفزيوني، وسينمائي.

حصدت روايته الأولى الجائزة الأولى في مسابقة كتارا

تجاوز والفنان العظمة مشروع مرايا نحو أعمال أكثر أهمية لكن تواجههما عقبة إنتاجية

نال على بعض أعماله جوائز أهمها من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون

كما أعد الهاشمي أكثر من برنامج تلفزيوني للأطفال، ونال عن بعضها جوائز في أهم المهرجانات.. أنجز شراكة هامة مع الفنان ياسر العظمة في كتابة لوحات "مرايا" لأكثر من عشر سنوات، وأخرج مسرحيات عدة للكبار، وللأطفال، وهو قبل كل ذلك كاتب قصة قصيرة، نالت روايته الأولى الجائزة الأولى في مسابقة "كتارا".

حول شواغل روايته، وأين صارت شراكته مع الفنان العظمة، وما الذي أنجزه في سلطنة عمان حيث يقيم منذ مطلع سنوات الحرب، الحوار التالي، معاً نقرأ:

نبلٌ رغم الخراب

- لو تسلط لنا الضوء على شواغل روايتك التي صدرت مؤخراً ضمن فعاليات مسابقة "كتارا" القطرية، والتي نالت الجائزة الأولى في دورة العام المنصرم عن فئة الروايات غير المنشورة..

رواية "البرج" من وحي الأحداث الأليمة التي عصفت ببلدي سوريا وزلزلت أركان المجتمع السوري بكافة فئاته في السنوات الأخيرة، وقد اخترت أن يكون زمن الرواية خلال ذروة الأحداث عام 2015 والمكان هو مدينة حمص بأحيائها المختلفة.. حيث تدفع الظروف القاسية عدة أسر متنوعة الدين والثقافات والمستويات الاجتماعية لتسكن سوية في بناء واحد، وتناضل معاً ضمن هذه العاصفة من أجل الحياة والأمان والسلام، فتذوب الفوارق فيما بينها ونكتشف أجمل ما في داخلها من نبل وحبّ وإنسانية على الرغم من الخراب والخطر والدمار الذي يحيط بها ويهددها. ثم نرى أن كل شخصية من هذه الشخصيات تتخذ طريقاً لها في الحياة فرضته عليها الظروف، ولم يكن بناء البرح سوى واحة جمعتهم بأمن وسلام عدة أشهر.


وماذا عن شواغلها الفنية؟

في مقدمة تلك الشواغل لقد اعتنيت كثيراً ببناء الشخصيات الرئيسية والثانوية في الرواية، وكنت أدافع عن وجهات نظرها المتباينة، لأن هذا من حق الشخصيات على الكاتب.. وقد تحدثت في الرواية عن الكثير من تراث مدينتي حمص، فكما تعلم هي ذات معالم ثقافية ثرية وهامة.

- سعدتُ بترجمتها.. بما أنها الرواية الأولى لك، ما هي مشاعرك أن تصدر بعيداً عن بلدك فلا تصل للقارئ السوري؟

هذا ما يؤلمني حقاً، لأنها لن تصل الآن إلا للقليل من القارئين في بلدي.. لكني أطمح أن تصل إليهم في المستقبل من خلال المعارض وغيرها، والكتب لها أجنحة كما يقولون ولا يمكن إلا أن تنتشر، وخاصة إذا كانت تعالج قضايا إنسانية خالدة. وما يسرني ويسعدني أيضاً هو ترجمتها للغة الإنجليزية، وهذا ييسر اطّلاع الآخرين عليها ومعرفة ما جرى من أحداث خلال هذه الفترة.

- هل الجائزة حفزتك لمتابعة الكتابة في حقل الرواية، أم أنك خضت إنجازاً ثانياً وانتهيت؟

أنت تعلم أنني أكتب القصة القصيرة ولدي خمس مجموعات قصصية مطبوعة وسادسة كمخطوط، لكني أشعر الآن أن عالم الرواية هو الأوسع والأشمل ويستطيع أن يعبر أكثر وبشكل أعمق عما يدور من أحداث بشكل وافٍ، كما أن الرواية تؤرخ لمجتمع ما في فترة ما بشكل أكثر صدقاً من التاريخ الرسمي المتداول، وحين تقرأ الروايات العالمية تدرك أن هموم الإنسان في مكان ما من هذا العالم تتقاطع مع هموم الإنسان الآخر.

وقد أنجزت مخطوط رواية ثانية بعنوان (من يحمل رأسي عني) وهي من نوع "التراجيكوميديا" وأنا أعشق هذا النوع من الكتابة، حيث يستطيع هذا النوع من الفن أن يرسم الابتسامة المرة الهادئة التي توقظ الضمير وتضيء العقل.

"مرايا".. استنفدتْ!

- أنجزت مع الفنان القدير ياسر العظمة كتابة لوحات لمشروعه الفني "مرايا" على مدار عشر سنوات تقريباً، أين أصبحت هذه الشراكة، انتهت أم تعدلت؟

أعتقد أن مشروع مرايا قد استنفد تماماً بعد أن قدم مئات اللوحات في مختلف المواضيع.. لأن الأحداث المتسارعة والعاصفة الآن التي جرت وتجري في الوطن العربي والعالم قد تجاوزته، ويجب البحث عن موضوعات حارة وجديدة، وخاصة أن العالم قد أصبح كما يقولون بين يدي كل واحد من خلال تلك الأجهزة الذكية.. وقد حاولنا معاً أن نطرح ونعالج معاً أكثر من موضوع جديد ومبتكر وعالمي كمسلسل (مرايا الآفاق) أو مسلسل (من القصص العالمي)، لكن المشكلة الرئيسية تكمن في شركات الإنتاج التي تميل بشكل عام للسهل والخفيف وتبحث عن الأكثر ربحاً ورواجاً.. وما زلت على تواصل دائم مع الأستاذ ياسر ولم نيأس وما زلنا في خضم تلك المحاولات التي أتمنى أن ترى النور.

"نسمة" يابانية

- ثمة لوحة في "مرايا" من كتابتك تم تدريسها في اليابان، ذكرنا بها ولماذا فعلوا ذلك؟

اللوحة بعنوان "نسمة" وقد قام بترجمتها وتمثيلها طلاب إحدى الجامعات اليابانية هناك، واللوحة من بطولة الفنانة المرحومة دينا هارون وصباح جزائري وحسن دكاك ومحمد خير جراح وعدنان أبو الشامات.. وهي لوحة كوميدية ناقدة تتحدث عما يمكن أن تفعله لمسات المرأة الجميلة من تأثير سحري في العمل والبيت على مجموعة الرجال الفوضويين المهملين حيث تقلب سلوكهم وعاداتهم تماماً، وكما ذكرت لك أن مشاكل الإنسان تكاد أن تكون هي نفسها.. وقد اختاروها -كما أعتقد- لروح الكوميديا التي فيها وطرافة المواقف والشخصيات، وتأثير لمسات المرأة على مجتمع الرجال هي نفسها في أي مكان من هذا العالم، سواء في سوريا أو اليابان.. وهذا من طبيعة الفن الجميل حين يصبح إنسانياً ويقبل في أي مكان من العالم.

المتعة جوهر الفن

- جُسّدت لك أكثر من خمس مسرحيات للأطفال في أكثر من مدينة سورية، وبعضها تمت استعادته، وبذلك أنت أكثر كاتب سوري تجسّد مسرحياته خلال سنتين، ما السر في نصوصك؟

تعود تجربتي في مسرح الطفل لعام 1983 حين جسدت لي فرقة المركز الثقافي أول مسرحية كتبتها للأطفال وهي بعنوان (الصيد الثمين) من إخراج الفنان حسن عكلا، ثم تتالت كتاباتي لمسرح الطفل، وصار لدي الآن أكثر من عشرين مسرحية للأطفال في شتى الموضوعات والأجناس سواء كانت الشخصيات من الحيوانات والجمادات المؤنسنة أو من الشخصيات الواقعية.

ومن خلال التجربة الطويلة في الكتابة وعملي كمعلم لأكثر من ثلاثين عاماً استطعت اكتشاف الطريقة الناجحة لكتابة قصة ومسرحية الطفل التي تعتمد قبل كل شيء على الحكاية المشوقة والشخصيات الطريفة والحوار الممتع القصير والمفارقات في المواقف والأشخاص، والأغنية الملائمة التي تقوم بدفع الأحداث أو بناء الشخصيات، بالإضافة إلى القيم التربوية التي يجب غرسها في ذهن وروح الطفل، وتبقى المتعة عندي هي الأساس وجوهر أي فن في رأيي.

وقد عمقت تجربتي في الكتابة للمسرح من خلال إخراجي لعدد من المسرحيات حتى أكتشف مواطن القوة والضعف في النص المسرحي، وكنت حريصاً خلال عروض الأطفال على الجلوس في المسرح معهم لأعرف مواطن التشويق والمتابعة ومواطن الملل.. فالطفل مشاهد صادق ولا يجامل أبداً وهو ينصرف مباشرة عن العرض الممل من دون أن يأبه لأحد.

ولهذا فقد وجد المخرجون المهتمون بمسرح الطفل في هذه المسرحيات ضالتهم في تقديم عروض جميلة يكون الطفل فيها مشاهداً ومساهماً في العرض المسرحي، وقد قُدّمت مسرحياتي الطفولية في بلدي سوريا وفي كثير من الأقطار العربية أيضاً.

- وعلى الرغم من ذلك لديك معاناتك في طباعة المسرحيات المنجزة، ماذا عنها؟

رغبتي في طباعة المسرحيات لتكون ميسرة بين يدي المهتمين بمسرح الطفل وليس من أجل إنجاز كتاب جديد، وقد تمّت الموافقة على طبع تسع مسرحيات لي للطفل في وزارة الثقافة (الهيئة العامة السورية للكتاب) في الشهر الثامن عام 2019، ولم ير الكتاب النور حتى الآن، ولا أدري ما هو السبب على الرغم من كل محاولاتي واتصالاتي.. كما وافق اتحاد الكتاب العرب هذا العام على طبع خمس مسرحيات، وآمل أن ترى النور قريباً.

روايات عُمانية

- ما زلت تُعد بعض الروايات والقصص العُمانية لمسلسلات إذاعية، لو تسلط لنا الضوء على آخر ما أنجزت؟

كتبت للإذاعة العمانية اثني عشر عملاً متنوعاً معظمها في الدراما.. فقد حوّلت عدداً من الروايات العمانية الشهيرة إلى أعمال درامية مثل (بر الحكمان) للكاتب الصديق يونس الأخزمي، و(جبل الشوع) للكاتب زهران القاسمي، و(الجوهرة والقبطان) للكاتبة زوينة الكلباني، و(الشراع الكبير) للكاتب عبدالله الطائي.. وآخر عمل لي وأذيع في رمضان الماضي كان رواية بوليسية شهيرة للكاتبة أجاثا كريستي بعنوان (لم يبق أحد )، كما أنني أعد هذا العام رواية اسمها (أبراهام غوبي) للكاتب العماني خليل خميس.