الخميس 28 مارس 2024 / 21:37

"كارثة" في أستراليا.. أرصدة ائتمان كربوني مشكوك في صحتها

باعت أستراليا أرصدة كربون مشكوك فيها، وكان لها تأثير ضئيل على تجديد الغابات بهدف تعويض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، بحسب دراسة علمية حديثة خلصت إلى نتائج وصفها علماء بأنها "كارثة" على السلطات الأسترالية.

وقد خصصت أستراليا ما يقرب من 42 مليون هكتار من الأراضي في مناطقها النائية كجزء من برنامج تجديد الغابات، في أحد أكبر مشاريع تعويض الكربون الطبيعي في العالم.
ويقوم مبدأ الائتمان الكربوني المثير للجدل على احتساب أطنان من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يتم تجنبها افتراضياً، خصوصاً من خلال زرع كميات كبيرة من الأشجار بهدف امتصاصها.
من خلال هذا المشروع، باعت أستراليا الملايين من أرصدة الكربون التي اشترتها بحريّة تامة شركات لتعويض انبعاثاتها على الورق والظهور بأنها "محايدة كربونيّاً".
واستخدم فريق الباحثين القائمين على الدراسة التي نشرت نتائجها الثلاثاء مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز، إيرث أند إنفايرومنت" Nature Communications, Earth & Environment العلمية، صوراً بالأقمار الاصطناعية لرصد تطوّر مناطق الغابات في عينة من القطاعات المتضررة من المشروع.
وبحسب الدراسة، في ما يقرب من 80% من المناطق التي شملتها الدراسة، ظلت مناطق الغابات على حالها أو حتى تقلّصت مساحتها.

وأكدت النتائج أنه "في المجموع التراكمي، زاد الغطاء الحرجي بنسبة لا تتخطى 0,8% (28155 هكتاراً) من أصل مساحة إجمالية تبلغ 3,4 ملايين هكتار" حللها الباحثون.
وتُظهر الدراسة أنه "رغم غياب التغيير الإيجابي في الغطاء النباتي، فإن المشاريع الـ143 (المشمولة في الدراسة والتي لم تزد فيها المساحات المشجّرة) أنتجت 22,9 مليون رصيد" للائتمان الكربوني بين عامي 2013 و2022.
وبذلك، باعت أستراليا أرصدة كربون لم تكن موجودة فعلياً، بحسب المعد الرئيسي للدراسة أندرو ماكنتوش.

انعدام الشفافية 

وقال ماكنتوش، وهو أستاذ قانون البيئة في الجامعة الوطنية الأسترالية، لوكالة فرانس برس "إنها كارثة" من شأنها "تشويه" سمعة أستراليا.

وأضاف هذا الرئيس السابق للهيئة الحكومية المسؤولة عن مراقبة تعويضات الكربون في أستراليا: "من المفترض أن تجرى عمليات التحقق أثناء هذه العملية. لكنهم لا يطبقونها".

وأكد ماكنتوش أن "نظامنا هو بلا شك أحد أقل الأنظمة شفافية في العالم".

وشهدت سوق ائتمان الكربون، التي لا تشرف عليها أي جهة، طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة على مستوى العالم، مسجلة ملياري دولار في عام 2022، قبل أن تتباطأ في عام 2023، تحت وطأة التحقيقات التي شككت في الفوائد البيئية والاجتماعية لأرصدة الكربون.

ونفت هيئة تنظيم الطاقة النظيفة الأسترالية وجود أي مخالفة، مؤكدة أن "عدداً من المراجعات أكدت سلامة" تعويضات الكربون، قائلة إنها لا تصدر أرصدة كربون إلا "عندما يتمكن المشروع من إثبات تجديد غابة أصلية" مقابل هذه الأرصدة.

وقال وزير التغير المناخي والطاقة الأسترالي كريس بوين إن آليات النظام "سليمة جوهرياً".

وعلى الرغم من تعرضها المتزايد للكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ، لا تزال أستراليا من أكبر الدول المصدّرة لانبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة للفرد في العالم، وهي من بين المصدّرين الرئيسيّين للفحم الحراري والغاز في العالم.

والتزمت أستراليا بخفض انبعاثاتها الكربونية بنسبة 43% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2005، بهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
ووفق الدراسة التي نُشرت نتائجها الثلاثاء، كانت تعويضات الكربون جزءاً أساسياً من سياسة المناخ في أستراليا في العقدين الأخيرين.
وتبلغ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد في أستراليا 15,3 طن، ما يتجاوز المستويات في الولايات المتحدة، وفق أرقام البنك الدولي.