تدريبات للناتو (رويترز)
تدريبات للناتو (رويترز)
الثلاثاء 9 أبريل 2024 / 14:14

سباق التسلح العالمي يكتسب زخماً

بدأ عصر جديد من إعادة التسلح العالمي يكتسب زخماً متزايداً، الأمر الذي سيعني تكاليف باهظة واتخاذ بعض القرارات الصعبة بالنسبة للحكومات الغربية التي تعاني بالفعل من موارد مالية عامة هشة.

التقدم الذي أحرزه فلاديمير بوتين في أوكرانيا يعني أن أوروبا بحاجة إلى تعزيز دفاعاتها

ورغم أن الإنفاق الدفاعي العالمي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 2.2 تريليون دولار في العام الماضي، تقول وكالة "بلومبرغ" إن دول الاتحاد الأوروبي بدأت للتو في التفكير بما سيتطلبه الأمن في القرن الحادي والعشرين في ظل تحرك روسيا على حدودها الشرقية، والشرق الأوسط المضطرب، وتوسع الجيش الصيني لجذب انتباه واشنطن نحو المحيط الهادئ.

أهداف الناتو

وكان الزعماء السياسيون يهنئون أنفسهم على التقدم نحو تحقيق أهداف حلف شمال الأطلسي (الناتو) المتمثلة في تخصيص 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي للدفاع. لكن المسؤولين الذين يركزون على الأمن يقولون إن الميزانيات العسكرية قد تحتاج إلى محاكاة إنفاق الحرب الباردة بما يصل إلى 4% من أجل تنفيذ خطط الحلف. 

وإذا تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من الوصول إلى هذه المستويات، فإن ذلك سيعادل أكثر من 10 تريليونات دولار من الالتزامات الإضافية على مدى العقد المقبل، وفقاً لحسابات بلومبرغ إيكونوميكس.
وقالت جينيفر ويلش، كبيرة محللي الاقتصاد الجيواقتصادي في بلومبرغ إيكونوميكس إن "مكاسب السلام في فترة ما بعد الحرب الباردة تقترب من نهايتها، من المرجح أن يكون لذلك تأثير تحويلي على شركات الدفاع، وعلى المالية العامة، وعلى الأسواق المالية".
الحقيقة القاسية بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها هي أن التقدم الذي أحرزه فلاديمير بوتين في أوكرانيا يعني أنهم بحاجة إلى تعزيز دفاعاتهم بشكل كبير في أوروبا الشرقية في نفس الوقت الذي يقومون فيه بموازنة الصين - تماماً كما تعمل تلك الدولة على زيادة تعاونها مع موسكو. 

 وكان الرئيس شي جين بينغ واضحاً بشأن طموحه لوضع تايوان تحت سيطرة بكين، بالقوة إذا لزم الأمر، وأكد بشكل متزايد على مطالبات الصين الإقليمية في أماكن أخرى من منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
يدفع هذان التهديدان الزعماء الغربيين - وناخبيهم - إلى مواجهة المشاكل المتعلقة بالضرائب والرعاية الاجتماعية والاقتراض الحكومي التي ظلت تتراكم منذ سنوات، بينما يتصالحون مع المقايضات التي ستجلبها عودة المنافسة بين القوى العظمى.

الفشل في الدفاع

وقال سايمون جونسون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي كان في السابق كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي: "لا أتوقع حدوث أزمة مالية ناجمة عن ارتفاع الإنفاق الدفاعي.. لكنني أشعر بالقلق بشأن أزمة الأمن القومي الناجمة عن الفشل في الدفاع عن بلدك".
ويُظهر التحليل الذي أجرته بلومبرغ إيكونوميكس كيف أن العبء المتزايد للتحضير للحرب سيخلق نموذجاً مالياً جديداً لمعظم أعضاء الناتو. 

وتقول "بلومبرغ" إن مجرد تلبية الحد الأدنى الذي حدده التحالف بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للنفقات العسكرية من شأنه أن يعطل الكثير من جهود توحيد ديون الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد الوباء، ومن شأن الوصول إلى 4% أن يدفع الدول الأضعف في الكتلة إلى اتخاذ خيارات مؤلمة بين مستويات أعمق من الاقتراض، أو تخفيضات كبيرة في أجزاء أخرى من الميزانية، أو زيادة الضرائب.
وستكون فرنسا وإيطاليا وإسبانيا هشة بشكل خاص إذا تم تمويل الإنفاق الإضافي من خلال أسواق السندات، حيث قفز الدين العام في روما إلى 179% من الناتج بحلول عام 2034 من 144% هذا العام.
وحتى الولايات المتحدة، التي تخصص بالفعل 3.3% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي للدفاع، ستشهد زيادة في الاقتراض من 99% إلى 131% على مدى العقد المقبل إذا دفعت ميزانيتها العسكرية إلى 4%.
وقد تظهر التداعيات عندما يصدر صندوق النقد الدولي توقعاته المحدثة للديون الأسبوع المقبل في اجتماعاته الربيعية.

وقد طلب مسؤولوها بالفعل من البلدان البدء تدريجياً في إعادة بناء الاحتياطيات المالية وسط نمو من المرجح أن يكون أضعف في نصف العقد المقبل مقارنة بما كان عليه قبل جائحة كوفيد - 19.

ظاهرة عالمية

ورغم أن الحروب في أوكرانيا وغزة ركزت الاهتمام على أوروبا والشرق الأوسط، فإن ارتفاع الميزانيات العسكرية يشكل ظاهرة عالمية.
ومن المتوقع أن ينمو الإنفاق الدفاعي في الصين بنسبة 7.2% في عام 2024، وهو أكبر معدل منذ 5 سنوات.

وتتصدر ماليزيا توقعات النمو على أساس سنوي لـ 22 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بزيادة قدرها 10.2٪% وإجمالي نفقات قدرها 4.2 مليار دولار هذا العام، وفقاً لتحليل أجرته شركة الاستخبارات الدفاعية جينز. ويتبع ذلك نمو بنسبة 8.5% في الفلبين بمبلغ 6.6 مليار دولار.
وفي الولايات المتحدة، ستطلب إدارة الرئيس جو بايدن زيادة بنسبة 1% في الميزانية العسكرية التي تفوق بالفعل ميزانية أي دولة أخرى،

ويقول ماثيو كروينغ من المجلس الأطلسي إنها قد تحتاج إلى مضاعفة الميزانية العسكرية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وأضاف "الولايات المتحدة ليست قريبة من المكان الذي يجب أن تكون فيه".
ويتوقع أن تصبح طريقة التوفيق بين التزامات إعادة التسليح والإيرادات الضريبية المحدودة والاحتياجات المتزايدة الرفاهية والصحة،  مسألة سياسية ملحة في السنوات المقبلة.