تعبيرية
تعبيرية
الخميس 18 أبريل 2024 / 21:40

الإرهاب الإعلامي.. مخاطر التخريب والتغييب


كيف لنا أن نلوم أبواق الإعلام الغربي، إذا كنا نرى ونسمع عناصر من جسد الكيان العربي تنفخ في النار، وتدفع الملايين من أموال شعوبها من أجل إشعال الحرائق، ونراها تُجيِّش موجات الكراهية المحمومة، التي تنهش في لحم أمتنا العربية. بل إنها قطعت الحبل السري من الإحساس بوحدة المصير والانتماء إلى الدولة العربيَّة، وأقول بكل أسف وأسى وحسرة أن هذه العناصر قد هدمت كل علاقة وثيقة تربطها بالوطن الكبير والمستقبل المشترك؟!
ولا يخفى على حصيف أن هناك معارك قائمة تابعة لسلسة معارك إعلاميَّة وسياسيَّة، يريد المتربصون بنا استغلالها لمآربهم الأخرى، وأن هناك الكثير من الأقنعة التي تغطي وجوه أصحاب تلك الحملات المتعدِّدة، من أجل تسييس هذه الحادثة أو تلك، أو استغلالها للهجوم على طرف عربي، أو ومحاولة النيل من سمعته أو التشكيك في نهجه، أو الطعن في نواياه.
لا يمكن لأحد أن يجادل في حقيقة أن استقرار منطقة الخليج يمثل مصدرًا مهمًّا لاستقرار المنطقة العربيَّة كلها، بل إن الاستقرار بكل جوانبه السياسيَّة والإعلاميَّة يُعضِّد من تحقيق السلام في المنطقة، وهذا يصبُّ في مصلحة كل الدول العربيَّة بما فيها تلك الدول التي قد تختلف مع سياسات الخليج.
إن كل الأزمات السياسية يتم التعويل عليها من أجل تزييف الحقائق؛ لمحاولة إشعال الفتنة والفوضى بين الفينة والأخرى، ودعم حروب بالوكالة، وللأسف فإن هؤلاء قد أصيبوا بداء عضال، لعل أهم أعراضه "إزهاق الحق وإعلاء الباطل"، والإمعان في التحريض والترويج للأخبار المشبوهة، من خلال للدفاع عن مرجعياتها السياسيَّة أو التستر على جرائمها، وإلهاء الرأي العالمي عن القضايا العربية الجوهرية.
هنا أشير إلى أنه لا بدَّ من الاتعاظ من هذه الأحداث؛ لضمان مواجهة حملات تغييب الوعي عبر الشائعات المغرضة، والتصدي لمعركة تضليل العقول وغوايتها، وإجهاض محاولات بعض القوى التي ترغب في ترويج أجندتها، وتتحالف مع قوى الشرِّ من خلال الإجراءات الاستباقيَّة، التي تنتهج المبالغة في الهجوم، والتضخيم في الإيذاء على حساب المصالح العليا للعرب.
إنها ليست قضيَّة حزب أو جماعات، بل مصير أمَّة، وهمٍّ عربي، ومسؤوليَّة تاريخيَّة... إن دول التحالف العربي ستظل ركنًا رئيسيًّا من أركان الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
هذا الإعلام المدمِّر يمنح بعض الأخبار والتقارير مساحات من التغطية بغية التصعيد، في محاولات مستميتة لنسج الشائعات الكاذبة وتوسيع فقاعاتها إعلاميًّا، وما زال هذا الإعلام المضلل يتيح للأطراف الخارجيَّة أن تواصل تدخلاتها الهدامة في المنطقة، ويستمرئ التواطؤ الذي وصل إلى فبركة التقارير الإخباريَّة، وشراء الذمم من الإعلام الخارجي، كل هذا من أجل خلخلة التماسك الوطني الخليجي والعربي، وإضعاف قوة التلاحم في المجتمع، وتسويق الأزمات لصالح أجندات خاصة، بنشر الشائعات التي تزعزع استقرار المجتمع وأمنه.
كل هذا وغيره يسدِّد فواتير باهظة من الابتزاز السياسي، وعدم الاستقرار وتشويه سمعتها، والمساس بسيادتها ومكانتها الإقليميَّة، أو خلخلة الاستقرار في دول المنطقة، أو إثارة الشعوب على أنظمتها! وهو ثمن مكلف للغاية.
إن ما تمر به المنطقة يتطلب عملًا عربيًّا شاملًا لتجفيف منابع الإرهاب الإعلامي- الإعلام المغرض- والوقوف ضد هذا الفكر العدائي، الذي يغذّي نزعات الحقد والكراهية في المجتمع، ويخرق وحدة الصفِّ، ويقضي على الحياة النزيهة الحرة.
ولا ننسى أن القرآن الكريم قد وضح لنا أن إذاعة الشائعات هو دأب المنافقين، وأرشدهم أنهم إذا سمعوا أمرًا يتعلق بالأمن أو أمرًا يتعلق بالخوف، فليس لهم أن يذيعوه قبل أن يعرضوه على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يعرضوه على أولياء الأمر الذين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم بعض السلطة فيه؛ لأنهم هم الذين يستنبطون. (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ).
إن القضاء على «الكراهية» يبدأ في العقول، إذ إنه يبدأ من تغيير القناعات وتصحيح المفاهيم، وإن الاستثمار في الفكر والتفكير هو الطريق الآمن للاستقرار والانفتاح، ومن دونهما ستبقى حواضن العنف هي المنتصرة في المجتمعات العربية والغربية على حدٍّ سواء.