أفراد من الشرطة الفرنسية (أرشيف)
أفراد من الشرطة الفرنسية (أرشيف)
الجمعة 19 أبريل 2024 / 16:28

الاستخبارات الفرنسية: مستقبل الحرب ضدّ الإرهاب يتحدد في أفريقيا

وفقاً لما كشفته أجهزة الاستخبارات الفرنسية مؤخراً، فقد أصبحت القارة الأفريقية منطقة الاستقطاب الأولى للإرهابيين حول العالم، كما أنّ مستقبل الحرب ضدّ الإرهاب بات يكمن في أفريقيا التي تحوّلت إلى ساحة تنافس دولي حول النفوذ، وسيُحسم فيها.

وفي هذا الصدد كشف كذلك تقرير حديث لمركز الدراسات الاستراتيجية للشؤون الأفريقية في البنتاغون (سيسا) أنّ عدد قتلى العمليات الإرهابية والجهادية في أفريقيا قد ارتفع بنسبة 20 في المئة في العام 2023، وهو ما تسبب في سقوط 23322 ضحية. وهذا العدد هو ضعف ما كان عليه في عام 2021. وحدثت أكثر من 83% من الوفيات المسجلة في منطقة الساحل والصومال. وهذا السجل الجديد من العنف يُثير قلق وكالات الاستخبارات الفرنسية المختلفة التي تُراقب عن كثب تطور الجماعات الإرهابية في القارة.

الملعب الرئيسي للإرهابيين

 وبحسب المحلل السياسي الفرنسي باسكال أيرو فقد أصبحت أفريقيا اليوم الملعب الرئيسي للإرهابيين، مُحذّراً من أنّه من الناحية العملية، فإنّ الجماعات الإرهابية تُثبّت وجودها حيثما يتم طرد ممثلي الدولة أو عندما تغيب هذه الأخيرة عن ممارسة دورها في حفظ الأمن وحماية السكان. وهو ما يتحقق في بعض الدول الأفريقية التي تنتقل لها تدريجياً حسب خبراء مصانع الإرهاب من دول أخرى في الشرق الأوسط.
 وحينها تنتشر وتتطوّر الكثير من الميليشيات المسلحة المختلفة في قواعدها الإقليمية دون القلق بشأن الحدود الدولية كما هو الحال في مناطق بحيرة تشاد في الوسط أو إقليم ليباتكو جورما المنطقة الحدودية في غرب قارة بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو. وغالباً ما تُسيطر تلك الميليشيات على طرق التجارة حيث يُمارسون الاتجار بالمخدرات وغيرها أو يفرضون إتاوات مالية على السكان. 

جهود فرنسية استخبارية

وحول ذلك تنقل صحيفة "لو بينيون" عن رئيس وكالة الاستخبارات الفرنسية الخارجية والمسؤول عن ملف مكافحة الإرهاب الإسلاموي نيكولا ليرنر قوله إنّ "إن أقلمة الجهاد (تأسيس قواعد إقليمية) في أفريقيا لم تكتمل بعد"، مُحذّراً بدوره من أنّ المتطرفين لديهم القدرة الفائقة على العمل ضدّ المصالح الأجنبية ومواطني الغرب، والذين تمّ ارتكاب نحو 90٪ من الأعمال الإرهابية ضدّهم في أفريقيا. 
ويسعى جهاز الاستخبارات الفرنسية الخارجية، الذي يضم ما يزيد عن 7 آلاف عنصر، للتعامل مع تراجع نفوذ فرنسا في القارة الأفريقية التي شهدت العديد من الانقلابات العسكرية في السنوات الأخيرة، وهو لذلك يواصل جمع المعلومات الاستخبارية هناك لمنع وقوع عمليات إرهابية على الأراضي الفرنسية أو ضدّ المواطنين الفرنسيين في الخارج. 
وترى الأجهزة الأمنية في فرنسا أنّ الأحوال الدولية في العام 2024 تتشابه مع فترات صعود تنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش والإخوان في الأعوام الماضية، وذلك من حيث تأجج الصراعات والحروب في عدّة مناطق بأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.

 الطائرات بدون طيار تهديد جديد في أفريقيا

وتُعتبر الطائرات بدون طيار أداة جديدة للتهديد الإرهابي في أفريقيا، لكنّ الجماعات الجهادية في أفريقيا لم تتمكن حتى الآن من استخدام سوى طائرات الاستطلاع بدون طيار، ويخشى المراقبون الآن من انتشار الطائرات المقاتلة بدون طيار، بحسب يومية "اللو موند" الفرنسية.
وبات تنظيم داعش الإرهابي في غرب أفريقيا يستخدم بانتظام طائرات الاستطلاع بدون طيار لمراقبة المواقع الأمامية للجيش النيجيري، كما وتستخدمها جماعات جهادية لأغراض استخباراتية شمال موزمبيق، وهي مُتحالفة مع مُتمرّدين صوماليين.
 ويقول روبن داس، الباحث في المركز الدولي لأبحاث الصراع السياسي والإرهاب في سنغافورة "في الوقت الحالي، تنشر المنظمات الإرهابية هذه الطائرات بدون طيار للقيام بعمليات استطلاعية أو لتصوير مقاطع فيديو دعائية" لكنّها لم تبدأ استخدامها بعد في أعمال قتالية مباشرة.
 وتتخذ هذه الطائرات بدون طيار القاتلة، التي استخدمها تنظيم داعش الإرهابي بكثافة ضدّ التحالف الدولي لمُكافحة الإرهاب في العراق وسوريا، أشكالاً متعددة، حيث يُمكن تحويلها إلى طائرات بدون طيار انتحارية وذلك بعد ربطها بعبوات ناسفة، وهو ما باتت تخشى حدوثه في أفريقيا أجهزة الاستخبارات الفرنسية.