إيرانيون في أحد شوارع طهران
إيرانيون في أحد شوارع طهران
الإثنين 22 أبريل 2024 / 09:58

القمع والتوتر مع إسرائيل يدفعان بالإيرانيين إلى حافة الهاوية

يقول خبراء إن الحكومة الإيرانية التي تواجه مشاكل اقتصادية وتوتراً في صفوف السكان، اختارت على ما يبدو سياسة إعلان النصر على إسرائيل والقمع في الداخل.

الحكومة لا تظهر تسامحاً خصوصاً حيال انتقاد التوترات مع إسرائيل

وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه في الساعات الأولى من الجمعة، استيقظ مهرداد المهندس الأصفهاني على أصوات انفجارات تهز النوافذ وأرضية المنزل.

وفي طهران، تم إبلاغ الركاب الذين كانوا على وشك ركوب رحلة طيران بأن الأجواء مغلقة، وعلموا بعد قليل أن إسرائيل هاجمت إيران.

وبينما كانت الانفجارات تدوي بعيداً، أدرك مهرداد (43 عاماً) أن هدف إسرائيل هو قاعدة عسكرية في ضواحي المدينة، وقال في مقابلة عبر الهاتف، إنه وزوجته الحامل، كانا خائفين دائماً من اندلاع الحرب.
وأضاف "أعتقد أن إسرائيل أرادت أن تختبر وتقيم ضربات الليلة الماضية.. أخشى أن الأسوأ قادم، مع أنني أتمنى أن تنتهي الأمور عند هذا الحد".
وحتى الآن من الواضح أن الحكومة الإيرانية، بعد أسبوع من التهديد برد قوي على أي هجوم إسرائيلي على الأراضي الإيرانية، قد عزفت عن الذهاب إلى مواجهة شاملة مع إسرائيل. 

وقال المحلل الإيراني البارز عباس عبدي في طهران في مقابلة بالهاتف إن "التحديات الخارجية والداخلية هما عملة واحدة بالنسبة إلى المؤسسة.. وفي مواجهة كل من إسرائيل والانشقاق في الداخل، فإنها تعتمد مقاربة عدوانية لأنها تعتقد أن المسألتين وصلتا إلى نقطة غليان وبأنه إذا لم تفعل شيئاً حيالهما، فإنهما ستزدادان سوءاً".
وكانت الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، بمثابة خروج مذهل ومثير للقلق، عن حرب الظل التي يشنونها منذ عقود، مما يثير المخاوف من نشوب حرب إقليمية. ردت إيران على الهجوم الإسرائيلي القاتل على مجمع سفارتها في دمشق، بإطلاق وابل من أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصاروخ مباشرة على إسرائيل للمرة الأولى. وتم اعتراض معظمها.
وناشد زعماء العالم إسرائيل الرد بضبط النفس، وهو ما فعلته الجمعة، عندما هاجمت قاعدة جوية إيرانية بطائرات مسيّرة، وألحقت الغارة أضراراً برادار نظام إس-300 المسؤول عن الدفاع الجوي لمنشأة نطنز النووية في وسط إيران.

وأطلقت إسرائيل أيضاً صواريخ جو-أرض في اتجاه إيران، لكنها ألحقت أضراراً طفيفة عمداً. وبعد ذلك، قلل المسؤولون ووسائل الإعلام الرسمية الإيرانية من أهمية الهجوم. 

وقال المحلل الإيراني في طهران ناصر إيماني المقرب من الحكومة في مقابلة بواسطة الهاتف، إن إيران تعاملت بفاعلية مع إسرائيل ويمكنها الآن أن تتحمل خفض التصعيد.
وأضاف أن "الإيرانيين لا يريدون الحرب مع إسرائيل.. بالنسبة لإيران تنتهي المسألة هنا، ولا تريد أن تنخرط مباشرة أكثر، لأنها تشعر بأنها قد أسست ما يكفي من الردع في الوقت الحاضر".
وأتت التوترات المتصاعدة مع إسرائيل في الوقت الذي تتأرجح فيه إيران بين أزمة وأزمة، وانخفضت العملة الإيرانية، الريال، هذا الشهر، منذ بدء الأزمة. ووصلت مؤخراً إلى أكثر من 660 ألف ريال للدولار في السوق غير الرسمية، وهو المقياس الأكثر دقة للاقتصاد.

وعلى رغم أن التضخم انخفض عن معدلات السنوات السابقة البالغة 40%، إلا أنه لا يزال يبلغ معدله السنوي 32%، ولطالما اشتكى الإيرانيون من الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية من قبل رجال الدين الحاكمين والحرس الثوري، الذي يملك حصصاً كبيرة في الاقتصاد.
وعلى نطاق أوسع، يتم تحدي شرعية الحكومة دائماً من سكان غاضبين ومستائين نزلوا إلى الشوارع في الأعوام الأخيرة.

وتكافح الحكومة الإيرانية منذ زمن للحفاظ على نظام الحكم، في حين أن أجيالاً جديدة من الإيرانيين تطالب بالحريات السياسية والازدهار. 

وبعد ساعات من شن الضربة ضد إسرائيل رداً على هجوم دمشق، نشرت الحكومة الإيرانية كتائب من قوات الأمن في شوارع طهران والعديد من المدن الأخرى، وهددت بمعاقبة أي شخص يجرؤ على انتقاد هجماتها على إسرائيل أو التشكيك فيها.

وفي الجو الحالي، فإن الحكومة لا تظهر تسامحاً خصوصاً حيال انتقاد التوترات مع إسرائيل.

وكتب المحلل عبدي مقالاً في صحيفة اعتماد الأسبوع الماضي، قال فيه إنه ليس من الضروري لإيران أن ترد على إسرائيل، وحذر من العواقب الاجتماعية والاقتصادية التي ستترتب على ذلك. وسارعت السلطات القضائية إلى فتح قضية جرمية ضده وضد الصحيفة.