أطفال من غزة يتزاحمون للحصول على الطعام (أرشيف)
أطفال من غزة يتزاحمون للحصول على الطعام (أرشيف)
الثلاثاء 30 أبريل 2024 / 21:51

غزة.. زادت المساعدات وعادت المخابز للعمل وبقي الجوع القاتل

تسير أسماء البلبيسي لمدة ساعة يومياً لتصل إلى أقرب مخبز لجلب خبز لأطفالها وأقارب آخرين في مناطق بشمال غزة، حيث تقول وكالات الإغاثة، إن المجاعة لا تزال تلوح في الأفق رغم زيادة الإمدادات.

ويمكن أن يكون الطريق خطيراً، إذ يمتد بطول شوارع مليئة بأنقاض مبان مدمرة يتعذر على السيارات المرور فيها وفي ظل استمرار القتال بين حين وآخر بين مقاتلي حماس والقوات الإسرائيلية. وتظهر رحلة أسماء حاجة سكان غزة البالغة للخبز لدرء الجوع القاتل. 
وقالت أسماء: "قبل ما يفتحوا المخابز كنا نجيب والله طحين الذرة هذا اللي بينعجنش، يعني زي الحطبة بيصير لك بسكوتة، يعني يوم، يومين، مبيتاكلش بتجرشه جرش زي البسكوتة، حتى بيتغمسش فيه، بالشاي بينبلش، طحين الذرة وع النار يعني، إيش تظلنا نعمل، لما تلاقيلك حطب كمان، فش، مش متوفر الحطب حتى كمان والغاز غالي، فش غاز". 
وعندما افتتح أول مخبز باستخدام الطحين، والوقود المقدم من برنامج الأغذية العالمي، احتشد المئات في طوابير طويلة تمتد للشوارع القريبة بين أنقاض المنازل. وعلى المخابز توظيف عشرات المشرفين للحفاظ على النظام.

أما الآن افتتح عدد قليل من المخابز التي يعمل بعضها 24 ساعة في اليوم. ومع أن الطوابير أصبحت أقل الآن تقول أسماء إنه لا يزال عليها أن تنتظر 20 دقيقة على الأقل يومياً للحصول على كيسي الخبز الذي تحتاجه لعائلتها الكبيرة.
فاستعادة مخابز غزة وضمان انتظام وصول الإمدادات من الدقيق والمياه والوقود، أمر حاسم لوقف انتشار المجاعة عبر القطاع الصغير المكتظ بالسكان، بعد مرور ما يقرب من 7 أشهر على انلادع الحرب.
وبدأت الحملة العسكرية البرية والجوية الإسرائيلية بعد اقتحام مقاتلي حماس السياج الحدودي مع إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) في هجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 253 آخرين رهائن حسب الإحصائيات الإسرائيلية، وتسبب في مقتل أكثر من 34500 فلسطيني وفق السلطات الصحية في غزة.


وعادة ما يكون الخبز الغذاء الرئيسي لسكان غزة رغم أن الكثير من المواد الغذائية الأخرى كانت متوفرة قبل الحرب، من خضروات مزروعة محلياً، ودجاج، وغنم، وأسماك طازجة من البحر، وأغذية معلبة ومستوردة.
وأعلنت إسرائيل في بداية الحرب الحصار الكامل للقطاع. ورغم أنها سمحت بعد ذلك بدخول بعض المواد الغذائية، فإن وكالات الإغاثة، بما فيها التي تديرها الأمم المتحدة، قالت إنها لا تفعل ما يكفي لتسهيل دخول الإمدادات وتوزيعها. 

وتزعم إسرائيل، أنها لا تقيد وصول الإمدادات الإنسانية للمدنيين في غزة وتحمل الأمم المتحدة مسؤولية بطء توصيلها قائلة، إن عملياتها غير فعالة.
لكن مع ظهور جيوب مجاعة في غزة ووفاة بعض الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف، وفي ظل المعاناة من الجوع في أنحاء القطاع، زاد حتى أقرب حلفاء إسرائيل الضغط عليها لبذل مزيد من الجهود للسماح بدخول الغذاء.
وبدأت المساعدات تتدفق بكميات أكبر إلى شمال غزة هذا الشهر بعد أن فتحت إسرائيل معبراً جديداً، وزود برنامج الأغذية العالمي المخابز في إطار جهد أوسع.
غير أن وكالات الإغاثة تؤكد أن كل ذلك لا يزال غير كاف لإنهاء كارثة إنسانية هناك، وقال برنامج الأغذية العالمي الأسبوع الماضي إن شمال غزة لا يزال يتجه نحو المجاعة.

إمدادات المساعدات

أعيد فتح أول مخبز كبير في شمال غزة في 13 أبريل (نيسان)، وهو أحد 5 مخابز كانت تديرها شركة مخابز كامل عجور التي تصنع الآن خبز البيتا، وأرغفة السندويشات المنتفخة لبيعها بسعر مدعوم.
وقال كرم عجور مسؤول مراقبة الجودة في المخبز: "تعرضنا لأضرار كبيرة، إحنا عندنا 5 أفرع تقريباً وفيه كمان نقاط أخرى، الأغلب كان تعرضت للدمار الكامل والجزئي. وقدرنا الحمد لله يعني نشغل المكان هدا ونقدر ننتج يعني بشكل كامل".
ولإعادة فتح المخبز، كان على العمال إنقاذ الآلات من فروع مختلفة، دُمرت أو تضررت بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية، ونقلها إلى الفرع الوحيد الذي قرروا إعادة فتحه بدعم من برنامج الأغذية العالمي.


ومع زيادة الطلب على الخبز من مئات ألوف لا يزالون في شمال غزة، قرر أصحاب مخابز عجور تشغيل المخبز على مدى 24 ساعة وتركيب خط إنتاج ثالث هناك إلى جانب الخطين الموجودين.
ويعد الإمداد المستمر بالطحين والوقود اللازم لتشغيل المخبز أمراً حيوياً. 

وإيصال المساعدات إلى شمال غزة أكثر تعقيداً بكثير من  إيصالها للأجزاء الجنوبية من القطاع القريبة من نقاط العبور مع مصر.
ففي مارس (آذار)، قُتل أكثر من 100 شخص خلال عملية فاشلة لإيصال مساعدات في الشمال. وفي وقت سابق هذا الشهر قتلت غارة إسرائيلية عمال إغاثة أجانب في قافلة كانت تحمل مساعدات غذائية إلى شمال غزة. وتعرضت بعض قوافل المساعدات لمهاجمة مدنيين تمكن منهم اليأس والجوع.
ووظفت مخابز عجور موظفين للتعامل مع شحنات المساعدات التي يرسلها برنامج الأغذية العالمي إلى ساحتين في مدينة غزة وجلبها بأمان إلى المخبز.
وعندما سُئل عن شعوره بعد إعادة فتح المخبز، قال كرم عجور إنه من الناس ويشاركهم مشاعرهم وحاجتهم للطعام.