الخميس 9 مايو 2024 / 09:11

رؤية حول مستقبل الدعم الأمريكي لإسرائيل

أحمد العصار - الأهرام

هل من الممكن أن يصبح دعم إسرائيل عبئاً على الإدارة الأمريكية؟ وهل تتغير بوصلة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية في المستقبل البعيد؟ وهل يأتي اليوم الذي نرى فيه تسوية عادلة لمعضلة قضية فلسطين؟

الإجابة في رأيي هي نعم ذلك وارد الحدوث، لكن بالطبع سيأخذ وقتاً طويلاً، ربما عشرات السنين، وسيتطلب تراكمات كثيرة.
للأسف الشديد لا يمكن حلحلة القضية الفلسطينية حالياً بدون ضوء أخضر من الولايات المتحدة، فالحماية التي توفرها أمريكا لإسرائيل هي حماية مكتملة الأركان، في الباطل قبل الحق، وهذه هي سياسة أمريكا الثابتة التي لم تتغير بمرور الأيام وبتغير الرؤساء والإدارات، على الرغم من ذلك، هناك بعض العوامل التي قد تؤدي إلى تغيير المعادلة كلياً في المستقبل البعيد.
أول هذه العوامل هي الإرهاصات الحالية للتحول إلى عالم متعدد الأقطاب، لا تنفرد فيه الولايات المتحدة بالقرار، فنحن نرى كل يوم تنامياً للقدرات الصينية في كل المجالات، هذا الصعود الصيني يقلق صانع القرار الأمريكي بدرجة كبيرة، فالصين تعتبر الآن مصدر التهديد الأساسي للولايات المتحدة، فلا أحد ينكر أن الصين أصبحت تمتلك مقومات هائلة، مقومات بشرية واقتصادية جبارة، بل أصبحت تنافس وبقوة في مجالات التكنولوجيا الحديثة، وشركة هواوي هي خير دليل على ذلك، ناهيك عن مبادرة الحزام والطريق، ذلك المشروع الدولي الضخم الذي سيغير من خريطة التجارة الدولية، ولا يخفى على أحد أيضاً حيوية وذكاء الدبلوماسية الصينية، وخير شاهد على ذلك هو الصين مؤخراً في المصالحة السعودية الإيرانية. 
ربما يكون هناك مكان أيضاً للهند وروسيا في عالم الكبار مستقبلاً، ولكن ما زال هناك الكثير من التحديات والإشكاليات أمام هاتين الدولتين التي ستحدد مكانتهما الدولية وتأثيرهما مستقبلاً.
ثاني هذه العوامل هو التغيير النوعي والملحوظ الذي يشهده الرأي العام الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية وخاصة في أوساط الشباب، فها هي المظاهرات الرافضة للغطرسة الإسرائيلية تجتاح الجامعات الأمريكية، تلك المظاهرات التي ضجت مضاجع إسرائيل واللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة، ودفعت نتانياهو للتعليق عليها، وها هي الإدارة تقمع حرية الرأي والتعبير وتتعامل بخشونة مع هذه المظاهرات بحجة معاداة السامية، على الرغم من التشدق الأمريكي المستمر بحقوق الإنسان ورعاية الديمقراطيات حول العالم، وعلى الرغم من موقف الإدارة الأمريكية يأبى منظمو هذه المظاهرات من الشباب إلا أن يثبتوا على مواقفهم، ومنهم شباب يهودي بالمناسبة، هؤلاء الشباب الأمريكي الذي لا يستقي معلوماته من الإعلام المنحاز لإسرائيل، وإنما من مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "تيك توك" الصيني الذي تحاول الإدارة الأمريكية أن توقف استخدامه في الولايات المتحدة، لا بد ألا نغفل عن هؤلاء الشباب، فهم قادة الغد وصانعو الرأي في المستقبل، وربما يتولون تغيير دفة القضية الفلسطينية نحو سلام دائم وشامل بعيداً عن لغة القوة والإبادة الجماعية التي تتبناها إسرائيل.
ثالث هذه العوامل هي القوة التصويتية للجالية العربية بالولايات المتحدة، التي بدأنا نرى تأثيرها مؤخراً، ففي ولاية ميتشجان وهي ولاية متأرجحة، خسر بايدن تعاطف الديمقراطيين من الأمريكيين العرب في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ووصل عدد المصوتين "بغير ملتزم" (نوع من التصويت مؤداه عدم ذهاب الأصوات لبايدن) إلى 100 ألف صوت، مما أحدث هزة عنيفة في أروقة الحزب الديمقراطي، أحد التحليلات تقول إن أصوات العرب ربما تكون أحد أسباب حسم الانتخابات الأمريكية الرئاسية القادمة، مما يعني أن أصوات العرب باتت لها وزن في تحديد الرئيس الأمريكي.
ربما يشاء القدر أن يأتي اليوم الذي يرى فيه أولادنا أو أحفادنا عودة الحق الفلسطيني المغتصب لأهله، ويعود أصحاب الأرض إلى قراهم وبيوتهم، نأمل أن يأتي هذا اليوم لتغلق صفحة سوداء من صفحات التاريخ العربي الحديث.