الثلاثاء 19 أغسطس 2014 / 00:51

كيف ستبدو السياسة الخارجية لأمريكا لو كانت كلينتون مكان أوباما؟

24 - طارق عليان

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالاً للكاتب آرون ديفيد ميلر، نائب رئيس مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين، تناول فيه اتهامات كلينتون لسياسة أوباما الخارجية بأنها "فاشلة" ولا تتبع أي مبادئ تنظيمية، مؤكداً أنها، حال فوزها بانتخابات الرئاسة 2008، لم تكن لتتبع سياسة خارجية مختلفة كثيراً عن الدور الأمريكي الحالي، لا سيّما وأن أوباما لم يكن ليعينها في وظيفة حساسة في إدارته إلا بعد أن يرى أن رؤيتها للعالم وما ينبغي لأمريكا عمله تتوافق مع رؤية إدارته، فكلاهما يتسم بالذكاء والوسطية البراغماتية والصبر

وكشف الكاتب أن لم أوباما وكلينتون لم يتفقا بشأن السياسة الأمريكية تجاه إيران، إذ ضغطت كلينتون لفرض عقوبات قاسية منذ أن كانت عضوا في مجلس الشيوخ عن نيويورك، وخلال المناظرات الرئاسية، عارضت فكرة المرشح أوباما للانخراط مع الإيرانيين بدون شروط مسبقة.

ولكن توقع الكاتب أن كلينتون كانت ستحذو حذو أوباما في الإقدام على إبرام صفقة مع إيران إذا كانت قد وصلت للرئاسة، وبعدها تختبر الاحتمالات خلال سنة أخرى من المفاوضات قبل الوصول إلى اتفاق نهائي، فقد كانت كلينتون هي من بدأت مسار المحادثات الأمريكية الإيرانية الحالية، قائلة إنها وأوباما متفقان بشأن استراتيجية المسار المزدوج من الضغط والاشتباك، أي تشديد العقوبات المستمر مع ترك الباب مفتوحاً أمام الدبلوماسية.

السلام بين العرب وإسرائيل
واعتبر الكاتب، أن كلينتون كانت أقل نقداً من أوباما للسياسات الإسرائيلية، وخاصة الرد العسكري على حماس، وعلى عكس أوباما، تتمتع هيلاري بعلاقات طويلة مع اللاعبين في عملية السلام الراسخة، وتعلمت من أسلوب زوجها، الذي أبرم اتفاقيتين مع زعيم الليكود، كيفية التعامل مع زعماء إسرائيل، وربما لحاولت هيلاري أكثر من أوباما تعزيز علاقاتها مع نتنياهو بحيث لم تكن لتسمح بالجفاء الحالي في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية.

مع ذلك، يقر الكاتب بصعوبة أن نتصور أن كلينتون كانت ستتخذ مساراً مختلفاً لتحقيق "مبدأ حل الدولتين"، أو تحقق نتائج مختلفة في ظل انعدام الثقة بين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

غزة
وعن الطريقة المحتملة التي كان يمكن لكلينتون التعامل بها مع حرب غزة مؤخراً، قال الكاتب إنها لعبت في عام 2012 دوراً مهماً في تسهيل وقف إطلاق النار إبّان فترة الرئيس المصري محمد مرسي، ولكن المرجح هذه المرة أنها لم تكن لتجني سوى فشل مماثل لجون كيري، ربما كانت لتتمتع بتأثير أكبر على نتانياهو، ولكن استعداد حماس لمواصلة القتال كان سيقلل من نجاح أي وساطة أمريكية كما هو حاصل.

سوريا
في مقابلتها الشهيرة مع مجلة "ذي أتلانتيك"، لفت الكاتب إلى أن كلينتون أكدت أن "الفشل في بناء قوة قتالية ذات مصداقية لمقاومة بشار الأسد ترك فراغاً كبيراً ملأه الجهاديون الآن"، وهو ما يبين اختلاف وجهات النظر بين كلينتون وأوباما في كيفية التعامل مع الحرب الأهلية السورية، يشار أنه في وقت مبكر من عام 2012، أرادت كلينتون مساعدة المتمردين لإضعاف الأسد.

ولكن يبرز الكاتب قصور وجهة نظر كلينتون أيضاً بشأن تغيير التوازن على أرض المعركة، مشيراً إلى أن كلينتون، كرئيسة، كانت ستضطر إلى دعم استراتيجية عسكرية أكثر شمولاً لا تنطوي على تسليح المتمردين فحسب، وإنما إنشاء مناطق حظر جوي تتيح للولايات المتحدة توجيه ضربات عسكرية ضد أهداف النظام السوري. ولم تكن لتذهب أبداً إلى هذا الحد، ناهيك عن ما إذا كان البنتاغون الذي يتجنب المخاطر سيؤيد ذلك، بل إنها قالت في مذكراتها إن سوريا "مشكلة بغيضة"، وإنها ليست متأكدة على الإطلاق أنها كرئيس كانت ستفعل ما هو أفضل للتعامل معها، ناهيك عن حلها.

ونفى الكاتب أن يكون قصده هو التقليل من مواهب هيلاري وقدراتها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ولكن الأمر يتعلق بتسليط الضوء على قضايا حرجة هذه الأيام عندما يتعلق الأمر بدور أمريكا في العالم، ومهما كانت مصممة على تأكيد قيادة الولايات المتحدة أو تعزيز مفهومها للقوة الذكية، فإن الطبيعة القاسية والتي لا ترحم للعالم كانت ستفرض عليها القيود الشديدة ذاتها، بحسب الباحث.