الخميس 21 أغسطس 2014 / 21:09

خيري شلبي.. المتسامح

القاهرة ـ خاص

ولدت ريم خيري شلبي في نفس العام الذي ولدت فيه رواية لأبيها، الروائي الكبير، 1970، وهي رواية "اللعبة خارج الحلبة"، وكان إهداؤها من نصيبها. ليس هذا فقط هو ما منحه لها خيري شلبي، فبعيداً عن كونه كاتباً شهيراً، فهو إنسان محب لأسرته، حريص على زرع القيم فيها، وإحاطتها طوال الوقت بالسعادة.

مرت سنوات كثيرة، وها هي ريم تصدر عملاً كاملاً عنه بعنوان "حكايات عم خيري شلبي"، عن دار "جهاد" راسمة صورة له تتضمن تفاصيل مدهشة لا يعرفها كثيرون عنه، لأنها صادرة عن أقرب الناس إليه.



رباط الكتب

كان خيري شلبي حريصاً على أن يرتبط حفيده بالكتب، تحكي ريم عن أنه كان يحمل ابنها أحمد ويسير به إلى جوار المكتبة متأملاً الكتب، وأشفقت عليه، وذهبت إليه لتحمل عنه أحمد، أو على الأقل لتساعده في البحث عن كتاب معين، وفاجأها مؤكداً أنه لا يبحث عن كتاب، ولكنه يحاول أن يخلق ألفة بين حفيده وبين الكتب.

العناية بمقتنياته
تروي ريم: "كان حريصاً دوماً على العناية بكل مقتنياته: أوراقه، أقلامه، ملابسه، مكتبه الذي لا يكف أبداً عن ترتيبه والعناية به، وكنت أشعر أن أشياءه نفسها تشعر بسعادة به أكثر من سعادته هو شخصياً بها، لأنها تعلم جيداً أنها في يد أمينة".

ليس غريباً بالطبع ذلك التسامح الكبير الذي كان سمة لبيت الروائي الكبير، تتذكر ريم أنها ذهبت لتفتح الباب يوماً ما، ووجدت "مقدس"، ورحبت به، وذهبت إلى والدها لتخبره بأن "الحاج المقدس" في انتظاره، وذهلت حينما وجدت أمها تنتحي لتقبل يده، وبعد رحيله قال لها الأب: "ما هو يا إما حاج يا مقدس".



 تحكي أيضاً عن ارتباطه بضاحية المعادي تحديداً، وكيف كان يركب "العجلة" قبل أن يدخل المترو الخدمة ليذهب إلى عمله في مجلة "الإذاعة والتلفزيون". تكتب: "كان أبي من النوع الذي يتعلق بالأماكن والأشياء، فمنذ أن دخل المعادي لم يستطع الخروج منها إلى آخر يوم في عمره، لقد كان يقول دائماً أنه كالسمكة والمعادي هي الماء. انتقل في المعادي من مكان إلى مكان، كلما ضاقت جدران الشقة بالكتب ننتقل إلى أخرى، حتى آخر شقة التي توفي بها، يوم أن دخلها لأول مرة نظر إليها، ثم نظر إلى السماء وطلب من الله أن يعيش بها عشر سنوات فقط، وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة". حينما انتقل إلى المعادي كان الأقرب إليه الملحن محمد سلطان وزوجته الفنانة فايزة أحمد التي كانت تستشيره في كل عمل جديد، وكانت تستعين به أيضاً ليُخرج لها من التراث ما يمكن أن يُعاد كتابته وغناؤه.



 تحكي ريم أيضاً عن ولع أبيها بآل البيت وبحثه دائماً في سيرهم الذاتية، وعن كرمه الشديد، وشبَّهته بالعمدة، الذي يفرح فرحة غريبة عندما يأكل أحدهم في بيته، وعن علاقته بزوجته، أم ريم، وعن فلسفته في قبول الهدايا، حيث لم يكن يقبل سوى الهدايا الرمزية ومن أقرب الناس إليه، وعن أول سيارة اشتراها، وهي فولكس ظهرت في فيلم "للرجال فقط" بطولة سعاد حسني ونادية لطفي، وكانت ملكاً للمثلة ليلى يسري التي كانت تقوم بدور صابحة بائعة اللبن وزوجها المخرج محمد شاكر صاحب أشهر صوت في الإعلانات وقتها، وقد أطلق خيري على هذه السيارة اسم "عزيزة"، وعن حرصه على تصوير أسرته كل عام على الأقل، وعن تربيته لهم على الحرية، وعن عدم محبته لفكرة عيد الميلاد التي تُذكِّر بعام ذهب من العمر.