الجمعة 22 أغسطس 2014 / 01:10

تقرير: ظاهرة قتل الصحافيين تفاقمت منذ غزو العراق ومن الصعب إيقافها

24- القاهرة- محمد فتحي يونس

قال تقرير صادر في القاهرة الخميس إن ظاهرة استهداف الصحفيين وقتلهم تفاقمت منذ غزو العراق عام 2003، لأسباب عديدة من بينها تخاذل المؤسسات الإعلامية في حمايتهم، وإفلات الجناة من العقاب.

وبحسب التقرير الصادر عن المركز الإقليمي للدراسات في مصر فإنه بالرغم من وجود ضمانات قانونیة ومواثیق دولیة تكفل الحمایة للصحفیین العاملین في مناطق النزاعات حول العالم، إلا أنھا لم تضمن الحمایة اللازمة لمئات الصحفیین الذین لقوا حتفھم أو أصیبوا أو اعتقلوا أثناء تغطیة أحداث عنف أو نزاعات مسلحة، في ظل وجود أطراف متنازعة غیر معنیة بالمواثیق الدولیة، ولا بسلامة المواطنین ومن بینھم الصحفیین.

ظاھرة متفاقمة:
ولا یمثل استھداف الصحفیین والمراسلین بالإصابة والقتل والاعتقال، أو حتى الإصابة والقتل الخطأ، ظاھرة جدیدة، غیر أنها تفاقمت منذ الحرب على العراق عام ۲۰۰۳، حیث شھدت الفترة الماضیة زیادة ملحوظة في أعداد المستھدفین من الصحفیین، لا سیما في دول الإقلیم نظراً لما شھدته المنطقة من صراعات مسلحة ولا زالت، راح ضحیتھا مئات الصحفیین المواطنین والأجانب، ما بین قتیل وجریح ومعتقل.

و رصدت العدید من الجھات المعنیة بحریة الصحافة وحمایة الصحفیین ھذه الظاھرة المتزایدة فأشار تقریر "لجنة حمایة الصحفیین" إلى مقتل ٥۲ صحفیاً أثناء قیامھم بعملھم خلال مواجھات مسلحة حول العالم في عام ۲۰۱۳، بینما رصدت "منظمة أطباء بلا حدود" مقتل ۷۱ صحفیاً.

وطبقا للتقریرین، فإن سوریا تبقى في طلیعة الدول التي تشھد أكبر نسبة استھداف للصحفیین، حیث كشف تقریر "لجنة حمایة الصحفیین" عن سقوط ۲۱ مراسلاً صحفیاً خلال عام ۲۰۱۳، وأشار إلى أن عملیات اختطاف الصحفیین والمصورین قد سجلت ارتفاعاً خلال العام نفسه لتصل إلى ۸۷ حالة اختطاف في مقابل ۳۸ خلال عام ۲۰۱۲، الغالبیة الساحقة منھا سجلت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا بواقع ۷۱ حالة، منھم ٤۹ صحفياً مخطوفاً في سوریا وحدھا، تلیھا منطقة جنوب الصحراء بواقع ۱۱ حالة اختطاف.

فیما بلغ عدد حالات الاعتقال ۲۱۱ حالة خلال عام ۲۰۱۳، حیث تحتل كل من تركیا وإیران والصین على التوالي صدارة الدول في مجال اعتقال وحبس الصحفیین، بینما تضم الدول الثلاثة أكثر من نصف العدد الإجمالي للمحتجزین من الصحفیین.

وبحسب تقاریر "لجنة حمایة الصحفیین"، فإن السمة الغالبة في مثل ھذه الجرائم ھي إفلات الجناة من العدالة في جمیع الحالات تقریباً. كما یعتبر الصحفیون المحلیون الأكثر عرضة لأخطار القتل والاعتقال، غیر أن ھذا لا ینفي وجود قتلى من الصحفیین والمراسلین الأجانب. في حین أن أغلب حالات اعتقال الصحفیین وتوقیفھم في الظروف العادیة، أو بالأحرى في عدم وجود نزاعات مسلحة، یكون المستھدف فیھا الصحفیون المستقلون العاملون في وسائل الإعلام الإلیكترونیة، وكذلك المدونون والناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي.

حمایة غير ُمفعلة:
وقال التقرير إن المواثیق الدولیة تمنح حمایة یمكن وصفھا بالكافیة للصحفیین وھم بصدد أداء مھامھم في مناطق النزاع المسلح، إلا أن هناك إخفاق في تنفیذ القواعد الساریة والتحقیق بصورة فاعلة في الانتھاكات وملاحقة مرتكبیھا وتوقیع العقوبة المناسبة علیھم. إذ یلاحظ شمول النصوص القانونیة والمواثیق التي تتناول حمایة الصحفیین أثناء أدائھم عملھم في مناطق النزاع، حیث صنفت ھذه القوانین العاملین في مجال الصحافة الواجب حمایتھم إلى عدة تصنیفات شملت على الأرجح تصنیفات أعمال تغطیة الحروب والنزاعات كافة، ومنها الصحفیون المعتمدون المرافقون للقوات المسلحة، ونصت على ذلك اتفاقیات القانون الدولي الإنساني مثل اتفاقیتي لاھاي لسنة ۱۸۹۹ و۱۹۰۷، واتفاقیة جنیف لأسرى الحرب لسنة ۱۹۲۹، واتفاقیة جنیف الأولى والثانیة والثالثة لسنة ۱۹٤۹.

 والصحفیون غیر المعتمدین الذين یقومون بتغطیة الأحداث في مناطق نزاع تتسم بالخطورة، وعني بوضعھم البروتوكول الإضافي الأول لسنة ۱۹۷۷ والذي يشیر في مجملھ إلى أن الصحفي تجب حمایته أثناء تأدیة مھمته باعتباره مدنیاً یكفل القانون الدولي الإنساني حمایته. وبحسب التقرير فإن عاملین أساسیین یسھمان بشكل كبیر في تفاقم ظاهرة استهداف الصحفيين، وھما أولاً الإفلات من العقاب؛ فالجناة غالبا يهدفون من القتل إلى الإفلات من عقوبات أخرى تنتج عن كشف الصحافة لانتھاكات ترتكبھا الأطراف المتنازعة على الأرض، الأمر الذي یدفع ھذه الأطراف إلى محاولة السیطرة على ما یتم تقدیمه من جانب الصحفیین من أخبار وصور وفیدیوھات تشیر إلى حدوث انتھاكات للقانون الدولي.

وطبقا لمؤشر حمایة الصحفیین لعام ۲۰۱٤، فإن ھناك ۱۰ دول من أصل ۱۳ دولة تظھر كل عام على قائمة مؤشر الإفلات من العقاب، منذ أن بدأت لجنة حمایة الصحفیین بإجراء التحلیل السنوي عام ۲۰۰۸.

وثالث الأسباب المفاقمة لظاهرة استهداف الصحفيين هو تخاذل المؤسسات الإعلامیة، فتهمل الإجراءات الاحترازیة الواجبة عند تكلیف أحد صحفییھا بتغطیة أحداث عنف أو صراعات مسلحة، وذلك من خلال التواصل مع الجھات المعنیة في منطقة الصراع والتنسیق معھا بشأن أوضاع مراسلیھا، كما لا تمد الصحفیین، في كثیر من الأحیان، بالسترات الواقیة من الرصاص، بالإضافة إلى عدم بذل الجھد المناسب لتحریر صحفییھا المحتجزین. فحسب مؤشر حمایة الصحفیین، فقد سبق عدد من عملیات القتل تھدیدات واضحة، إذ أن ما لا یقل عن أربعة من الصحفیین الذین قتلوا من أصل عشرة كانوا قد أبلغوا قبل مقتلھم عن تلقیھم تھدیدات، وھي كلھا اعتبارات تشیر إلى أن احتواء ظاھرة "استھداف الصحفیین"، خلال الفترة القادمة، یبقى احتمالاً یواجه صعوبات عدیدة.