السبت 23 أغسطس 2014 / 23:20

بلومبرغ: استراتيجية الاغتيالات الفاشلة لإسرائيل

24. فاطمة غنيم

قال مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية بالجامعة الأمريكية ببيروت رامي ج. خوري، في مقال له نشرته وكالة "بلومبرغ"، إن الاستراتيجية الإسرائيلية المتبعة منذ فترة طويلة لاغتيال أبرز قادة حماس وفتح وغيرهما من جماعات المقاومة الفلسطينية قد تجلت مرة أخرى في وقت مبكر قبل يومين عندما أصابت صواريخ إسرائيلية ثلاثة من كبار قادة الجناح العسكري لحماس وأودت بحياتهم.

وأضاف "لا شك أن قتلهم سيثلج قلوب كثير من الإسرائيليين ممن يعتقدون أن مثل هذه الضربات الحاسمة ضد قيادات حماس ستؤدي إلى إخضاع حركة المقاومة وتضمن الأمن والأمان من هجمات حماس الصاروخية".

واستدرك خوري بقوله: "لكن إسرائيل لن تنعم بأي إحساس بالرضا لفترة طويلة. فالدرس القاسي الذي تعلمته إسرائيل من نصف القرن الماضي الحافل بالاغتيالات الإسرائيلية أن مثل هذه العمليات تفضي إلى نتائج عكسية على خلاف المرجو منها. فبدلاً من أن تجعل المقاتلين الإسرائيليين يجبنون ويتراجعون أمام قوة إسرائيل وجبروتها، وجد أن اغتيالات هؤلاء القادة تدفع الفلسطينيين إلى ممارسة أعمال تضمن أن يكون الصراع التالي مع إسرائيل أكثر دموية".

وأوضح الكاتب: "لقد استجاب الفلسطينيون لخسارة قادتهم بتطوير هياكل قيادية أكثر أمناً وأصغر حجماً وأكثر سريةً لا يمكن اختراقها بسهولة من قِبل عملاء المخابرات الإسرائيلية. فجماعات مثل حماس شكلت لنفسها وحدات عملياتية أكثر لامركزية وأكثر استقلالاً تواصل عملها في الحرب والسلم حال إصابة القيادة بأية خسائر. وتطورت أنظمة قيادة وتحكم أكثر تعقيداً من ذي قبل لا تعتمد على صانع قرار وحيد. وزاد الدعم داخل المجتمع الفلسطيني للصراع الطويل المدى، ولجأت المقاومة نفسها إلى تقنيات واستراتيجيات، كالصواريخ وبناء الأنفاق، راسخة في المجتمعات الفلسطينية بقدر أكبر من اعتمادها على مهارات أو جاذبية مجموعة من القادة".

وأكثر الأمثلة وضوحاً، وأكثرها مفارقة أيضاً، بحسب الباحث، ذلك القيادي السياسي الحالي لحماس، خالد مشعل، الذي يعتبر هدفاً لخبراء الاغتيالات الإسرائيليين الذين وضعوا له السم في سبتمبر (أيلول) 1997 في عمان، الأردن.

وفي استجابة سريعة وحاسمة من الملك حسين، ملك الأردن الذي أبرمت حكومته اتفاقية سلام مع إسرائيل، أجبر الملك إسرائيل على توفير الترياق الذي أنقذ حياة مشعل. وزاد التعاطف مع مشعل بشكل مهول. وبات قادراً على العمل عن كثب مع دوائر متنامية ومتحدة المركز من عملاء حماس على نطاق مناطق فلسطينية عدة، وعبر المنطقة بأسرها من أجل زيادة قدرات المنظمة بشكل كبير. وفي الحروب الثلاث القصيرة في غزة، أُجبرت إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار لوقف الأعمال العدائية. لقد حارب إسرائيل الرجل الذي حاولت اغتياله ثلاث مرات دون أن ينتصر أي من الطرفين.

ورأى خوري أن الاغتيالات الحالية ستجعل كثير من الإسرائيلين يشعرون بالتفوق في صراعهم مع حماس، لكنها لن تجعل الإسرائيلين أكثر أمناً قط.

فحماس ليست جماعة إرهابية غير ذات جذور كالقاعدة التي ليس لها دعم حقيقي في المجتمع، والتي يمكن أن تتدهور إمكاناتها بفعل القضاء التدريجي على قادتها، مشيراً إلى أنه لم يفضِ اغتيال إسرائيل لقادة فلسطينيين ومصريين ولبنانيين وغيرهم من أبرز رجالات العرب منذ أواسط خمسينيات القرن العشرين لا إلى كسر شوكة المؤسسات المستهدفة (كحماس وحزب الله وفتح والجهاد الإسلامي ومنظمة التحرير الفلسطينية) ولا إلى تراجع المقاومة العربية للاحتلال الإسرائيلي.

لقد وقعت عملية الاغتيال الأولى الموثقة في يوليو (حزيران) 1956، والتي كان هدفها ضابط جيش مصري في غزة (لم يسمه الكاتب) كان يعكف على تجنيد الفلسطينيين لتنفيذ هجمات مرتجلة في إسرائيل. وبعد 60 عام ومئات من القتلى لاحقاً، أخفق خبراء الاغتيالات الإسرائليون في تحقيق السلام والأمان. وفي كل مرة يُقتل فيها قائد فلسطيني، أو مواطنون أبرياء بأعداد مهولة، يتطوع المئات، إن لم يكن الآلاف، من الرجال والنساء الفلسطينيين في صفوف حركات المقاومة مثل حماس. وقد يعتقد المرء أن الإسرائيليين لا بد وأنهم تعلموا الدرس الآن، وفقاً للكاتب.