الأربعاء 9 أكتوبر 2019 / 11:59

الانسحاب الأمريكي من سوريا...قرار خاطئ أخلاقياً واستراتيجياً

24- زياد الأشقر

رأى الكاتب برادلي باومان في صحيفة "نيويورك تايمز" أنه بينما يتعين على واشنطن أن لا تترك جنوداً أمريكيين يتعرضون للإذلال لحماية الأمن القومي الأمريكي، فإن قرار الرئيس دونالد ترامب سحب قواته من الحدود السورية التركية، قرار خاطئ أخلاقياً، ويكشف قصر نظر من الناحية الاستراتيجية.

نصيحة الرئيس الأمريكي الراحل جون كوينسي أدامز في القرن التاسع عشر، بأن لا تهتم الولايات المتحدة بالسياسة الخارجية ، لا تصلح لهذا العصر

ولفت إلى أن هذا القرار خاطئ، لأن قوات سوريا الديمقراطية التي تضم شريحة مهمة من الأكراد، قاتلت بشجاعة إلى جانب الولايات المتحدة لتفكيك ما يسمى بخلافة داعش، في حين يريد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سحق هذه القوات بدعوى مخاوف قديمة من الأكراد، وبسحبه الجنود الأمريكيين من الحدود السورية أو الانسحاب الشامل، أعطى ترامب الضوء الأخضر لمهاجمة تلك القوات.

وذكّر الكاتب بأن قوات سوريا الديمقراطية، تكبدت خسائر فادحة في القتال ضد داعش، إذ وفرت لها الولايات المتحدة القوة الجوية بشكل رئيسي، في حين تولت قوات سوريا الديمقراطية القتال على الأرض. 

شريك استثنائي
وفي هذا السياق قال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جوزف فوتيل الذي تقاعد أخيراً: "كانت قوات سوريا الديمقراطية شريكاً استثنائياً". وقُدرت خسائر هذه القوات بـ11 ألف قتيل في المعارك ضد داعش. ورغم أن داعش وإيديولوجيته لم ينهزم تماماً، إلا أن تضحيات قوات سوريا الديمقراطية، وفرت على الولايات المتحدة نشر عشرات الآلاف من الجنود على الأرض.

وقبل إعلان ترامب سحب قواته، طلبت الإدارة الأمريكية من قوات سوريا الديمقراطية إزالة مواقعها الدفاعية، ما يتركها عرضة للهجوم التركي المنتظر. وفككت قوات سوريا الديمقراطية تحصيناتها لأنها كانت واثقة من قدرة واشنطن الدبلوماسية على كبح جماح تركيا. لكن هذا الوعد يبدو الآن أجوف.

ورأى الكاتب أن في قرار ترامب قصر نظر من الناحية الاستراتيجية، لأنه سيدمر سمعة الولايات المتحدة باعتبارها حليفاً يمكن الثقة فيه في مختلف أنحاء العالم. وسيتندر ديبلوماسيون من روسيا، وإيران، والصين بالطريقة التي تعامل بها الولايات المتحدة أصدقاءها. وفي النهاية، سواءً كان ذلك في الشرق الأوسط، أو على صعيد التنافس العالمي، ستجد أمريكا صعوبة في حشد تحالفات لمواجهة التهديدات المشتركة.

وسيعني ذلك ترك التهديدات تزداد صعوبة، ولذلك فإن ميل ترامب إلى التخلي عن شركاء الولايات المتحدة، سيترك تأثيره في نقص الأمن للأمريكيين، ونشر المزيد من القوات الأمريكية في الخارج دون مساعدة من الحلفاء أوالشركاء. ويبدو أن ترامب يعتقد أن سحب القوات الأمريكية سيكون بهذه البساطة بينما تعمل الدول الأخرى على الدفاع عن نفسها ومعالجة مشاكلها.

حروب لا تنتهي
ولكن ليس ترامب وحده من يمضي في هذا التفكير الخاطئ. ففي القاعات الرسمية والمناقشات الرئاسية، وكذلك في قاعات الاستماع في الكابيتول هيل، تستخدم جوقة من السياسيين حججاً قوية، ومغرية تبدأ وتنتهي بالإشارات الساخرة إلى "حروب إلى الأبد" أو "حروب لا تنتهي".

واعتبر الكاتب أن نصيحة الرئيس الأمريكي الراحل جون كوينسي أدامز في القرن التاسع عشر، بأن تنصرف الولايات المتحدة عن السياسة الخارجية وتركز اهتمامها على مشاكل الداخل، لا تصلح لهذا العصر، الذي ينتشر فيه الإنترنت، والطائرات، وأسلحة الدمار الشامل، وقدرة الإرهابيين على قتل عشرات الآلاف. واليوم، إذا لم نقاتل الوحوش في الخارج، فيمكنها أن تقتلنا كما حدث في 11 سبتمبر(أيلول) 2001.