أبو بكر البغدادي (أرشيفية)
أبو بكر البغدادي (أرشيفية)
الأربعاء 30 أكتوبر 2019 / 16:46

خبراء لـ24: داعش لن يرد على مقتل البغدادي وسينشغل بهيكلة التنظيم

24 - القاهرة - عمرو النقيب

أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمكن قوات بلاده من القضاء على زعيم تنظيم داعش الإرهابي دونالد ترامب يوم 26 من أكتوبر(تشرين الأول) الجاري، بمدينة إدلب السورية، حالة من الجدل حول صحة ما أعلنته الولايات المتحدة بعد أن سبق لها وروجت لموته أكثر من مرة.

الروايات السابقة التي تركزت في عام 2017، ما بين القبض والقتل، كان أبرزها تصريح وزارة الدفاع الروسية يوم السادس عشر من يونيو(حزيران)، أن هناك احتمالاً لأن يكون البغدادي قد مات في غارة جوية روسية على مدينة الرقة في مايو(آيار) 2017، إلا أن تكذيباً صدر في الثالث والعشرين من يونيو(حزيران) من قبل المتحدث باسم التحالف الدولي ضد داعش، رايان ديلون.

في يوليو(تموز) من العام ذاته أكد النائب البرلماني الروسي ألكساي بوشقوف أن وفاة البغدادي شيء مؤكد لا شك فيه، وهو ما دعمته وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك" أن داعش يجهز من يخلفه.

في 16 يوليو(تموز) 2017 ذكرت وكالة "رويترز" أن البغدادي حي بنسبة 99% وأنه يعيش في مدينة الرقة السورية، قبل أن يصدر في 28 سبتمبر(آيلول) من العام ذاته، تسجيل صوتي على صفحات التنظيم زُعمَ أنه للبغدادي.

في 17 من ديسمبر(كانون الأول) 2017، أكدت الصحف التركية، القبض على البغدادي من قبل القوات الأمريكية في العراق، وتم نقله إلي قاعدة أمريكية في مدينة "رأس العين" الواقعة شمال شرق سوريا، وبعد ذلك تم نقله إلى مركز شرطة في مدينة "الحسكة".

ومع نهاية أكتوبر(تشربن الأول) الجاري، أعلن ترامب القضاء على البغدادي، واندثار جثته، بعد أن تم التأكد منها عبر تحليل البصمة الوراثية.

من جانيه أكد الباحث في العلاقات الدولية محمد ربيع، أن هناك شكوكا تحوم حول الإعلان الأمريكي بخصوص مقتل البغدادي وزوجتيه وثلاثة من أبنائه بأحزمةٍ ناسفةٍ كانوا يَرتدونها، وفي نفقٍ جرى إعداده خِصّيصا لحمايته، بعد نفي الروس علمهم بعملية القتل، وجريان العادة في عدم تصديق الرواية الأمريكية التي تفتقر الأدلة الدامغة.

ولفت ربيع إلى أنه من المؤكد أن تركيا على علم كامل بمقتل البغدادي، إن صح ما يزعمه ترامب، وربما قبلت بتسليمه في صفقة مع الولايات المتحده مقابل غض البصر عن الغزو التركي للأراضي السوريا ورفع العقوبات عنها، مشيراً إلى أن مقتل البغدادي، في المنطقة التي تقع على بعد 5 كيلو متر من الحدود التركية، إضافة إلى أنها خاضعة لسيطرة تركيا والجماعات المولية له يؤكد أنها لن تحدث دون تنسيق.

وأوضح ربيع، أن البعض يرى في مقتل البغدادي مسرحية هزلية صنعها ترامب بهدف إثبات قدرته على قيادة الولايات المتحدة وتحقيق الأمن والسلم العالمي، في ظل الحديث عن تراجع دور بلاده، وهذا من مُنطلق سعيه لأي انتصار يُحوّل الأنظار عن فشل مشروعه السوري ويظهره بمَظهر البطل لكسب الأنصار في معركته الانتخابيّة، إضافة إلى إثبات أنه أفضل من سابقه باراك أوباما.

وأشار ربيع، إلى أن ترامب لديه عُقدة أبديّة من سَلفه أوباما ويُريد تقليده في كُل شَيء، فالأوّل قتل بن لادن، وها هو يَقتُل البغدادي، مشدداً على أن تطابق روايتي مقتل زعيمي القاعدة وداعش وعدم وجود أي صور للقتيل في مقابل نفي أو تأكيد للتنظيم حتى الآن، إضافة إلى أن البغدادي أشيع عنه أنه قتل قرابة الخمس مرات وفي النهاية يثبت عكس ذلك.

وشدد على أن مقتل البغدادي، لن يُؤثّر كثيرا على التنظيم، حيث لم يكُن القائد الذي يُدير شُؤون مُنظّمته، وإنّما مُجرّد واجهة أو رمز، متوقعاً أن يكون التنظيم خلال الفترة القادمة أكثر عنفاً ودموية، من خلال عمليّات انتقاميّة لمَقتل زعيمه إذا تأكّد مقتله في أكثر من مكانٍ في العالم.

بينما استبعد مسؤول وحدة الرصد التركية بالأزهر، الدكتور حمادة شعبان، أن يقوم تنظيم داعش الإرهابي في الوقت الحالي بعمليات انتقامية للردِ على مقتل زعيمه، وإن حدثت فستكون عمليات على نطاقٍ ضيق تتسم بالفردية.

وقال شعبان، إن النظرة التاريخية إلى الجماعتين الأشهر في العراق "القاعدة" و"داعش" نجد أنها لم تُحاول القيام بعمليات انتقامية للرد على مقتل أحد زعمائها من أصحاب الأسماء المشهورة، حيث قُتِل الزرقاوي، وقتل "أبو عمر البغدادي"، وقُتل "أبو حمزة المهاجر"، وقُتل ابن "البغدادي"، وكذلك قتل "أسامة بن لادن"، ولم تقم أي من هذه الجماعات بعمليات انتقامية لمقتل هؤلاء.

ولفت الباحث في الشأن التركي إلى أنه بعد مقتل القادة يصبح الانشغال بالأمر الداخلي وإعادة بناء الهيكل التنظيمي للتنظيم، واختيار من سيرث القائد ويتولى مكانه، مثلما حدث بعد مقتل "أبو عمر البغدادي" و"أبو حمزة المهاجر" عام 2011، حيث انزوى التنظيم وانغلق على نفسه، وتولى البغدادي قيادته، وأعاد هيكلته من جديد بصورة تُشبه الشكل المؤسسي للدول.

وأضاف شعبان، أن قادة داعش يدعون كذباً وجهلا أنهم يقاتلون من أجل غايات إلهية، مستغلين دعاية تلتف حول بعض المصطلحات الدينية التي يستخدمونها في غير محلها، ولا يقاتلون من أجل قائدٍ يتمتع بكاريزما معينة، كما أن التنظيم يصف قتلاه بالشهداء ويمتدحهم بالشهادة والفدائية والتضحية، لذلك فسيكون حزنهم على موت قائدهم مجرد صدمة، ولعل تصريح التنظيم عندما تمت تصفية العقل الاستراتيجي له "أبو محمد العدناني" يوضح عقلية التنظيم وتفكيره، حيث خرج تعليقهم على مقتله وهو أحد أهم قادتهم "إننا نحب الموت أكثر من حبكم للحياة"، لذلك يٌعتقد أن التنظيم لن يقوم بعمليات إرهابية على الأقل على المدى القصير.