المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي (أرشيف)
المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي (أرشيف)
الثلاثاء 3 ديسمبر 2019 / 15:32

إيران أمام خيارين.. إما شمشون وإما سامسونغ

فيما تراجعت الموجة الأخيرة من الاحتجاجات في إيران، على الأقل لبعض الوقت، لفت أمير طاهري، كاتب إيراني لدى صحيفة "الشرق الأوسط " منذ عام 1978، إلى النخبة الخمينية الحاكمة ما زالت على ما يبدو عاجزة عن فهم سبب الانتفاضة، وكيفية التعامل مع نتائجها.

يذكِّر خيار شمشون بما تبناه هيرمان غويرنج، من كبار النازيين الألمان، الذي تفاخر بأنه يحمل بندقيته كلما واجه معضلة ثقافية يعجز عن فهمها

ولطالما يقدم فصيل بعينه، يقوده "المرشد الأعلى" علي خامنئي، تحليلاً بات سمة مميزة لمقاربة النظام لكل ما هو سياسي. إذ يقول إن الانتفاضة نتاج "مؤامرة خارجية شديدة الخطورة، ولا شيء آخر". وعلاوة عليه، يصر على أن القبضة الحديد تمثل الوسيلة الوحيدة للتعامل مع تبعات تلك المؤامرة.

وحسب طاهري، وصل الأمر لدرجة أن صحيفة "كايهان" التي يعتقد على نطاق واسع بأنها تعكس آراء خامنئي، دعت لتعليق مشانق "الأشرار" علناً، أياً يكن عددهم.

رد حيوي

وفيما يتعلق بـ"أعداء في الخارج" يعتقد أنهم يقفون خلف الانتفاضة التي هزت 120 مدينة، وذهب ضحيتها ما لا يقل عن 300 شخص، دعا خامنئي لاتباع وصفة "الرد الحيوي". وقد فسرت وكالة فارس للأنباء التابعة لقوات الحرس الثوري ( IRGC) تلك العبارة الغامضة بكونها خطة للانتقام من عدد من الدول التي تعتبر معادية للنظام الخميني.

وجاء في افتتاحية للوكالة: "يعيش أعداؤنا داخل بيوت زجاجية، كما أن معظم أصولهم الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية في مرمى ضرباتنا. وعندما ننزل بالعدو ضربات اقتصادية موجعة وأضرار عسكرية، نصيبه باليأس ونجبره على الركوع أمامنا".
ويفترض كاتب الافتتاحية أن "الأعداء" المستهدفين لن ينتقموا، وسوف ينتظرون ببساطة شديدة اللحظة المناسبة كي يرضخوا.

خيار شمشون

ورغم ذلك، تفاخر الناطق باسم الحرس الثوري الجنرال رمضان شريف، بأن "حماة الثورة الإسلامية مستعدون لجميع الاحتمالات حتى آخر قطرة دم". وحسب كاتب المقال، تكمن المشكلة في عدم تحديده أي دماء يعنيها بقوله.

ومن جانبه هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني بتنفيذ إجراء غير محدد ضد من سماهم "أعداء أجانب"، قائلاً: "إن لم نكن في أمان، لن ينعم أحد بالأمان".

إلى ذلك، خطب خامنئي، يوم الأربعاء الأخير، في طهران أمام متطوعين في ميلشيا الباسيج، وأوحى باستعداده لتبني ما تشير إليه دوائر سياسية في طهران بعبارة "خيار شمشون".

ويوم الجمعة، حذر عدد من الملالي في خطبهم الرسمية عبر البلاد من أن "محاولات تدمير الجمهورية الإسلامية تعني أيضاً تدمير أي شخص آخر".

ويلفت كاتب المقال لصعوبة معرفة من أين استوحى خامنئي "خيار شمشون"، بمعنى الانتقام من الأعداء. ولكن يذكِّر هذا الخيار بما تبناه هيرمان غويرنج، من كبار النازيين الألمان، الذي تفاخر بأنه يحمل بندقيته كلما واجه معضلة ثقافية يعجز عن فهمها.

رافضون
لكن رؤية خامنئي للأحداث لا يشاركه فيها كل من يحيطون به. وكان أبرز الرافضين ل ـ"خيار شمشون" سعيد حدادين، من أبرز المداحين المفضلين لدى خامنئي. ومن المعروف أن المداحين هم الذين ينظمون القصائد في مدح آل البيت.
فقد ألقى حدادين قصيدة أمام عدة آلاف خرجوا في طهران، في الشهر الماضي، دعماً لخامنئي. واختتمت تلك القصيدة بالأبيات التالية:
نحن محتجين لا ألوية من المعارضين،
مشكلتنا مع حماقتكم،
ونتجت الكارثة عن عجزكم،
اعترفوا ولو لمرة واحدة بأن كل ما جرى ناجم عن أخطائكم

كما حاول وزير الداخلية الإيراني رحماني فاضل أن ينأى بنفسه، وإن قليلاً عن رؤية خامنئي.
وقال في كلمة ألقاها يوم الاثنين الأخير: "يعود جزء من مشكلتنا لتدخل أجنبي. أما معظم مشكلاتنا الاقتصادية وما يتعلق بمستوى المعيشة فيعود إلى عيوب هيكلية".

خيار سامسونغ
وأما وزير الاتصالات أزهري جهرومي، نجم صاعد من الجيل الجديد من الموالين الذين أنشأهم الأمن الإسلامي، فهو يقدم بديله لخيار شمشون.

ويرى كاتب المقال بأنه يمكن تسمية خيار جهرومي بـ" خيار سامسونغ"، لأنه هو العقل المدبر لقطع الانترنت لعدة أيام من أجل الحد من زخم الانتفاضة. ولدى جهرومي خطة لجعل الوصول إلى الانترنت صعباً إن، لم يكن مستحيلاً، بالنسبة لملايين الفقراء الإيرانيين.
 
ويختم الكاتب رأيه بأن العالم يشهد من جديد ازدواجية الجمهورية الإسلامية، نظام لا يدري إن كان يجب أن يتصرف وفق عقيدته، أي يلجأ إلى"خيار شمشون"، أو مثل حكومة عادية لديها "خيار سامسونغ".