الأربعاء 4 نوفمبر 2020 / 21:27

الإمارات تواجه كورونا بدعم قيادتها وثقتهم بمستقبلها الأجمل

24- آلاء عبد الغني

منذ بدء تفشي فيروس كورونا المستجد في الصين في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019، اختطت دولة الإمارات نموذجاً عالمياً متفرداً في التعامل مع هذه الجائحة، وسخرت جميع إمكانياتها ومواردها للحد من تداعياته على مختلف الأصعدة.

وحرصت قيادة الدولة على دعم القطاع الصحي ورفده بكل ما يلزم حتى غدا يُشار إلى إنجازاته العالمية بالبنان في قدرته على التصدي لكورونا والتعامل مع هذا الوباء، وإجراء البحوث وإطلاق الاستراتيجيات والمبادرات لدعم الجهود المحلية والدولية في القضاء عليه.

صدارة عالمية
وتصدرت دولة الإمارات المركز الأول عربياً وإقليمياً، والـ9 عالمياً على قائمة أكثر دول العالم أمناً في مواجهة جائحة فيروس كورونا، وذلك وفقاً للقائمة التي تنشرها مجموعة "ديب نوليدج" للأبحاث التقنية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) حلت الإمارات في المركز الأول عربياً، في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء "كوفيد-19" الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية، الذي يغطي 122 دولة، وجاءت الإمارات في مقدمة الدول العربية، مدعومةً بالعديد من العوامل وعناصر القوة التي يأتي في مقدمتها النظام المؤسسي القوي، والقدرات الرقمية العالية لمختلف القطاعات،علاوةً على ارتفاع المستوى التعليمي للسكان، كما انعكس الأداء القوي للدولة بمختلف مؤسساتها خلال التعامل مع الجائحة منذ بدايتها وحتى الآن على النتائج المتحققة، إذ جاءت الإمارات ضمن المراكز ال 25 الأولى عالمياً في العديد من المؤشرات الفرعية، حيث حلت في المركز الخامس في مؤشر "المستوي الصحي للسكان"، والمركز 15 في مؤشر "قوة سوق العمل"، والمركز 17 في مؤشر "مستوى الدين"، والمركز 19 في مؤشر "الحوكمة ورأس المال الاجتماعي"، والمركز 21 في مؤشر "الاقتصاد الرقمي".

تجاوز الفحوصات عدد السكان
وأصبحت الإمارات أول دولة في العالم يتجاوز فيها عدد الفحوص المختبرية التي تم إجراؤها لاكتشاف الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد العدد الإجمالي للسكان، وذلك بالنسبة للدول التي يتخطى عدد سكانها مليون نسمة حيث تجاوز عدد الفحوص التي أجرتها المؤسسات الصحية في الدولة أكثر من 10 ملايين فحص، وهو دليل على كفاءة النظام الصحي، والجهود الكبيرة والاستباقية التي بذلتها الدولة لاحتواء الوباء بفضل دعم قيادتها غير المحدود، وجهود خط الدفاع الأول وتضحياتهم التي تدعم تسجيل الدولة للإنجازات واحداً تلو الآخر في مجال محاربة "كوفيد 19".

آخر الإحصائيات
وشهد الأسبوع الحالي إجراء 803,579 فحصاً على مستوى الدولة بارتفاع قدره 3% عن الأسبوع الأسبق، حيث كشفت هذه الفحوص عن انخفاض بنسبة 15% في الحالات المؤكدة ليبلغ عددها 8,525 حالة، وبناءً على هذه الأرقام المحدثة يبقى معدل الحالات الإيجابية من إجمالي الفحوصات عند نسبة 1%، ويظل المعدل الأقل مقارنة بكل من الاتحاد الأوروبي 9.1%، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 6.6%، ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 6.9%.

كما شهد هذا الأسبوع انخفاضاً في حالات الشفاء بنسبة 9% ليبلغ مجموعها 11,032 حالة، فيما بلغ مجموع حالات الوفاة 21 حالة، ليبقى معدل الوفيات عند نسبة 0.4%، وهو من أقل النسب عالمياً مقارنة بكل من الاتحاد الأوروبي 2.6%، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2.4%، ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 3.0%.

اللقاح ضد كورونا
ونجحت الإمارات في أن تكون من أوائل دول العالم في الحصول على لقاح ضد كورونا، وأصبحت شريكاً جوهرياً في الجهود العالمية لإيجاد لقاح ناجع وفعال للقضاء على الوباء، ومحط إشادة من المنظمات العالمية والمؤسسات الدولية في هذا المضمار، نتيجة خططها المدروسة، ورؤى قيادتها الطموحة التي لا تعرف المستحيل.

ففي يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت الدولة بدء المرحلة الأولى للتجارب السريرية الثالثة للقاح فيروس كورونا المستجد "كوفيد -19"، بالتعاون مع "تشاينا ناشونال بيوتك غروب" الصينية ومجموعة "جي 42" الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، والتي تقود العمليات الإكلينيكية للقاح في الدولة تحت إشراف دائرة الصحة - أبوظبي، وذلك انطلاقاً من ترحيب الإمارات ترحيب بجميع المساهمات التي تقدمها دول العالم والهيئات والأفراد من أجل خلق فرص جديدة في إطار من التعاون المثمر بهدف التغلب على هذا الوباء العالمي.

وتنقسم عملية التجارب السريرية عادةً إلى 3 مراحل تتضمن المرحلة الأولى بصورة أساسية سلامة اللقاح، في حين تعنى الثانية بتقييم توليد المناعة وتبحث في عملية التطعيم لعدد محدود من الأفراد، فيما تشمل الثالثة سلامة وفعالية اللقاح وسط شريحة أكبر من الناس، وفي حال ثبتت سلامة وفعالية اللقاح طوال عملية التجارب السريرية، حينها يتم اعتبار الفحص ناجحاً ويتم الانتقال لمرحلة تصنيع اللقاح على نطاق واسع.

ونجح اللقاح في اجتياز المرحلتين الأولى والثانية من التجارب دون أن يتسبب في أي آثار ضارة، حيث وصلت نسبة المتطوعين الذين تمكنوا من توليد أجسام مضادة بعد يومين من الجرعة إلى 100%.

وشارك خمسة عشر ألف متطوع من 107 جنسيات مختلفة في الإمارات في تجارب سريرية للقاح ضد فيروس كورونا المستجد خلال أقل من شهر، وهم على ثقة بأن صحتهم في أيدٍ أمينة، ولإيمانهم المطلق بأن صحة كل إنسان وحياته ورفاهيته وأمنه وسعادته هي على رأس أولويات قيادة الدولة، فبادروا إلى التطوع لتجربة اللقاح على خطى العديد من المسؤولين الذين كانوا في الصفوف الأمامية لدعم البرنامج الوطني للدولة، وللإسهام في الجهود الدولية لإنقاذ البشرية من هذا الوباء العالمي. 

وانطلقت تجارب المرحلة الثالثة للقاح الفيروس غير النشط في 16 يوليو (تموز) الماضي بمشاركة 140 طبيباً و300 ممرض، وإداريين وفنيين، وجرت التجارب بإدارة شركة متخصصة بالشراكة مع وزارة الصحة ودائرة صحة أبوظبي، إذ يتلقى المتطوعون فحوصاً منتظمة، وتجري تجربة اللقاح الذي أنتجته شركة "سينوفارم" الصينية في مرحلته الثالثة وفق معايير متقدمة في أبو ظبي والشارقة، وومع وصولهم إلى تجربة الجرعة الثانية، خضع المتطوعون لرصد متواصل لحالتهم الصحية، إلى جانب تلقيهم للخدمات الصحية المستمرة، وتستمر فترة التطوع والتجربة 42 يوماً.

الاستخدام الطارئ للقاح
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أجازت حكومة الإمارات الاستخدام الطارئ للقاح ضد "كوفيد-19" لإتاحته أمام الفئات الأكثر تعاملاً مع المصابين من أبطال خط الدفاع الأول، بهدف توفير كافة وسائل الأمان لهم، وحمايتهم من أي أخطار قد يتعرضون لها بسبب طبيعة عملهم، حيث يتوافق الاستخدام الطارئ للقاح بشكل تام مع اللوائح والقوانين التي تسمح بمراجعة أسرع لإجراءات الترخيص.

وتتم تجارب اللقاح الإماراتي الصيني تحت شعار "من أجل الإنسانية" في 4 دول عربية، وتحقّق سابقة جديدة من خلال مشاركة متطوعين في كل من (الإمارات والبحرين والأردن ومصر).

وفي مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أجازت مملكة البحرين الاستخدام الطارئ للقاح ضد "كوفيد – 19"، وتقرر إتاحته أمام الفئات الأكثر تعاملاً مع المصابين بفيروس كورونا من أبطال الصفوف الأمامية "بشكل اختياري"، بهدف توفير وسائل الأمان لهم وحمايتهم من أي أخطار قد يتعرضون لها بسبب طبيعة عملهم.

وأكدت وزيرة الصحة البحرينية فائقة الصالح، أن الاستخدام الطارئ للقاح يتوافق بشكل تام مع اللوائح والقوانين المعمول بها في البحرين، التي تسمح بالترخيص الاستثنائي في الحالات الطارئة، موضحة أن إجازة الاستخدام الطارئ للقاح ضد "كوفيد – 19" تأتي استكمالاً لجهود التنسيق والتعاون مع دولة الإمارات ممثلة في شركة "G42".

القدوة والنموذج
ولطالما كان قادة الإمارات هم قدوة أبنائها، والنماذج الرائدة يحتذى بها عالمياً في مواقف يسجلها التاريخ، ولذا لم تتوقف تجربة اللقاح ضد "كوفيد 19" عند المتطوعين من الإماراتيين والقاطنين على أرض الدولة من مختلف الجنسيات، وإنما بادر عدد من القادة والمسؤولين الإماراتيين إلى دعم البرنامج الوطني لاستخدام اللقاح ضد كورونا، وعلى رأسهم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي قال خلال حصوله على جرعة اللقاح: "نسأل الله أن يحفظ الجميع ويعافي الجميع، ونشيد بفرق العمل التي عملت جاهدة لتكون بلادنا من أوائل الدول عالمياً التي تحصل على لقاح لهذا الفيروس، والمستقبل دائماً أفضل وأجمل في دولة الإمارات".

ومنذ بدء جائحة كورونا، ما فتأت الإمارات تحول التحديات إلى فرص، وتواجهها بالأمل دائماً بغدٍ أجمل، ومستقبل أفضل، وهو ما أكد عليه كذلك وزير الخارجية والتعاون الدولي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان حين أرفق صورته عبر حسابه الرسمي على تويتر أثناء حصوله على اللقاح ضد كورونا بعبارة: "التطعيم من كورونا طريقنا للعودة للحياة الطبيعية".

طموحات الوطن
ودائماً ما يعطي قادة الإمارات بمواقفهم دروساً للأجيال القادمة من أبناء الدولة، يعلمونهم أن الإمارات لا تنحني أمام التحديات بل تسمو فوقها، وتحولها إلى إنجازات تعزز مكانتها عالمياً، وهو ما أكد عليه لقاء نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن رايد آل نهيان، اليوم الأربعاء، وتباحثهما بشأن طموحات الإمارات نحو تحقيق مزيد من الإنجازات في ظل قيادة رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، واستعراض جهود المؤسسات الوطنية في مكافحة جائحة كورونا، وخطط معالجة تداعياتها بما يحقق استدامة النمو في الدولة".

استراتيجية ما بعد "كوفيد19"
ومنذ تفشي الوباء وعجلة الإنجازات في الإمارات لا تتوقف، فالخطط والاستراتيجيات لم تعنى فقط في بحث تداعيات كورونا والتغلب عليها فحسب، بل وضعت حكومة الإمارات استراتيجية رائدة لمرحلة ما بعد "كوفيد 19"، وهي التي أعلن عنها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ختام اجتماعات حكومة الإمارات، والتي تتضمن اتخاذ عدد من الإجراءات في إطار الاستعداد للمستقبل، وحماية مكتسبات الدولة، وخلق حكومة أكثر رشاقة ومرونة وسرعة لتواكب أولويات وطنية جديدة ومختلفة، وتتضمن تلك الإجراءات مراجعة هيكل الحكومة وحجمها، وإمكانية دمج وزارات وتغيير هيئات.