صورة تعبيرية (أرشيف)
صورة تعبيرية (أرشيف)
الأحد 10 يناير 2021 / 16:26

الإمارات تمضي يداً بيد نحو التعافي من كورونا

24- آلاء عبد الغني

عام 2020 الحافل بالتحديات والأزمات التي ضربت أهم القطاعات الحيوية عالمياً تحت وطأة تفشي جائحة كورونا "كوفيد 19"، خرجت منه الإمارات وفي رصيدها إنجازات هامة استطاعت تحقيقها بفضل رؤية قيادتها الاستباقية، وقدرتها على تحويل التحديات إلى فرص، ومواجهة الأزمات بحنكة وحكمة، ما جعلها محل إشادات عالمية في استجابتها لأزمة كورونا بفاعلية، وأضحت نموذجاً يحتذى به.

وفي الساعات الأخيرة من 2020، حسمت الإمارات المعركة ضد الوباء، واستهلت العام الجديد 2021 بالانتقال إلى مرحلة التعافي بإجراءات تمثل نقلة نوعية في تصديها للجائحة، عبر إعلانها ممثلة بوزارة الصحة ووقاية المجتمع، عن توفر اللقاح للفيروس غير النشط ضد "كوفيد-19" في جميع المراكز الصحية بمختلف إمارات الدولة لجميع المواطنين والمقيمين فوق 18 عاماً، وخاصة كبار المواطنين وأصحاب الأمراض المزمنة، وجاء ذلك في أعقاب إعلان الوزارة التسجيل الرسمي للقاح، وفي إطار جهودها المتواصلة لحماية صحة أفراد المجتمع والاستفادة من أفضل الإمكانات التي وفرتها حكومة الإمارات لتمكين القطاع الصحي، وتعزيز كفاءته بمواجهة الفيروس. 

الفئات ذات الأولوية
ولم يأت توفير وزارة الصحة ووقاية المجتمع للقاح "كوفيد-19" المدرج والمسجل في مرافقها الصحية، إلا بعد النتائج الإيجابية التي أكدت فعالية اللقاح بنسبة عالية، وتم التركيز على إيلاء الأهمية للفئات الأكثر عرضة للإصابة ولاسيما كبار المواطنين من أصحاب الأمراض المزمنة، حفاظاً على صحتهم وسلامتهم، وانطلاقاً من حرص الوزارة على تقديم خدمات صحية متميزة لهم تقديراً لمكانتهم المجتمعية، وبما يحظون به من مكانة خاصة لدى قيادة الدولة، وذلك في إطار الجهود الوطنية الشاملة لتعزيز صحة وسلامة المجتمع من خلال تبني العلاجات المبتكرة، وتعزيز الطاقة الاستيعابية للقطاع الصحي، وتوسيع نطاق الفحوصات، إضافة إلى توفر الكوادر الطبية ذات الكفاءة العالية والمستلزمات الطبية والوقائية. 

صدارة عالمية
وتبوأت دولة الإمارات المرتبة الثانية عالمياً بين قائمة الدول الأكثر تطعيماً لسكانها ضد فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19"، بجرعة واحدة، حتى الرابع من يناير الجاري، وفقاً لبيانات الموقع العالمي ourworldindata "وورلد إن داتا"، التي أظهرت أن أن 8.35 شخص من بين كل 100 شخص في الإمارات تلقوا جرعة لقاح.

وتصدرت الدولة المركز الأول عربياً وإقليمياً، والـ9 عالمياً على قائمة أكثر دول العالم أمناً في مواجهة جائحة فيروس كورونا، وذلك وفقاً للقائمة التي تنشرها مجموعة "ديب نوليدج" للأبحاث التقنية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حلت الإمارات في المركز الأول عربياً، في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء "كوفيد-19" الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية، الذي يغطي 122 دولة، وجاءت الإمارات في مقدمة الدول العربية، مدعومةً بالعديد من العوامل وعناصر القوة التي يأتي في مقدمتها النظام المؤسسي القوي، والقدرات الرقمية العالية لمختلف القطاعات،علاوةً على ارتفاع المستوى التعليمي للسكان، كما انعكس الأداء القوي للدولة بمختلف مؤسساتها خلال التعامل مع الجائحة منذ بدايتها وحتى الآن على النتائج المتحققة، إذ جاءت الإمارات ضمن المراكز ال 25 الأولى عالمياً في العديد من المؤشرات الفرعية، حيث حلت في المركز الخامس في مؤشر "المستوي الصحي للسكان"، والمركز 15 في مؤشر "قوة سوق العمل"، والمركز 17 في مؤشر "مستوى الدين"، والمركز 19 في مؤشر "الحوكمة ورأس المال الاجتماعي"، والمركز 21 في مؤشر "الاقتصاد الرقمي".

تجاوز الفحوصات عدد السكان
وأصبحت الإمارات أول دولة في العالم يتجاوز فيها عدد الفحوص المختبرية التي تم إجراؤها لاكتشاف الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد العدد الإجمالي للسكان، وذلك بالنسبة للدول التي يتخطى عدد سكانها مليون نسمة حيث تجاوز عدد الفحوص التي أجرتها المؤسسات الصحية في الدولة أكثر من 10 ملايين فحص، وهو دليل على كفاءة النظام الصحي، والجهود الكبيرة والاستباقية التي بذلتها الدولة لاحتواء الوباء بفضل دعم قيادتها غير المحدود، وجهود خط الدفاع الأول وتضحياتهم التي تدعم تسجيل الدولة للإنجازات واحداً تلو الآخر في مجال محاربة "كوفيد 19".

جهود بلوماسية
ونجحت الإمارات في أن تكون من أوائل دول العالم في الحصول على لقاح ضد كورونا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بفضل جهودها الدبلوماسية الدؤوبة، وأصبحت شريكاً جوهرياً في الجهود العالمية لإيجاد لقاح ناجع وفعال للقضاء على الوباء، ومحط إشادة من المنظمات العالمية والمؤسسات الدولية في هذا المضمار، نتيجة خططها المدروسة، ورؤى قيادتها الطموحة التي لا تعرف المستحيل.

التجارب
في يونيو (حزيران) من عام 2020 الماضي، أعلنت الدولة بدء المرحلة الأولى للتجارب السريرية الثالثة للقاح فيروس كورونا المستجد "كوفيد -19"، بالتعاون مع "تشاينا ناشونال بيوتك غروب" الصينية ومجموعة "جي 42" الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، والتي تقود العمليات الإكلينيكية للقاح في الدولة تحت إشراف دائرة الصحة - أبوظبي، وذلك انطلاقاً من ترحيب الإمارات بجميع المساهمات التي تقدمها دول العالم والهيئات والأفراد من أجل خلق فرص جديدة في إطار من التعاون المثمر بهدف التغلب على هذا الوباء العالمي.

وتنقسم عملية التجارب السريرية عادةً إلى 3 مراحل تتضمن المرحلة الأولى بصورة أساسية سلامة اللقاح، في حين تعنى الثانية بتقييم توليد المناعة وتبحث في عملية التطعيم لعدد محدود من الأفراد، فيما تشمل الثالثة سلامة وفعالية اللقاح وسط شريحة أكبر من الناس، وفي حال ثبتت سلامة وفعالية اللقاح طوال عملية التجارب السريرية، حينها يتم اعتبار الفحص ناجحاً ويتم الانتقال لمرحلة تصنيع اللقاح على نطاق واسع.

ونجح اللقاح في اجتياز المرحلتين الأولى والثانية من التجارب دون أن يتسبب في أي آثار ضارة، حيث وصلت نسبة المتطوعين الذين تمكنوا من توليد أجسام مضادة بعد يومين من الجرعة إلى 100%، وشارك خمسة عشر ألف متطوع من 107 جنسيات مختلفة في الإمارات في تجارب سريرية للقاح ضد فيروس كورونا المستجد خلال أقل من شهر، وهم على ثقة بأن صحتهم في أيدٍ أمينة، ولإيمانهم المطلق بأن صحة كل إنسان وحياته ورفاهيته وأمنه وسعادته هي على رأس أولويات قيادة الدولة، فبادروا إلى التطوع لتجربة اللقاح على خطى العديد من المسؤولين الذين كانوا في الصفوف الأمامية لدعم البرنامج الوطني للدولة، وللإسهام في الجهود الدولية لإنقاذ البشرية من هذا الوباء العالمي.

وانطلقت تجارب المرحلة الثالثة للقاح الفيروس غير النشط في 16 يوليو (تموز) الماضي بمشاركة 140 طبيباً و300 ممرض، وإداريين وفنيين، وجرت التجارب بإدارة شركة متخصصة بالشراكة مع وزارة الصحة ودائرة صحة أبوظبي، إذ يتلقى المتطوعون فحوصاً منتظمة، وجرت تجربة اللقاح الذي أنتجته شركة "سينوفارم" الصينية في مرحلته الثالثة وفق معايير متقدمة في أبو ظبي والشارقة، ومع وصولهم إلى تجربة الجرعة الثانية، خضع المتطوعون لرصد متواصل لحالتهم الصحية، إلى جانب تلقيهم للخدمات الصحية المستمرة، وتستمر فترة التطوع والتجربة 42 يوماً.

الاستخدام الطارئ للقاح
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أجازت حكومة الإمارات الاستخدام الطارئ للقاح ضد "كوفيد-19" لإتاحته أمام الفئات الأكثر تعاملاً مع المصابين من أبطال خط الدفاع الأول، بهدف توفير كافة وسائل الأمان لهم، وحمايتهم من أي أخطار قد يتعرضون لها بسبب طبيعة عملهم، حيث يتوافق الاستخدام الطارئ للقاح بشكل تام مع اللوائح والقوانين التي تسمح بمراجعة أسرع لإجراءات الترخيص، وتمت تجارب اللقاح الإماراتي الصيني تحت شعار "من أجل الإنسانية" في 4 دول عربية، وحققت سابقة جديدة من خلال مشاركة متطوعين في كل من (الإمارات والبحرين والأردن ومصر).

القادة بالصفوف الأمامية
وتقدم قادة الإمارات وعدد من مسؤوليها الصفوف الأولى لدعم البرنامج الوطني لاستخدام اللقاح ضد كورونا، وعلى رأسهم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي أكد معلقاً على صورة نشرها عبر حسابه الرسمي على تويتر خلال حصوله على جرعة اللقاح، الجهود التي بذلتها بلاده لتكون من أوائل الدول التي تحصل على اللقاح على مستوى العالم بقوله: "نسأل الله أن يحفظ الجميع ويعافي الجميع، ونشيد بفرق العمل التي عملت جاهدة لتكون بلادنا من أوائل الدول عالمياً التي تحصل على لقاح لهذا الفيروس، والمستقبل دائماً أفضل وأجمل في دولة الإمارات".

وفي ظل انتشار الإصابات من جائحة كوفيد 19 في مختلف دول العالم وعدم وجود علاج، فإن صمام الأمان للوقاية من الإصابة بالفيروس، وتسهيل العودة إلى الحياة الطبيعية، هو اللقاح الذي يرسم الطريق الأقصر والأكثر أماناً لحماية أفراد المجتمع، وهو ما أكد عليه كذلك وزير الخارجية والتعاون الدولي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان حين أرفق صورته عبر حسابه الرسمي على تويتر أثناء حصوله على اللقاح ضد كورونا بعبارة: "التطعيم من كورونا طريقنا للعودة للحياة الطبيعية".

وأمام تفشي جائحة كورونا، يقف العالم أجمع أمام مفترق طرق أمامه خياران فقط لا ثالث لهما، كما بيّن المتحدث الرسمي للإحاطة الإعلامية لحكومة الإمارات الدكتور عمر الحمادي، الأول طريق بلا لقاح، نتج عنه وفيات تقترب من المليونين، و88 مليون إصابة، وشلل في مفاصل الاقتصاد والتعليم والصحة والسياحة، وثانيهما طريق باللقاح آمن وفعال، فيه وقاية من الإصابة والمضاعفات ونشر العدوى، ويردم الأول.

اللقاح اختياري
وأوضح أن أخذ اللقاح هو أمر اختياري متروك لرغبة الفرد، وهو مسؤول عن حماية نفسه من الإصابة ومن المضاعفات، ومسؤول عن تقليل فرص انتقال العدوى للآخرين، لافتاً إلى أن الوصول لمناعة وحصانة المجتمع بحاجة إلى قناعة الأفراد بأهمية اللقاح.

وحرصاً على صحة وسلامة الجميع من مواطنين ومقمين، يُمنع في الدولة أخذ اللقاح لمن لديه حساسية شديدة من اللقاحات سابقاً أو المواد الأخرى، والنساء الحوامل والمرضعات، واللواتي يخططن للحمل في الشهور الثلاثة القادمة ، ولمن لديه تاريخ مرضى لإصابة شديدة بمرض "كوفيد 19".

حملة وطنية
وأطلقت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في الإمارات، حملة: "يداً بيد نتعافى"، انطلاقاً من أن صحة وسلامة الإنسان أولوية، مؤكدة أنه "لتحقيق التوازن الاستراتيجي بين القطاعات كافة، لابد من تحويل التحدي إلى فرص سانحة، وبالتكامل المجتمعي والتضامن الدولي نتعافى".

تضافر الجهود
وضرب مجتمع الإمارات نموذجاً استثنائياً في الالتزام بتوجيهات القيادة والحكومة، والإجراءات والتعليمات الصادرة عن الجهات المعنية، ما لعب دوراً كبيراً في وصول الدولة إلى المراكز الأولى عالمياً في مواجهة الجائحة، وانطلاقاً من الثقة الكبيرة برؤية القيادة الإماراتية وتوجهاتها الطموحة، سارع المواطنون والمقيمون على أرض الدولة إلى تلقي اللقاح المضاد لكورونا، لدعم الجهود الوطنية المبذولة من أجل كسر سلسلة انتقال العدوى وتفشي الوباء، والقضاء عليه، مع استمرار الالتزام التام بالإجراءات الوقائية للمحافظة على المكاسب والإنجازات التي تحققت في هذا المضمار.

وبلغ مجموع الجرعات التي قدمتها وزارة الصحة ووقاية المجتمع منذ بدء حملة التطعيم المجاني للمواطنين والمقيمين فوق 18 عاماً في الإمارات حتى اليوم الأحد، 1,086,568 جرعة، ومعدل توزيع اللقاح 10.99 جرعة لكل 100 شخص.

وأعلنت الحكومة الإماراتية عزمها الوصول إلى تطعيم أكثر من 50% من السكان خلال الربع الأول من العام الجاري، بغرض الوصول إلى المناعة المكتسبة من التطعيم، ضمن مساعيها الرامية إلى الحفاظ على سلامة المجتمع وصحة أفراده، وكانت الإمارات من الدول السباقة إلى توفير اللقاح لجميع لاقاطنين على أرضها، إلى جانب مساهمتها في الجهود الدولية لإيجاد لقاح فعال ضد الفيروس، علاوة على مبادراتها وأبحاثها وإنجازاتها العلمية والطبية في هذا المجال، وإطلاق ائتلاف الأمل من أبوظبي، الذي يضم جهات رائدة محلياً وعالمياً ويقدم حلولاً متكاملة لسلسلة التوريد لتلبية متطلبات عملية نقل اللقاح وتخطيط الطلب والتوريد والتدريب، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية الرقمية للمساهمة بشكلٍ فاعل في توفير اللقاح لجميع دول العالم.

بدء حملة التطعيم ضد كورونا يبعث الأمل باقتراب انتصار الإمارات في التحدي العالمي الذي فرضه تفشي الوباء، والعودة إلى الحياة الطبيعية، والتعافي من جميع التداعيات التي ألقت بظلالها على جميع القطاعات دون استثناء، وهو ما سيبقى رهناً بوعي الجميع وتحملهم لمسؤولياتهم، والمضي يداً بيد نحو التعافي التام من "كوفيد 19".