الجمعة 5 فبراير 2021 / 14:44

4 سيناريوهات محتملة تواجه "مسبار الأمل" عند اقترابه من مدار المريخ

أعلن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أن "مسبار الأمل" قد أنهى بنجاح ثالث المراحل الست من رحلته التاريخية لاستكشاف الكوكب الأحمر، وهي "الملاحة في الفضاء" التي تعد أطول مراحل المهمة الفضائية الأولى التي تقودها دولة الإمارات لاستكشاف الكواكب، واستغرقت هذه المرحلة نحو 7 أشهر.

وكانت مرحلة "الملاحة في الفضاء" قد بدأت عقب انتهاء مرحلتي الإطلاق والعمليات المبكرة، وبلغ متوسط سرعة المسبار خلالها نحو 121 ألف كليومتر في الساعة، وشهدت ثلاث مناورات رئيسية لتوجيه المسار حتى يكون المسبار في المسار الصحيح صوب مدار المريخ.

الوصول للكوكب الأحمر
وبعد إنهائه مرحلة الملاحة في الفضاء بنجاح، يبدأ مسبار الأمل في مرحلة الدخول إلى المريخ، وهي أصعب مراحل المهمة الفضائية وأكثرها خطورة، وتستغرق 27 دقيقة قبل وصول المسبار بنجاح إلى مداره المحدد حول الكوكب الأحمر، ويواجه المسبار في هذه المرحلة 5 سيناريوهات رئيسية ثلاثة منها تكلل المهمة بالنجاح، والرابع يعد نجاحاً جزئياً للمهمة بوصولها إلى هذه المرحلة المتقدمة، والخامس قد يعني فقدان المسبار في الفضاء أو تحطمه.

وتكمن صعوبة هذه المرحلة في أن الاتصال يكون منقطعاً مؤقتاً بالمسبار الذي يعمل طوال هذا الوقت بشكل ذاتي، إذ يكون الاعتماد في نجاحها كلياً على عمليات البرمجة التي قام بها مسبقاً فريق العمل عند بناء وتصميم المسبار، والتي يصعب تجربتها في ظروف مشابهة على كوكب الأرض، وفي هذه المرحلة يركز فريق العمل على إدخال مسبار الأمل في مدار الالتقاط حول المريخ بشكل آمن، ومن أجل إتمام هذه المهمة بنجاح سيتم حرق نصف كمية الوقود الموجودة في خزانات المسبار لإبطائه إلى الحد الذي يسمح بإدخاله في مدار الالتقاط، وتستمر عملية حرق الوقود باستخدام 6 محركات للدفع العكسي (دلتا في) لمدة 27 دقيقة لتقليل سرعة المسبار من 121,000 كم/ساعة إلى 18,000 كم/ساعة، ونظراً لكونها عملية دقيقة، فقد تم تصميم المسبار لهذه المرحلة بحيث يتم تشغيله بشكل ذاتي ومستقل.

اختبار الأنظمة
وبعد إتمام هذه العملية بنجاح سيتم إعادة فحص واختبار جميع الأنظمة والأجهزة العلمية الموجودة على متن المسبار قبل الانتقال إلى المرحلة العلمية التي سيتم خلالها إجراء أول اتصال مع المسبار مع المحطة الأرضية عبر شبكة مراقبة الفضاء العميق من خلال محطتها الرئيسية في العاصمة الإسبانية مدريد.

وأكد مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" المهندس عمران شرف أن "مشاريع استكشاف الكواكب دائماً ما تكون محفوفة بالتحديات والمخاطر، وخصوصاً مهام استكشاف المريخ حيث أن تحديات إرسال قمر اصطناعي إلى الكوكب الأحمر تعادل 5 أضعاف القيام بالمهمة نفسها حول كوكب الأرض".

دراسة التحديات
وقال شرف إن "فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ كان قد درس كل التحديات المحتملة -الرئيسي منها والفرعي- التي يمكن أن يواجهها مسبار الأمل في رحلته لاستكشاف المريخ، وجرى أخذ جميع هذه الاحتمالات في الحسبان عند تصميم وبناء وبرمجة المسبار لمساعدته على تخطي التحديات التي قد يواجهها، ولكن هذا لا يمنع إمكانية تعرض المسبار لأية ظروف طارئة قد تؤثر على الجدول الزمني للرحلة أو على فرص نجاحها، وخصوصاً في مرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ، والتي تعد أصعب مرحلة في رحلة المسبار.

وأضاف شرف أن "صعوبة مرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ تعود إلى أن المسبار عليه أن يخفض سرعته البالغة 121 ألف كيلومتر في الساعة إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة خلال 27 دقيقة فقط، والتحدي الأكبر في هذه الدقائق هو انعدام تحكم مركز الخوانيج في دبي بالمسبار خلال هذه المدة الحرجة، والتي تسمى "الدقائق الـ27 العمياء"، حيث أن المسبار يعالج كافة التحديات التي يواجهها في هذه الفترة بنفسه، وفي حال تعطل أكثر من اثنين من محركات الدفع العكسية، سيتسبب ذلك في أن يتيه المسبار في الفضاء العميق ولا يمكن استرجاعه.

إنجاز عالمي
وتابع شرف أنه في حال استطاع مسبار الأمل دخول مدار المريخ بنجاح، ستكون دولة الإمارات الخامسة في تاريخ البشرية التي تصل إلى الكوكب الأحمر، وهذا يؤكد حجم الإنجاز الذي يتحقق، وخصوصاً أن نسبة نجاح الوصول إلى المدار تاريخياً لا تتعدى 50%.

السيناريوهات المحتملة
وحدد المهندس عمران شرف قائد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل 5 سيناريوهات رئيسية لعملية دخول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط حول المريخ، بالإضافة إلى العديد من الاحتمالات الفرعية المندرجة ضمن كل سيناريو رئيسي، مشيراً إلى أن 3 من هذه السيناريوهات ستكلل مهمة المسبار بالنجاح التام في هذه المرحلة.

وقال إن "السيناريو الأول الذي عمل فريق المشروع على الاستعداد له طوال السنوات الماضية من عمر المشروع هو دخول المسبار بنجاح إلى مدار الالتقاط عبر قيامه ذاتياً بتخفيض سرعته من 121 ألف كيلومتر إلى 18 ألف كيلو متر خلال الدقائق الـ27 العمياء، والتي يكون خلالها تأخر في الاتصال بحوالي 11 دقيقة مع مركز التحكم الأرضي في دبي، وذلك من خلال أن تعمل بكفاءة أجهزة الدفع العكسي التي برمجها فريق العمل سلفاً للقيام بهذه المهمة بشكل ذاتي ومن دون تدخل بشري، وحينها سيدخل المسبار بشكل آمن، وفي الموعد المحدد وفقاً للجدول الزمني، إلى مدار المريخ، وتكون هذه المرحلة قد كللت بالنجاح.

فقدان المحركات
وأضاف عمران شرف أن "السيناريو الثاني هو فقدان واحد أو اثنين من محركات الدفع العكسي ما سيترتب عليه زيادة المدة الزمنية اللازمة للوصول إلى المسبار، وبالتالي حدوث تأخر طفيف في التأكد من إنجاز هذه المرحلة بنجاح".

وتابع: "السيناريو الثالث والرابع الذي لا نتمنى حدوث أي منهما هو تعطل أكثر من اثنين من محركات الدفع العكسي الستة للمسبار وفشل عملية الدخول إلى مدار الالتقاط ما يمكن أن يترتب عليه تحطم المسبار بعد اصطدامه بالمريخ أو أن يتجاوز الكوكب الأحمر ويتيه في الفضاء ولا يمكن استعادته، أما السيناريو الرابع والأخير فهو وصول المسبار بنجاح إلى مدار الالتقاط حول المريخ مع فقدان الاتصال الدائم به، موضحاً أن ذلك سيعد نجاحاً جزئياً لمهمة "مسبار الأمل" بوصولها إلى هذه المرحلة المتقدمة.

خطط بديلة

وأكد شرف أنه رغم احتمالية حدوث أي من السيناريوهات السابقة أو غيرها إلا أن فريق المشروع كان قد عمل على وضع خطط بديلة في مراحل تطوير وبرمجة المسبار لجميع هذه السيناريوهات، ولذا نحن على ثقة أن جهود الفريق الدؤوبة طوال السنوات الماضية سوف تتكلل بالنجاح بإذن الله.

وكان مسبار الأمل أنهى بنجاح 3 مراحل في مهمته التاريخية الأولى من نوعها، منذ انطلاقه من مركز تانيغاشيما للفضاء في اليابان على متن الصاروخ "إتش 2 إيه" يوم العشرين من يوليو (تموز) 2020 عند الساعة 01:58 فجراً بتوقيت دولة الإمارات، وهي: مرحلة الإطلاق ومرحلة العمليات المبكرة، ومرحلة الملاحة في الفضاء، ويتبقى أمام المسبار ثلاث مراحل أخرى هي الدخول إلى مدار المريخ، والانتقال إلى المدار العلمي ثم المرحلة العلمية التي سيقوم خلالها المسبار عبر أجهزته العلمية بجمع وإرسال البيانات حول الكوكب الأحمر، ولكل من هذه المراحل مخاطرها وطبيعتها الخاصة وتحدياتها النوعية التي تتطلب التعامل معها بكل دقة وكفاءة ومهارة من جانب فريق العمل.