علم دولة الإمارات أمام كوكب المريخ (تعبيرية)
علم دولة الإمارات أمام كوكب المريخ (تعبيرية)
الثلاثاء 9 فبراير 2021 / 10:57

ساعات تفصل بين مسبار الأمل والمريخ لتحقيق حلم زايد والعرب

24- آلاء عبد الغني

ساعات قليلة تفصل مسبار الأمل عن اللحظة الحاسمة في رحلته إلى الكوكب الأحمر، حاملاً معه حلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والعرب إلى المريخ، تتابعه عيون الملايين في مشارق الأرض ومغاربها، من الذين ينتظرون نجاح مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ، أول مهمة عربية لاستكشاف الكواكب والفضاء، لتصنع الإمارات إنجازاً تاريخياً يلهم الأجيال وتؤكد مرة أخرى أن "لا شيء مستحيلاً".

وسيصل "مسبار الأمل" اليوم، إلى مدار الالتقاط حول كوكب المريخ، بعدما سافر في الفضاء العميق بمتوسط سرعة بلغ 121 ألف كيلو متر في الساعة، طوال نحو 7 أشهر، منذ انطلاقه من قاعدة "تاناغاشيما" الفضائية في اليابان في 20 يوليو (تموز)، قاطعاً نحو 493 مليون كيلومتراً.

سباق عالمي
ويشهد فبراير (شباط) الجاري، تسابقاً بين 3 دول للوصول إلى الكوكب الأحمر هي، الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، إضافة إلى دولة الإمارات، وفي حال نجاح "مسبار الأمل" وتخطيه الدقائق الـ27 العمياء والوصول إلى مدار الكوكب، في الموعد المحدد أو بتأخير قد يصل إلى ساعتين حسب السيناريوهات التي وضعها واستعد لها فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ستكون الإمارات في مقدمة هذا السباق، وستصبح خامس دولة عالمياً تصل إلى مدار المريخ، والثالثة عالمياً التي تصل إلى مدار الكوكب الأحمر من المحاولة الأولى.

وفي صورة نجاح المحاولة، ستحقق الدولة إنجازاً عالمياً يفوق نسبة نجاح الوصول إلى مدار الكوكب الأحمر، والتي لا تتعدى تاريخياً 50%، لتحقق بذلك آمال وطموحات شعوب أكثر من 56 دولة عربية وإسلامية. 

دبي همزة الوصل
وفور دخول مسبار الأمل إلى مدار الكوكب، ونجاح فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في الاتصال به عن طريق مركز التحكم الأرضي في الخوانيج، ستكون دبي نقطة اتصال بين كوكبي الأرض والمريخ، على مدار سنة مريخية كاملة تمتد 687 يوماً بحسابات الأرض، ويواصل الفريق إرسال الأوامر وتلقي الإحداثيات من المسبار حتى وصوله بأمان إلى مداره العلمي، ثم إلى المرحلة العلمية، وبعد التأكد من سير الرحلة وفق ما خطط له الفريق، سيكون التواصل مع المسبار مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، مدة كل نافذة اتصال من 6 إلى 8 ساعات يومياً، علماً أن تأخر الاتصال، بسبب  المسافة يتراوح بين 11 و 22 دقيقة، لإرسال الأوامر إلى المسبار وأجهزته العلمية، ولاستقبال البيانات العلمية التي يجمعها المسبار طوال مهمته، وذلك بالتعاون مع الشركاء العلميين الدوليين للمشروع.


التحدي الأكبر
وينتظر "مسبار الأمل" عند دخوله إلى مدار المريخ، أحد أصعب التحديات التي مر بها، منذ ولادته فكرة في الخلوة الوزارية لحكومة دولة الإمارات في 2014، ثم خطة استراتيجية، وأخيراً مشروعاً علمياً عملاقاً بأهداف غير مسبوقة في تاريخ البشرية، تحت اسم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، إذ سيتحتم على المسبار الذي سافر في الفضاء بسرعة 121 ألف كيلومتراً في الساعة، أن يبطئ ذاتياً بإبطاء سرعته إلى 18 ألف كيلومتراً في الساعة فقط، في 27 دقيقة تعرف بـ "الدقائق الـ 27 العمياء"، باستخدام محركاته الستة للدفع العكسي من طراز "دلتا في"، لتجاوز هذا التحدي دون تدخل بشري، لكن إذ ظهر عُطل في أكثر من محركي الدفع العكسية، التي يستخدمها المسبار لإبطاء سرعته،  فيتيه المسبار في الفضاء العميق أو يتحطم، ولن يتسنى استرجاعه.

وفي كل الحالات ستكون اللحظة الحاسمة مساء اليوم، عندما يستلم فريق المحطة الأرضية في الخوانيج إشارة المسبار فور تخطيه الدقائق الـ27 العمياء إيذاناً بإعلان نجاح المهمة في هذه المرحلة.

المهمة العلمية
عند دخوله إلى مدار المريخ، سيستخدم المسبار ثلاثة أجهزة متطورة لتوفير صورة شاملة للغلاف الجوي المريخي، ولمراقبة طقس الكوكب، ودراسة طريقة خروج الغازات من غلافه الجوي إلى الفضاء.

وستبدأ هذه الدراسات في وقت لاحق حالما تنتهي مناورة المركبة واستقرارها في مدارها النهائي على ارتفاع يتراوح بين 20 و43 ألف كيلومتر، وسيسمح المدار للمركبة بالتقاط صورة كاملة للغلاف الجوي في جميع أنحاء الكوكب وفي أوقات مختلفة من اليوم.

وسيدور المسبار حول الكوكب الأحمر لمدة سنة مريخية كاملة على الأقل أي 687 يوماً بالتقويم الأرضي، قابلة للتمديد سنة مريخية إضافية، كما ستبدأ الأجهزة العلمية في المسبار إرسال المعلومات إلى الأرض في سبتمبر(أيلول) المقبل لتصبح البيانات بعدها متوفرة للعلماء حول العالم.

ومن المنتظر أن يجمع مسبار الأمل أكثر من 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، لإيداعها في مركز للبيانات العلمية في الإمارات، وسيعمل الفريق العلمي للمشروع على فهرستها وتحليلها وإتاحتها للبشرية لأول مرة، ومشاركتها مجاناً مع المجتمع العلمي المهتم بعلوم المريخ حول العالم في سبيل خدمة المعرفة الإنسانية.

وتتضمن أهداف "مسبار الأمل" عند وصوله بنجاح إلى مداره حول الكوكب الأحمر، تقديم صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ للمرة الأولى في تاريخ البشرية، الأمر الذي سيساعد العلماء على فهم أعمق لأسباب تحول كوكب المريخ، من كوكب مشابه للأرض إلى كوكب جاف، ومن شأن فهم الغلاف الجوي لكوكب المريخ أن يساعد كذلك على فهم كوكب الأرض والكواكب الأخرى بشكل أفضل.

الإعلان عن المشروع
ومشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" هو مبادرة استراتيجية وطنية أعلنها رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ونائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في 16 يوليو (تموز) 2014، لتكون دولة الإمارات، عند نجاح مهمة مسبار الأمل، خامس دولة في العالم تصل إلى المريخ تنفيذاً للبرنامج العلمي النوعي الذي تملكه لاستكشاف الكوكب الأحمر.

وكلف مركز محمد بن راشد للفضاء من قبل حكومة دولة الإمارات بإدارة وتنفيذ جميع مراحل المشروع، في حين تتولى وكالة الإمارات الفضاء الإشراف العام عليه، ليتزامن وصوله إلى مدار المريخ، وانطلاق الدراسات العلمية، مع الذكرى الخمسين لإعلان اتحاد دولة الإمارات.

مسيرة متواصلة
وسيشكل مسبار الأمل علامة فارقة في تاريخ دولة الإمارات، ونقطة انطلاق نحو الأعوام الخمسين المقبلة، بطموح أكبر وإصرار أعظم على مواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات لها ولدول المنطقة وشعوبها، وتمضي الإمارات بعزيمة وإصرار لترسخ مكانتها العالمية في السباق الفضائي العالمي.

وبعد المريخ ستكون الوجهة، استكشاف القمر عبر تطوير مُستكشف إماراتي الصنع للهبوط على سطح القمر في 2024 لإجراء اختبارات لدراسة جوانب مختلفة من سطحه، وتربته، والخصائص الحرارية للهياكل السطحية، والغلاف الكهروضوئي للقمر، وقياسات البلازما والإلكترونيات الضوئية، وجزيئات الغبار الموجودة فوق الجزء المضيء من القمر.