صورة تعبيرية (أرشيف)
صورة تعبيرية (أرشيف)
الثلاثاء 6 أبريل 2021 / 11:36

باستراتيجيات نوعية ... الإمارات تقفز باقتصادها نحو المستقبل

24- آلاء عبد الغني

أسبوعان فقط يفصلان بين حدثين مهمين في دولة الإمارات، من شأنهما تعزيز مسيرة الاقتصاد الوطني من أجل ازدهار اقتصاد المستقبل الذي ترسم القيادة الإماراتية الطريق إليه برؤية استباقية تتجاوز التحديات وتحولها إلى فرص للنمو والمنافسة عالمياً، وجذب المستثمرين لتحقيق أحلامهم في دولة المستقبل.

ويأتي اعتماد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أمس الإثنين، لاستراتيجية مصرف الإمارات للتنمية بمحفظة تمويلية بقيمة 30 مليار درهم، والاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة "مشروع 300 مليار" كاستراتيجية للنهوض بالقطاع الصناعي في الدولة وتوسيع حجمه ونطاقه، ليكون رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول العام 2031 ليشكلا قفزة ثنائية كبيرة لتمكين الاقتصاد الإماراتي ورفده بعناصر النمو المستدام.

كما يشكل "مشروع 300 مليار" ومحفظة مصرف الإمارات للتنمية بقيمة 30 مليار، نقطتي تحول في مسيرة النهضة الوطنية في المجال الاقتصادي، وتعزيز سمعة ومكانة دولة الإمارات التي استطاعت خلال العقود الخمسة الماضية أن تتحول إلى منصة عالمية للتجارة والاستثمار والسياحة، وباتت موقعاً متقدماً في توظيف الابتكار والتكنولوجيا وإطلاق المشاريع الضخمة.

وتمثل استراتيجية مصرف الإمارات للتنمية ذراعاً مالية لاستراتيجية الصناعة "مشروع 300 مليار" الرامية إلى تطوير القطاع الصناعي عبر مجموعة كبيرة من المبادرات المصممة لدعم تبني التكنولوجيا الحديثة والتصنيع المتقدم في الدولة، واجتذاب العقول والمواهب والخبرات المتميزة من مختلف أنحاء العالم.

محاور الاستراتيجية
وتهدف مساهمة مصرف الإمارات للتنمية في "مشروع 300 مليار"، إلى دعم القطاع الصناعي في الدولة وتحفيز الاقتصاد الوطني عبر ثلاثة محاور تتضمن تسريع التطور الصناعي وتبني التكنولوجيا المتقدمة، من خلال برامج تمويل خاصة، وتعزيز دور الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير حلول تمويلية وخدمات واستشارات عملية، وتحفيز ريادة الأعمال والابتكار للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

الصمود أمام التحديات
وعلى مدار الأعوام الماضية، أسست دولة الإمارات بنية اقتصادية قادرة على الصمود في وجه الأزمات، الأمر الذي ساعدها على تجاوز الأزمة المالية التي ضربت العالم في عام 2008، كما نجحت في حماية قطاعاتها الحيوية من تداعيات جائحة كورونا، وتبنت العديد من الاستراتيجيات والمبادرات الاستباقية على مختلف الصعد للحد من تأثيرات الجائحة، لتحافظ بذلك على موقعها عالمياً كوجهة جاذبة للأعمال والإقامة.

وبرز اقتصاد الإمارات كأحد الاقتصادات القوية القادرة على الوقوف بوجه الأزمات بما يمتلك من تنوع وديناميكية، وقدرة على امتصاص آثار الأزمات ومعالجة تداعياتها بحكمة واستباقية، وأثبتت الأزمات التي ضربت الاقتصاد العالمي في العقدين الأخيرين نجاح سياسة التنويع الاقتصادي التي انتهجتها الإمارات للحفاظ على المكتسبات وتحقيق المزيد من الإنجازات.

إشادات دولية
وحظي الاقتصاد الإماراتي خلال جائحة كورونا بإشادات عالمية من مؤسسات دولية كبرى، فقد تبوأت المركز الأول عربياً بمؤشر التعافي الاقتصادي من آثار الجائحة، الصادر عن مجموعة "هورايزون" البحثية، إلى جانب شهادة "منتدى بلومبيرغ للاقتصاديات الجديدة"، الذي صنّف الإمارات، كنموذج للاقتصاديات الصاعدة في المنطقة بعد الجائحة.

وتوقع التقرير الذي أصدرته إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية بعنوان "آفاق الموقف الاقتصادي العالمي 2021"، بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" في يناير 2021، أن تحقق الإمارات نمواً في ناتجها المحلي 2021 بنسبة 3.7%، وأن يتعافى الاقتصاد الإماراتي هذا العام من تداعيات كورونا لينتقل من انكماش بلغ 5.2% في 2020، إلى نمو نسبته 3.7% في 2021، ثم تستقر وتيرة النمو خلال 2022، عند 2.8%.

كما أشاد التقرير بالسياسات النقدية الناجعة لتتكامل التي تبنتها الدولة على نحو جيد مع تدابيرها المالية التي اتخذتها لدعم اقتصادها في مواجهة الجائحة، ورأى أن تلك السياسة تضمنت تدبيراً شديد الأهمية، وهو خفض المتطلبات المُتعلقة بالاحتياطيات لدى البنوك، كي تتمكن من ضخ المزيد من السيولة.

ريادة عالمية
وصنفت كبريات المرجعيات الدولية المتخصصة في قياس الأداء الاقتصادي، دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن نادي العشرة الكبار عالمياً في 24 مؤشراً من مؤشرات التنافسية الخاصة بالقطاع الاقتصادي وممارسة الأعمال عن عام 2020، علماً بأن هذه الإنجازات لا تشمل ما تم الإعلان عنه منذ بداية العام 2021 الجاري.

وفي ديسمبر 2020، حصلت حكومة دولة الإمارات على تصنيف (Aa2) في الجدارة الائتمانية، وهو التصنيف السيادي الأقوى في المنطقة، مع نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد الوطني، وذلك من قبل وكالة التصنيف الدولية "موديز"، في خطوة تعكس نجاح رؤية وسياسات الدولة المالية والاقتصادية، وقوة واستقرار قطاعاتها الاقتصادية والمالية والائتمانية.

الميزانية وحزم التحفيز
كما أن ميزانية 2021، التي أعلنها مجلس الوزراء، تعكس الوضع الاقتصادي المستقر للإمارات، رغم ظروف جائحة كورونا وتأثيراتها على اقتصادات الدول الأخرى، إذ اعتمدت حكومة الإمارات الميزانية الاتحادية لعام 2021 بمصروفات قدرها 58 ملياراً و113 مليون درهم، لتعكس قوة الاقتصاد الوطني، ووفرة واستدامة الموارد لتمويل المشروعات التنموية والاقتصادية والاجتماعية.

وتُضاف الميزانية إلى حزم التحفيز المالي الضخمة التي تم تبنيها للتخفيف من أثار أزمة كورونا من قبل الجهات المعنية، ممثلة في مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ووزارة المالية، والحكومات الاتحادية والمحلية، لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، والأفراد، وشركات القطاع الخاص المتضررة من الجائحة، وتسهيل عملية التعافي الاقتصادي.

وتعتبر الإمارات وجهة جاذبة للاستثمارات الخارجية المباشرة من خلال منظومتها التشريعية القانونية الموثوقة والمستقرة التي تشجع على استقطاب المزيد من الاستثمارات النوعية للمساهمة في تحفيز النمو الاقتصادي، إلى جانب تطبيق نظام الإقامات الذهبية، وتصاريح إقامة العمل الافتراضي، ما يعزز مكانة الإمارات كوجهة عالمية رائدة لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة.

ولإيمانها بأن المستقبل لا ينتظر أحداً، لم تألو الإمارات جهداً لتوظيف جميع إمكاناتها لصناعة مستقبل يليق بطموحات قادتها وأحلام أبنائها، تحت شعار "صنع في الإمارات"، وليمثل مشروع "300 مليار" واستراتيجية مصرف الإمارات للتنمية نقلة نوعية في القطاع الصناعي، ليكونا المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني، وأساس انطلاقة الدولة التنموية للأعوام الخمسين المقبلة بثقة وعزيمة وإصرار، وهو ما أكده ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حين قال بمناسبة إطلاق استراتيجية مصرف الإمارات للتنمية: حريصون على دعم المبادرات الاستثنائية والأفكار النوعية والمبدعة التي تتبنى دعم الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وتواكب أولوياتنا التنموية المستقبلية".

وهذا النهج الاستثنائي للدولة في عدم انتظار المستقبل، وإنما التخطيط له والاستعداد له، وإشراك جميع الجهات الحكومية والاتحادية والمحلية والقطاع الخاص، في رسم الخطط والتوجهات، جعل النموذج الإماراتي في مواجهة كورونا وتمكين مختلف القطاعات من الصمود بقوة أمام تداعيات الجائحة، نموذجاً يحتذى به عالمياً، والوجهة المفضلة للعمل والإقامة لأصحاب رؤوس الأموال والمبدعين وأصحاب المواهب والعقول، وجميع الراغبين ببناء مستقبل أفضل وأكثر أماناً لهم ولعائلاتهم.

الإمارات تعمل من أجل مستقبل أفضل للعالم، وترحب على أرضها بالجميع، وتحتضن مختلف الجنسيات دون تمييز، وستبقى حاضنة للجميع، هذا ما أكده مجدداً نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقوله: "نرحب بالجميع ليصنعوا حلمهم في دولة الإمارات العربية المتحدة، نرحب بمستقبلهم معنا في دولة المستقبل".