الشيخ حامد بن زايد (24)
الشيخ حامد بن زايد (24)
الأحد 2 مايو 2021 / 01:15

حامد بن زايد يشهد المحاضرة الثانية لمجلس محمد بن زايد الرمضاني

شهد عضو المجلس التنفيذي الشيخ حامد بن زايد آل نهيان المحاضرة الرمضانية الثانية لمجلس محمد بن زايد لهذا العام التي عقدت "عن بعد" تحت عنوان "تعزيز الصحة والسلامة عالمياً.. صحتنا وسلامتنا في تآزرنا".

وسلطت المحاضرة الضوء على أهمية ترسيخ قيم التضامن والتآزر والتراحم الإنساني لتحقيق الصحة العالمية بجانب التحديات التي تواجهها الصحة في العالم والمبادرات والحلول المبتكرة التي تسهم في الوصول إلى الميل الأخيرمن كل مرحلة من مراحل المبادرات الهادفة إلى انقاذ حياة الإنسان من الأمراض وسرعة تحقيق الأهداف المنشودة.

وشارك في الجلسة وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، والدكتور لاري بريليانت عالم في مجال الأوبئة وناشط في المجالات الإنسانية والخيرية.

فيما عُرض خلال الجلسة مقطع فيديو تناول جهود دولة الإمارات والمبادرات الإنسانية العالمية في مجال القضاء على الأمراض المدارية المهملة وشلل الأطفال وغيره وبلوغ الميل الأخير لإنجاح الجهود التي تبذل في هذا المجال، فيما تحدث خلال الفيديو مدير عام مكتب فخر الوطن الدكتورة مها بركات، والرئيس التنفيذي لـ"دبي العطاء" الدكتور طارق القرق، ومدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان عبدالله الغفلي، ومدير مكتب الشؤون الإستراتيجية في ديوان ولي عهد أبوظبي نصار المبارك.

ورحب الشيخ حامد بن زايد آل نهيان بالمشاركين، ونقل إليهم تحيات ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وتمنياته لهم الصحة والسلامة بمناسبة شهر رمضان المبارك، كما هنأ الشيخ حامد بن زايد آل نهيان المشاركين بهذا الشهر الفضيل، داعياً الله عز وجل أن يجعله شهر خير وبركة على الجميع.

وأعرب عن شكره وتقديره للجهود التي يبذلها المشاركون في دعم مجالات الصحة المختلفة، خاصة في ظل الظروف التي يعيشها العالم اليوم إثر تداعيات جائحة "كورونا".

وقال "إننا جميعا نتفق بأن الصحة هي أغلى ما يمتلكه الإنسان، والحمدالله وبفضل من الله ثم بقيادتنا الرشيدة أصبح المجال الصحي سواء على مستوى المرافق أو التشريعات جزءاً أساسياً من التنمية والتطور في الدولة".

وأضاف أن الجائحة أثبتت أنه لا يمكن مواجهة الأمراض والأوبئة في العالم إلا من خلال التعاون والعمل الجماعي المشترك، لذلك الأمل كبير في مواصلة الجهود الدولية لإيجاد أرضية قوية للتحرك والتعاون وتبادل الخبرات بين الدول والتآزر فيما بينها لمواجهة أي تحديات صحية مستقبلية.

وفي مداخلة مع معالي ريم الهاشمي، قال إن الاهتمام بالتعاون الدولي في مجال الصحة كان نسبياً في ظل انتشار جائحة "كورونا"، فكيف يمكن تعزيز هذا التعاون وجعله أقوى ومستمراً حتى بعد الجائحة؟.

وقالت ريم الهاشمي في إجابتها "إن التعاون الدولي في ظل "كوفيد ــ 19" لابد أن يكون مبنياً على أسس ومبادئ سامية ونحن ولله الحمد في دولة الإمارات، كانت كل مبادرة تطلق مبنية على قيم التسامح التعايش والتآخي، هذه القيم التي تحدد وترسم الشخصية الإماراتية.

وأضافت أنه في ظل أزمة عالمية نرى دولة الإمارات ‏بتوجيهات بقيادتها الرشيدة ترسل 2000 طن من المساعدات الطبية إلى أكثر من 130 دولة، في إطار سعيها إلى نشر قيم الخير والتعاون والتضامن بين البشر.

وأكدت أهمية التعاون الدولي في ترسيخ التآزر الإنساني ولن نصل الى الميل الأخير إلا من خلال اتحادنا وتوحيد جهودنا الشاملة وتكاملها.

وأشارت في هذا الصدد إلى مبادرة نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التي أطلقها أخيرا وهي مبادرة "مليون وجبة" والتي تجسد حب شعب الإمارات وقيادته للخير وسعيهم إلى الارتقاء بالإنسان وصون كرامته، واليوم خلال هذه الجلسة سنتناول أهمية هذه القيم والمبادئ في الحفاظ على كرامة الإنسان.

وأضافت "أن دورنا في وزارة الخارجية والتعاون الدولي دائما إبراز الصورة الإيجابية الراقية التي تعلمناها من المغفور له الشيخ زايد ونحن المواطنين والمقيمين نستمد من هذه السمات والقيم ونجعلها أسلوب حياة".

وبشأن مكافحة مرض الجدري عامة وكيفية التعامل مع جائحة مثل كوفيد ــ 19 " خاصة، سأل الدكتور لاري: ماهي الدروس التي نتعلمها من واقع خبرتك وتجاربك في هذا المجال.

وقال الدكتور لاري في رده "أولاً، شكراً جزيلاً لدعوتي، أنا سعيد جداً بوجودي هنا اليوم، ورأى أن هناك نوعين من الدروس، أولهما الدروس التقنية التي تعلمها من القضاء على الجدري وثانيهما الدروس البشرية، فالدروس التقنية هي أنه لا يمكنك السيطرة على مرضٍ معدٍ ما لم نتمكن من تحديد مكانه وتطويقه، وفي حالة الجدري كونه مرضاً يسهل تمييزه لأنه يظهر على الوجه يمكنك الاستجابة عن طريق عزل الناس، ومن خلال توفير احتياجاتهم المصابين من المال والطعام حتى لا يضطروا إلى مغادرة العزل، ثم يمكنك تطعيمهم، وهذا هو الدرس الوبائي أن التطعيم مهم، وكذلك الاستجابة والسرعة مهمتان، أما الدروس البشرية فهي تكاتف أشخاص من حوالي 100 دولة يمثلون كل الأديان والمعتقدات والأعراق ومختلف اللغات اجتمعوا معاً، أخوة وأخوات وعملوا معاً ضمن برنامج عالمي لإنقاذ حياة الناس.

وقال إن مشكلة "كوفيد ـ 19" هي أننا استجبنا على المستوى المحلي، وليس على المستوى العالمي، ونتيجة لذلك كان هناك رابحون وخاسرون، فالوباء يتطلب تعاوناً عالمياً، وهذا ما تعلمناه في القضاء على الجدري وشلل الأطفال، وهو الأمر الذي كنتم جميعاً رائعين في دعمكم السخي له، لكن بالنسبة لجائحة "كوفيد ــ 19" لم نتمكن من جعل الدول الكبيرة تعمل معاً، فإستراتيجية التعامل المحلي لا يمكن أن تنجح مع الجائحة ويقضى عليها وإنما نحن بحاجة إلى تنسيق وتعاون عالمي، وأعتقد أن هذا هو أكبر درس تعلمته من التعامل مع الجدري وشلل الأطفال ودودة غينيا".

وتابع الشيخ حامد بن زايد آل نهيان حواره مع الدكتور لاري، وقال : لقد ذكرتَ موضوع التعاون العالمي، مِن وجهة نظرك هل ما قمنا به أو ما أداه العالم على الصعيد كان كافياً، أم أن هناك مجالاً لمزيد من التعاون للتصدي لهذه الجائحة؟
وأجاب الدكتور لاري بريليانت عالم الأوبئة، "أعتقد أنه غير كافٍ، ويحزنني أن أقول أن بلدي لديه فائض من اللقاح في حين أن معظم دول العالم لا يوجد لديها لقاح كافٍ، ولأن هذا الوباء سيستمر، أعني أن اليوم هو أسوأ يوم للوباء منذ بدايته، إنه ليس اليوم الأفضل، لقد تجاوزنا 3 ملايين حالة وفاة وبلغ عدد الحالات الجديدة في الأسبوع الماضي رقماً قياسياً غير مسبوق".

وأكد "أهمية التكاتف والعمل الجماعي وهذه أهمية تتجلى الآن أكثر مما كان عليه في أي مرض آخر، وأتطلع إلى أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة كما كانت دائماً، وأن تساعد في توحيد جهود جميع الدول للعمل معاً في مواجهة الجائحة، وهذا الأمر حيوي الآن أكثر من أي وقت مضى".

وفي مداخلة مع الدكتورة مها بركات، وجه الشيخ حامد بن زايد آل نهيان سؤالاً بشأن أهمية مساندة العاملين في الخطوط الأمامية، كيف يمكن للدول دعمهم وتعزيز جهودهم، من وجهة نظرها؟.

وقالت الدكتورة مها بركات "لقد سمعنا أن القضاء على مرض مثل الجدري، والذي أعلن خلال عام 1980، تطلب بذل جهود ضخمة في جميع أنحاء العالم على مدى سنوات عديدة ولم يكن ممكناً القضاء على ذلك المرض لولا تضحيات مئات الآلاف من العاملين في الخطوط الأمامية، والعديد منهم تعرضوا إلى مواقف صعبة ومخاطر، خلال عملهم في مناطق نزاع واضطرابات ومخاطر أخرى".

وأكدت أن "العاملين في الخطوط الأمامية، دورهم حاسم في نجاح أي مبادرة صحية عالمية، ويمكن للبلدان أن تفعل عدة أشياء لمساعدتهم، أولاً، توفير التدريب المناسب وتأهيلهم للتعامل مع كل عقبة تواجههم، وكل حالة طوارئ، فقد يكون هناك طرق خاصة للتعامل مع كل جائحة أو توفير الحماية منها، ثانياً، على الدول ضمان توفير السلامة الشخصية للعاملين في الخطوط الأمامية، لذلك بالنسبة لجائحة كوفيد 19، ثمة معدات حماية شخصية يستوجب توفيرها، وقد رأينا العواقب الوخيمة حين لم تقدم الدول معدات الحماية الشخصية لعاملي الخطوط الأمامية الذين يتصدون للجائحة حيث وقع العاملون ضحية للفيروس، لاشك أن هذه هي أقصى تضحية يمكن أن يقدمها المرء، لذا من المؤكد أن السلامة الشخصية هي أولوية قصوى، وهي أولوية قصوى للبلدان لدعم صفوفها في الخطوط الأمامية، إضافة إلى إعطائهم الأولوية كلما تمّ تطوير لقاح ضد مرض مميت، لذلك عندما جرى تطوير اللقاحات وإنتاجها، كان من المهم دعوة العاملين في الخطوط الأمامية ليكونوا أول من يحصل على هذا اللقاح، وثالثاً، يجب على البلدان دعم العاملين في الخطوط الأمامية بكل احتياجاتهم الصحية، ولا سيما الدعم النفسي، فقد كان لدينا نسبة عالية من العاملين حول العالم يشكون من مشاكل الصحة النفسية والتوتر والإجهاد نتيجة للعمل لساعات طويلة، وبالطبع الإرهاق الحتمي الذي يصاحب عبء العمل، لذلك يجب على الدول تقديم الدعم الكافي لذلك، وقالت أخيراً والأهم هو تقديم تعويض عادل لعاملي الخطوط الأمامية، أعتقد أن هذا هو أقل ما يجب أن توفره أي دولة لعاملي الخطوط الأمامية لديها الذين يضحون بالكثير من أجل الآخرين".

وشكر الشيخ حامد بن زايد آل نهيان الدكتورة مها بركات، وقال: "نحن نعلم مدى ضخامة تضحيات الخطوط الأمامية، ونحن في دولة الإمارات نقدر كثيراً تضحياتهم وجهودهم الجبارة ونلمس مستوى الرعاية التي يقدمونها على مدى اليوم للمرضى الذين يحتاجون إلى هذا النوع من الاهتمام لأنهم أحياناً يصابون بالخوف من العزل ومن هذا النوع من المرض، أعتقد أن الخطوط الأمامية تستحق حقاً الكثير من بلدنا ومن العالم أجمع".

وخلال حديثه مع الدكتور طارق القرق قال "إن العلم ومواصلة الابتكارات العلمية الصحية هما المحرك الرئيس في سرعة القضاء على الأمراض، كيف يمكن لنا في دولة الإمارات تعزيز استفادتنا في هذا المجال".

فقال الدكتور طارق القرق في رده، إن "دولة الإمارات وضعت التعليم على قمة أولوياتها بفضل رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الذي رسخ أهمية التعليم في الدولة وأسسه وكان دائما يرى أن نهضة الأمم تتعزز بالتعليم، والصحة والتعليم يكملان بعضهما البعض".

وأشار إلى أهمية نشر الوعي بالأمراض الموجودة وأفضل وسيلة هي التعليم من خلال المناهج الدراسية، منوها بمنهج "دبي العطاء" الذي يبدأ منذ الطفولة من خلال وضع برامج متنوعة في مراحل التعليم المختلفة، إضافة إلى عملية الاستثمار في البحوث العلمية والاستفادة من آراء وأفكار المجتمع والمعنيين والأطباء وممثلي الجامعات والمؤسسات ومن ثم نستطيع ابتكار شي جديد ممكن يطبق.

وفي مداخلة مع نصار المبارك المشرف على حملة بلوغ الميل الاخير، قال الشيخ حامد بن زايد آل نهيان إن "التحديات موجودة في كل عمل، كما أن العمل في بيئات مختلفة ومناطق صعبة ليس أمراً سهلاً، كيف تجاوز فريق بلوغ الميل الأخير هذه الصعاب واستطاع الوصول إلى أهدافه؟.

فأوضح نصار المبارك أن التحديات موجودة وازدادت خلال فترة انتشار جائحة " كورونا " ولكن بفضل الله عز وجل ثم دعم قيادتنا الحكيمة، استطعنا تخطي هذه المرحلة الحرجة من خلال وضع برامج تنموية، كان فيها الإنسان أولاً، ومن الأسس التي نعتمد عليها في خططنا هو كسب ثقة المجتمعات حيث نشركهم في وضع الحلول المناسبة للبرامج والحملات الصحية التي نقوم بتنفيذها، فيما يقوم العمل وفق آليات مرنة تتكيف مع المتغيرات الكثيرة على أرض الواقع، إضافة إلى إبرام شراكات مع المنظمات والمؤسسات العالمية ذات الخبرة لمضاعفة الجهود، بجانب تبني آخر الابتكارات لإنجاح الحملات التي تنفذها فرق العمل، مثلا استخدام الطائرات المسيرة لتوصيل الأدوية واللقاحات إلى المناطق البعيدة والنائية واستخدام الأقمار الصناعية لتحديد المناطق الموبوءة ووضع خطط ميدانية دقيقة، مشيراً إلى أن السبب الرئيس لنجاح مبادرة بلوغ الميل الأخير هي رؤية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان السديدة طويلة الأمد التي لا تتغير بغض النظر عن التحديات وهذه هي خارطة الطريق التي نسير عليها وتساعدنا على تحقيق الأهداف".

وأكد المحاضرون والمشاركون في الجلسة، أن التضامن وتأصيل القيم الإنسانية وإعلائها على كل الاعتبارات هو الركيزة الأساسية لتعزيز الصحة العالمية والسلامة ونجاح جهود مبادرات القضاء على الأمراض وإنقاذ حياة البشر خاصة خلال الأزمات والتحديات الصحية والظروف الصعبة، مشددين على أن مواجهة الأوبئة للحفاظ على أرواح البشر يتطلب استجابة عالمية فاعلة وعملاً جماعياً مشتركاً.

من جانبها قالت ريم الهاشمي: إن ما يعيشه العالم اليوم إطار مناسب للحوار في مجلس محمد بن زايد، مشيرة إلى 130 مليون مصاب وثلاثة ملايين شخص فقدوا حياتهم بسبب "كوفيد ـ 19" ومن ضحايا هذه الجائحة أيضاً كانت الأنظمة الصحية حول العالم فقد كشفت الجائحة ضعف هذه الأنظمة، ليس من الجانب التقني فحسب بل بينت عمق الفارق وعدم المساواة في تقديم خدمات الرعاية الصحية، بجانب إظهارها قلة الخبرة عند الكثيرين في التأقلم لمواجهة هذا التحدي، وحتى قبل الجائحة كان أكثر من نصف سكان العالم محرومون من خدمات الرعاية الصحية الأساسية وكان على سكان الأرياف أن يقطعوا مسافات طويلة للوصول إلى مرافق صحية عادة ما تكون فقيرة بالتجهيزات.

وأضافت أن الجائحة كشفت لنا أن الأمراض التي تهدد معيشة الأفراد والمجتمعات واقتصاداتهم هي مؤشرات إلى تحد أكبر ألا وهو بلوغ الميل الأخير، وهناك نظريات كثيرة تقول أن "كوفيد ـ 19" ما هو إلا مقدمة لجائحات أخرى قادمة، وهو واحد فقط من أمراض عالمية أخرى تشكل تحدياً لأنظمتنا الصحية وتهدد سبل العيش وتضعف المجتمعات وتؤثر على المستوى الاقتصادي للدول وفق البنك الدولي.

وذكرت أن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا علينا أن نفعل؟، وقالت يجب علينا أن إدراك أن معالجة الأمراض الاستوائية المهملة والقضاء على الجدري والدودة الغينية وغيرها من الأمراض وأن الوصول إلى عالم أكثر صحة للإنسان ولكوكب الأرض هي مسؤولية جماعية تتطلب التضامن والعمل المشترك، ولدينا أدلة واضحة على أن التضامن والعمل المشترك نجحا في انقاذ الملايين عبر مبادرات عديدة منها: مبادرة القضاء على شلل الأطفال العالمية والصندوق العالمي لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة والتحالف العالمي للقاحات والتحصين "جافي" هذه المؤسسات تجمع وتنظم جهود المانحين والحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

وأشارت إلى أن دولة الإمارات من جانبها كانت سباقة من خلال مبادراتها وعملها الميداني بتوجيه من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي وضع "بلوغ الميل الأخير" وخلق شراكات حقيقية في قمة أولويات أجندة دولة الإمارات التنموية، كما ترجمت الإمارات هذا التوجه وروح المسؤولية الجماعية من خلال استجابتها السريعة حين باشرت بتقديم مساعدات طبية وتجهيزات لمختلف الاستخدامات، والأهم توزيع عاجل للقاحات عبر "ائتلاف الأمل"،وتستمر دولة الإمارات في تجسيد التزاماتها وتأكيدها ضرورة ألا يُترك أحد أو يُهمل إنسان من خلال الوصول إلى أكثر الفئات ضعفاً وتهميشاً، وواصلت جهودها على الرغم من استمرار تفشي الجائحة وجميع التحديات الصحية العالمية.

وأكدت ريم الهاشمي، أن دولة الإمارات أدت دوراً رائداً ليس في تقديم الدعم المادي فقط بل المعرفي والمهارات والمساعدة في إطار عدة منصات دولية، مشيرة إلى أن من بين هذه المنصات هو "إكسبو 2020 دبي" الذي سيكون أول حدث عالمي في مرحلة ما بعد الجائحة.

وقالت إنه لمدة 6 أشهر وبمشاركة العالم، سيعمل إكسبو على مواجهة التحديات العالمية عبر مبادرات وبرامج مصممة لنشر الأفكار والحلول التي ستحدد مسار المجتمع الدولي، وكما احتضنت معارض إكسبو السابقة اكتشافات وحوارات أثرت في مسار البشرية، يسعى إكسبو 2020 دبي إلى تقديم رؤية عالمية صادقة مبنية على حقائق تستطيع أن تفتح بوابات الفرص للمجتمعات في جميع أنحاء العالم.

وأضافت أن هناك 65 دولة ومنظمة دولية وضعت الصحة موضوعاً رئيساً في أجندة مشاركتها في إكسبو 2020 وستسعى إلى خلق شراكات والإسهام في الحوار العالمي بشأن هذا القطاع وتحدياته، مضيفة "إننا وضعنا أهداف التنمية المستدامة في قلب برامجنا التي تعالج مواضيع مثل الصحة والتعليم والتغيير المناخي والمياه والتنمية الحضرية والريفية وارتباطها بالتكنولوجيا والابتكار والاتصال والتي تعد إطارات محورية في إنجاح هدف بلوغ الميل الأخير".

وأكدت أن مبادرات دولة الإمارات تعد تجسيدا لقيمها الإنسانية السامية التي رسخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وجسدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى واقع وأفعال إيمانا منه بأنه لا ينبغي أن يعاني أي إنسان من مرض يمكن الوقاية منه.

وقالت ريم الهاشمي، في هذا العام المبارك "عام اليوبيل الذهبي الإماراتي"،نجدد التزامنا بمواصلة السعي في مبادرات الخير والبذل والعطاء للارتفاع بالإنسان، وقد ركزت دولة الإمارات على حفظ كرامة الإنسان والارتقاء به والاهتمام بالصحة يعد من أهم هذه الركائز لتحقيق هذا الهدف.

ونوهت بأن دولة الإمارات سعت إلى عقد شراكات وتحالفات مع جهات ودول وضعت في إستراتيجيتها القضاء على الأمراض التي تعيق تقدم الشعوب وتنميتها، واستطاعت الدولة بعمرها الـ 50 أن تحقق الكثير من الإنجازات في أنحاء العالم.

من جانبه تحدث الدكتور لاري بريليانت عن الصحة العالمية والأوبئة خاصة مرض الجدري وتاريخه وضحاياه وآثاره على المجتمعات، وقال إن الجدري قتل حوالي 300 مليون إلى نصف مليار خلال القرن العشرين، ويعود تاريخ المرض إلى عهد الفرعون رمسيس الخامس ويمتد إلى آخر ضحية توفيت بسبب المرض فتاة صغيرة تدعى رحيمة بانو في جزيرة بانو وفي قرية صغير تسمى كوراليا، وتطلب الأمر للقضاء على أول مرض في تاريخ البشرية، إلى تكاتف الجهود والتعاون بين الدول والمنظمات والأفراد، مشيراً إلى أن أشخاصاً وأطباء ومختصين من مختلف الدول والأعراق والأديان والمعتقدات واللغات، تعاونوا في مواجهة هذا الوباء وأسهموا في القضاء عليه.

وأضاف إن جائحة "كوفيد ــ 19" شأنها شأن مرض الجدري وإن اختلفت الظروف والأوقات، حيث يمكن الاستفادة من دروس التعامل مع مرض الجدري للسيطرة على الجائحة من خلال التعاون والتضامن والعمل معاً تحت مظلة منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة والمظلات التي أنشأتها دولة الإمارات والعمل على توفير اللقاحات وإيصالها إلى مختلف أنحاء العالم، بجانب إمكانية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وابتكارات القرن الواحد والعشرين والأنظمة الرقمية في سرعة القضاء على هذه الجائحة، فالتكنولوجيا تجعلنا متفائلين في المستقبل، بجانب وضع خطة بديلة للمواجهة خلال الأوقات التي لا نمتلك فيها اللقاحات.

وأكد أنه لن يكون في مأمن أي أحد حتى يكون الجميع في أمان، ولن نكون في أمان من المرض حتى بلوغ الميل الأخير، لذلك يجب العمل معاً لحماية الجميع وتوفير اللقاحات إلى كل شخص في العالم.

من جهته قال عبدالله الغفلي مدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، إن مجال الرعاية الصحية يعد أحد أهم مجالات المساعدات الحيوية التي تقدمها دولة الإمارات العربية المتحدة لإنقاذ حياة الإنسان أينما كان من الأمراض الفتاكة والمعدية وحماية البشر من كل المؤثرات الصحية السلبية التي تؤثر على حياتهم ومستقبلهم، مشيراً إلى أن ملايين المستهدفين استفادوا من هذه المساعدات في مختلف دول العالم، من خلال مشاريع متعددة ومتطورة شملت : بناء المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية والمختبرات ومعاهد التمريض وتوفير الأجهزة والمعدات الطبية وشراء الأدوية واللقاحات وتمويل علاج المرضى والعاجزين، إضافة إلى الدعم والإسناد من خلال إقامة المستشفيات الميدانية والفرق الطبية المتخصصة لإغاثة الدول المنكوبة من الكوارث والأزمات الطارئة، مما أسهم في تمكين حكومات الدول المستهدفة من تعزيز برامجها الصحية والعلاجية وساعدها في الارتقاء بالمستوى الصحي لمجتمعاتها.

وأشار إلى أن حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال والتي تنفذ في إطار مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم، استطاعت خلال سبع سنوات ــ منذ عام 2014 وحتى نهاية عام 2020 ـــ تقديم أكثر من نصف مليار جرعة تطعيم ضد مرض شلل الأطفال إلى حوالي 86 مليون طفل في جمهورية باكستان الإسلامية.

وأضاف عبدالله الغفلي أنه في ظل تفشي فيروس "كوفيد – 19" وتحدياته الميدانية، وما ترتب عليه من توقف خطط وحملات التطعيم في جميع أنحاء العالم، وتحذير مسؤولي منظمة الصحة العالمية من أزمة شلل أطفال جديدة محتملة، تمكنت حملة الإمارات ضد شلل الأطفال من تجاوز هذه التحديات الاستثنائية، حيث استثمرت خبرة فرق التطعيم من خلال تدريبهم على التقنيات والسلوكيات الوقائية الجديدة لاستئناف الحملات وايصال اللقاحات إلى الأطفال الأبرياء، وكانت حملة الإمارات أول حملة في العالم تستأنف التطعيم ضد شلل الأطفال، وتمكنت خلال عامي 2020 والأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 من إعطاء 83 مليون جرعة تطعيم ضد شلل الأطفال.

وأوضح أن النهج الإنساني لدولة الإمارات وقيادتها الرشيدة في مجال دعم الرعاية الصحية الوقائية للأطفال والمبادرات العالمية لاستئصال مرض شلل الأطفال، يمثل نموذجاً حضارياً وإنسانياً رائداً وراقياً في الاهتمام بسلامة حياة الأطفال الفقراء والضعفاء حيث أصبحت دول الإمارات، مركزاً رئيسياً لمراقبة الأمراض والأوبئة المعدية، وقاعدة الانطلاق الحيوية للجهود العالمية المشتركة لاستئصالها والقضاء عليها من المناطق المستوطنة فيها، وتقديم المساعدات والإغاثة للفقراء والمحتاجين والمنكوبين، دون تمييز لطائفة أو عرق أو لون.

وأضاف أن الرؤية الإنسانية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان والدعم السخي الذي يقدمه إلى الجهود العالمية للقضاء على مرض شلل الأطفال، من الركائز الأساسية التي أسهمت في الحد من انتشار المرض بين الأطفال في المجتمعات المحتاجة في مختلف دول العالم، حيث تعد مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم، من أهم المبادرات الصحية الإنسانية التي أثبتت فعاليتها ونجاحها في أصعب المناطق الحاضنة للمرض في باكستان وأفغانستان، واستطاعت تحقيق أهدافها الإنسانية النبيلة، بتعزيز وتنمية سلامة الأطفال وصحتهم وتأمين مستقبلهم، وحمايتهم من الأمراض ودرء مخاطرها عن كاهل الضعفاء منهم.

وأشار إلى أن المبادرة أسهمت في تحقيق تحالفات إنسانية وشراكات إستراتيجية إيجابية مع الحكومات والمنظمات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والمؤسسات الخيرية الدولية مثل مؤسسة بيل ومليندا غيتس، كما أسهمت محلياً في جمهورية باكستان الإسلامية ومن خلال التعاون والتنسيق بين جميع المكونات المشاركة فيها بتطوير مبادئ وأساليب التخطيط والتنفيذ الميداني لحملات التطعيم وإعطاء اللقاحات للأطفال المستهدفين، وتفعيل خطط الحماية والأمن، وبرنامج السيطرة والاتصال، وتحديث خطط البرامج الزمنية لحملات التطعيم ضد شلل الأطفال، ورفع مستوى الأداء لأعضاء فرق التطعيم، وإدامة وتوثيق سجلات البيانات والمعلومات الصحية للأطفال.

وذكر أن حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال تغطي شهرياً عدد 94 منطقة، تعادل نسبة مساحتها 59% من إجمالي مساحة باكستان، فيها أكثر من 16 مليون طفل باكستاني يعيق الوصول إليهم مجموعة من العقبات والمعاضل الميدانية، منها التضاريس الصعبة، والمخاطر الأمنية والظروف المناخية القاسية، إضافة إلى معضلة حركة النزوح السكانية المستمرة، كما يحتاج الأطفال في هذه المناطق إلى الحصول على لقاحات مضاعفة على مدار العام بسبب ضعف الرعاية الصحية، وهذا الأمر يجعل وظيفة كل عضو من أعضاء فرق التطعيم صعبة وأكثر تحدياً للتقدم والوصول إلى الأطفال بسرعة تتجاوز سرعة انتشار الفيروس، فلابد أن نشيد بدور فرق التطعيم من الأطباء والممرضين وعناصر الأمن وتضحياتهم وجهودهم في جميع الظروف والتحديات الميدانية الصعبة، والتي كانت العامل الرئيسي والأهم في تحقيق النجاح والإنجاز المتميز.