الأربعاء 2 يونيو 2021 / 15:17

فايننشال تايمز: خيبة أمل واسعة بعد معركة الإصلاحيين للتغيبر في إيران

تعليقا على استبعاد المرشحين المعتدلين من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن خيبة الأمل باتت تسيطر على النشطاء الصغار من الإصلاحيين في إيران، ويتحكم فيهم الاستسلام، بعد أن كانوا مصممين على التغيير في الجمهورية المحافظة.

في مواجهة "أزمة الشرعية، لن يكون أمام حكام الجمهورية خيار آخر سوى المضي في إصلاحات داخلية" للسياسة الداخلية والخارجية

واستشهدت الصحيفة بالناشط السياسي حسين يزدي الذي استسلم تماماً بعد أن خاض طيلة أكثر من عقدين الحملات الانتخابية للرئاسية الإيرانية، مصمماً على تغيير في الدولة "الثيوقراطية" المحافظة.

وهذه المرة، لن يضع يزدي ملصقات أو يطرق الأبواب لشرح مزايا مرشحه المفضل. حتى أنه قرّر مقاطعة التصويت في الانتخابات المقررة في 18 يونيو (حزيران) الجاري.

ومثل العديد من النشطاء الشباب، أصيب يزدي بخيبة أمل من السياسة، وعززت تشكيلة المرشحين للانتخابات الحالية الشعور باليأس، حيث منع المرشحون المعتدلون من السباق الرئاسي، ولم يكتسب المرشحان الإصلاحيان، أي زخم حتى الآن.

طريق مسدود
ونقلت الصحيفة عن محللين أن مع اقتراب نهاية رئاسة الرئيس حسن روحاني بعد ولايتين، من المتوقع أن يفوز المرشح الأوفر حظاً والمتشدد رئيس القضاء إبراهيم رئيسي، بسهولة إذا كانت نسبة المشاركة منخفضة.

وقال يزدي في مكالمة بالفيديو من أصفهان للصحيفة: "وصلت الحركة الإصلاحية إلى طريق مسدود تماماً، ومنذ الاضطرابات الأخيرة أدركنا أن هذا النظام لا يمكن إصلاحه"، في إشارة إلى الاحتجاجات الواسعة النطاق في 2019 ضد ارتفاع أسعار الوقود.

وعزت الصحيفة شعور النشطاء الشباب الإيرانيين إلى فترة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، والعقوبات القاسية التي فُرضت على ايران، مضيفة أن الأمر أضعف الإصلاحيين وشجّع المتشددين الذين اعتبروه دليلًا على أن إيران، لا يمكنها أبداً الثقة في القوى الغربية.

أقل نسب التصويت
وفي الوقت الذي تحث فيه حملة على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانيين على مقاطعة التصويت، يتوقع العديد من المحللين أن تشهد الانتخابات واحدة من أقل نسب التصويت في تاريخ الجمهورية، ما يعد ضربة للنظام الذي يعتمد في شرعيته على نسب مشاركة انتخابية عالية.

وفي هذا السياق، قال يزدي: "علينا أن نضع المقاومة المدنية على جدول أعمالنا بمقاطعة هذه الانتخابات، على سبيل المثال، لإظهار قوتنا وإخبار النظام بأننا لا نمنحه شرعية التحدث إلى العالم نيابة عنا عندما لا يلبي الحد الأدنى من مطالبنا مثل، الانتخابات الحرة والنزيهة".

لحظة حساب
واعتبرت الصحيفة أن هذه الانتخابات "لحظة حساب للإصلاحيين الذين حققوا مكاسب لأول مرة في الثمانينيات بعد حرب مدمرة ضد العراق. كما أنه نتيجة للحملة القمعية المتزايدة على المعارضين، في العقد الذي أعقب ثورة 1979" ما دفع كثيرين للشعور بخيبة الأمل.

وأوضحت الصحيفة أن الحركة الإصلاحية بلغت ذروتها بانتخاب محمد خاتمي رئيساً في 1997، الذي عرف حكمه، تخفيف إجبارية ارتداء النساء الحجاب في الأماكن العامة، فضلاً عن الاحتجاجات الناجحة أحياناً، للعمال والمتقاعدين لتحسين حقوقهم.

لكن بعد حكم خاتمي، أوقف المتشددون مراراً محاولات الإصلاح، ويشك السياسيون الشبان في أن المحافظين في الحرس الثوري، والقضاء، سيسمحون بمزيد من الإصلاح، ويعتبرون أن "لا طريقة لتغيير الجمهورية من الداخل، لكنهم يريدون الدفع بطريقة سلمية لإقامة نظام ديمقراطي".

ونقلت عن محللين قولهم إن استعداد السلطات لتقبل انخفاض الإقبال على التصويت يشير إلى تركيزها حالياً على توسيع نفوذ إيران الإقليمي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، بدل اكتساب ثقة الجمهور.

جيل إصلاحي مختلف
من ناحيته، قال مهدي محموديان للصحيفة: "بينما ساعدت الأجيال السابقة من الإصلاحيين في إقامة دولة دينية ذات مصالح تجارية كبرى، فإن هذا الجيل مختلف عن سابقه"، مضيفاً أن "الجيلين الثاني والثالث يسعيان إلى مزيد من التغييرات الهيكلية، وهما أقل ارتباطاً بأيديولوجيات الجمهورية الإسلامية".

وأضاف محموديان، الناشط الذي أمضى أكثر من 10 أعوام في السجن بسبب أنشطته المناهضة للنظام: "علينا الاستفادة من الحركات الاجتماعية...يجب أن نجد طرقاً لإقناع الناس بأن الحرية ليست سلعة غربية فاخرة، بل تمثل حاجتهم الماسة إلى ظروف معيشية أفضل، ومساكن أفضل والمزيد من الخبز".

أزمة الشرعية
بدوره، قال افتخار برزيغاريان، الإصلاحي، 39 عاماً، من مشهد المحافظة، إنه في مواجهة "أزمة الشرعية، لن يكون أمام حكام الجمهورية خيار آخر سوى المضي في إصلاحات داخلية" للسياسة الداخلية والخارجية.

وأضاف أن "التحول في الحركة الإصلاحية قد لا يحدث في هذه الانتخابات، لكنه سيعتمد على السعي إلى الديمقراطية والتركيز على العدالة الاجتماعية والحرية في المستقبل".

وأكدت الصحيفة أن العديد من الإصلاحيين يعتبرون، "المرشح الوحيد الذي كان يمثلهم حقاً هو مصطفى تاج زاده" نائب وزير الداخلية الإصلاحي السابق، والسجين السياسي طيلة 7 أعوام، والذي دعا إلى تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة مثلاً، لكن تاج زاده استبعد من قبل مجلس صيانة الدستور الإيراني المتشدد.

طريق مسدود
وأوضحت الصحيفة أن الإصلاحيين الشبان دفعوا بالفعل ثمناً باهظاً لمقاومتهم، إذ فقد كثيرون منهم وظائفهم وقضوا فترات في السجن. "لكن المشكلة تكمن في وضعنا المالي، حيث يكافح معظمنا لتغطية نفقاته والاعتماد على عائلاتنا للبقاء على قيد الحياة"، كما يقول محموديان الذي أضاف "يبقى العديد من النشطاء مجهولين للاحتفاظ بوظائفهم ومنع النظام من أخذ أسرهم رهائن".

مرت 100 عام، منذ أن بدأ الإيرانيون نضالهم من أجل الديمقراطية، وقال يزدي: "تعلمت عن الديمقراطية من والدي، وعلمتها لابنتي البالغة من العمر 17 عاماً. ندرك أن هذه معركة طويلة وصعبة، ولكن ليس لنا خيار آخر، غير فتح الطريق المسدود حالياً. وعلى النظام الاختيار بين ابتلاع الديمقراطية، أو الانهيار من الداخل ".