(أرشيف)
(أرشيف)
الخميس 3 يونيو 2021 / 08:56

التسامح.. نهج إماراتي متأصل

24- أبوظبي- محمد رمضان

"التسامح واجب، لأن الإنسان إنسان في المقام الأول، خلقه الله إن كان مسلماً أو غير مسلم"، كلمات رددها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسارت على نهجها قيادة الإمارات بنشر قيم التعايش، وتأكيد أهمية الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات لتحقيق السلم والاستقرار الدولي، حتى أصبحت الإمارات عاصمة عالمية للتسامح ومنارة للسلام.

ومنذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حرصت الإمارات على بذل كافة الجهود في سبيل تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر وسبل تعزيزه عالمياً، وشق المزيد من دروب السلام والتسامح بإطلاق العديد من المبادرات محلياً وعالمياً، انطلاقاً من أول وزارة تسامح في العالم، والإعلان عن عام التسامح، والمنتدى العالمي السنوي "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، وصولاً إلى جائزة زايد للأخوة الإنسانية، والمعهد الدولي للتسامح، والمؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية، بالإضافة إلى العديد من المؤتمرات والمبادرات التي حثت على تعزيز التعايش والسلم عاليماً.

وتعتمد السياسة الخارجية للإمارات بشكل واضح على أسس ثابتة تتمثل بالانفتاح على دول العالم، والاحترام المتبادل، ونبذ العنف والتطرف، ومحاربة الإرهاب وتعزيز السلام والاستقرار في العالم، وتتصدر القائمة نشر قيم التسامح والسلام في شتى أنحاء العالم.

وزارة التسامح
في فبراير (شباط) 2016، استحدثت الإمارات وزارة للتسامح لأول مرة في العالم، وذلك عبر إعلان نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن التشكيل الوزاري الثاني عشر والتغييرات الجوهرية في الحكومة الاتحادية، في خطوة تجسد مساعي الإمارات في نشر رسالة التسامح من الدولة التي تحتضن أكثر من 200 جنسية، إلى شعوب العالم.

تعزيز السلم
وتستضيف الإمارات بشكل سنوي المنتدى العالمي "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، وأطلق المنتدى عدداً من المبادرات الهادفة إلى تعزيز السلم وروح الأخوة الإنسانية في العالم، كان أبرزها مبادرة "حلف الفضول بين الأديان" التي انطلقت خطة تأسيسه من الوعي بضرورة التوسل بآليات أساسية تضمن انخراط أكبر عدد من رجال الدين، من المسلمين والمسيحيين واليهود، في خطوات عملية لتعزيز السلم، وتبني مقاربة تصالحية تتيح لهم تربية أتباعهم وحملهم على تجاوز العداوات ومشاعر الكراهية بكل أنواعها وأصنافها.

وثيقة الأخوة الإنسانية
وبحضور أكبر تجمع لأصحاب الديانات السماوية والفلسفات الروحية، استضافت الإمارات في فبراير (شباط) 2019، المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر وسبل تعزيزه عالمياً، والتصدي للتطرف الفكري وسلبياته وتعزيز العلاقات الإنسانية وإرساء قواعد جديدة لها بين أهل الأديان والعقائد المتعددة، تقوم على احترام الاختلاف، وتزامن المؤتمر مع الزيارة التاريخية المشتركة لشيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وبابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس إلى الإمارات.

ومن صرح زايد ‏الذي يحمل عبق ‏وتاريخ رجل أسس دولة ‏على مبادئ الإنسانية والمساواة، وبحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، صدر عن المؤتمر "وثيقة الأخوة الإنسانية" من أجل السلام العالمي والعيش المشترك التي وقع عليها شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية، ودعت الوثيقة إلى العديد من المبادرات التي تكرس روح التسامح والتعايش بين جميع الأديان.

بيت العائلة الإبراهيمية
ومن أبرز مبادرات الوثيقة مشروع "بيت العائلة الإبراهيمية"، المقرر إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، والذي سيتم افتتاحه في 2022، إذ سيضم البيت كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.

جائزة زايد للأخوة الإنسانية
وجاءت جائزة زايد للأخوة الإنسانية التي أعلن عنها في 2019 كإحدى ثمار التوقيع على "وثيقة الأخوة الإنسانية"، وتهدف الجائزة إلى الاحتفاء بالأشخاص أو المؤسسات التي تعمل على ترسيخ السلام والعيش المشترك، وبناء جسور التواصل الثقافي والإنساني، وطرح مبادرات عملية ناجحة ومؤثرة للتقريب بين المجتمعات على المدى الطويل.

مسجد مريم أم عيسى
وفي دلالة واضحة على عمق التسامح الديني الذي تشهده الإمارات، وجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في 14 يونيو (حزيران) 2017، بإطلاق اسم مسجد مريم أم عيسى "عليهما السلام" على مسجد محمد بن زايد في أبوظبي، ولقي هذا التوجيه إشادةً واسعة داخلياً وخارجياً، لما يحمله من ترجمة عملية للتسامح الديني، والذي يحس به كل من وطأت قدماه أرض الخير، كما حمل رسالة عالمية للتسامح من أرض الإمارات.

إشادات عالمية
وحظيت المبادرات الإماراتية لتعزيز السلام والتسامح، بإشادات عالمية واسعة، من أبرزها، إشادة البابا فرنسيس بنهج الإمارات الرامي لإرساء قيم التعايش والتسامح في المنطقة العربية وفي العالم، حيث وصف قداسته التسامح والإمارات بالوجهين لعملة واحدة.

في حين أعرب شيخ الأزهر عن تقديره لما حققته الإمارات من إنجازات على الصعد كافة، ودورها في ترسيخ مبادئ وقيم التسامح والأخوة الإنسانية، وأكد أن "وثيقة الأخوة الإنسانية" الأولى من نوعها هدفت إلى تحقيق الانفتاح بين الأديان، وترسيخ قيم ومعاني العيش المشترك، والوحدة في مواجهة الانعزالية، والفكر المتطرف، وساهمت في مد جسور الحوار بين الشرق والغرب، وإعلاء قيم التسامح والحوار والتآخي بين البشر.