الأربعاء 8 سبتمبر 2021 / 10:14

خبير اقتصادي: الإمارات واحة الفرص لمستقبل اقتصادي فريد من نوعه

24 - صفوان إبراهيم

أوضح الخبير الاقتصادي الدولي البروفسور سعد محمد عثمان، من خلال توقعاته لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الاقتصاد كائن حى ينمو عندما تتوفر وسائل الحياة بكل معانيها ويموت عندما يمسك زمام الأمور من لايدركه، فالاقتصاد لكي ينبت وينمو يحتاج إلى مسلتزمات الحياة أولها الإرادة، والعناية، والرغبة، والهدف، والوسائل، والفكر، والعلم.

وقال عثمان في تصريح خاص لـ24: "الكثير من الدول الغنية بالموارد تنتهي ويعمها الفقر والدمار، وعدد قليل منها ينجح في رسم مستقبل باهر للشعوب، ويرتبط تقدم ونجاح العديد من البلدان بالاستناد إلى عدة عوامل منها قوة الثروة الطبيعية والبشرية وحجمها وغيرها من العوامل، ولكن القليل جداً من حقق نجاحات بالفكر والإصرار، فكانت الإمارات العربية المتحدة واحدة منها، فقد قفزت على معايير التاريخ لترسم لوحة جميلة لبلد صغير فى الحجم كبير فى القيمة والعمق".

الإمارات المعجزة
ولفت إلى أن الإمارات كانت واحة جديدة اخترقت الخارطة الجغرافية بزمن قصير من صحراء إلى واحة مزدهرة بكل شيء لتسجل معجزة فى تاريخ منطقة تعج بالصراعات والمواجهات. واحة سجلت مواقع متقدمة فى كل المجالات وبشكل شفاف فلا أسرار فى نجاحها بل على العكس الشفافية والتواضع ومواجهة التحديات بإصرار من قادتها وشعبها ليكون لهم موقع متميز فى هذا العالم المعقد.

ثقل اقتصادي عالمي
وأكد عثمان أن الإمارات بلد يصر أن يعيش شعبه برفاهية وأمان، وسلام، ومحبة، وسلاحه البناء الاقتصادي (القوى الناعمة) التى ستسود بالمستقبل وتصدرت المشهد الاقتصادي وبنت نموذجها ليس ليس بالأبنية والشوارع، وإنما بثقلها الاقتصادي وتنوعه وخدماتها واعتمادها على استقطاب النخب والكفاءات وإطلاق الأفكار الإبتكارية والابداعية وتبني أفضل الممارسات، والإمارات سخرت كل الإمكانيات بحيث كان عامل الزمن يتجاوز بسرعة دوران عقارب الساعة، الأمر الذي أعطى الإمارات ثقة عالية وثقل عالمي فى المحافل الاقتصادية.

معايير النجاح
وقال: "أهم المعايير التى اعتمدتها الإمارات لمواكبة خارطة التطور المطلوب فى عالم التنافسية ونجحت باستيفائها هي ناتج قومي مرتفع سجل أكثر من 400 مليار دولار، ومتوسط نصيب الفرد من الناتج القومى وصل لأكثر من 80 مليون دولار سنوياً، ومعدل نمو ارتفع عن 6% قبل جائحة كورونا عام 2020. بلد معدل البطالة فيه أقل من 05.0% ونسبة التشغيل فى صفوف المواطنين تكاد تكون كاملة مع توزيعهم على القطاعين الخاص والعام مع توافر فرص كثيرة للاستثمار المدعوم فى القطاع الخاص للمواطنيين ودعم كامل للمواطن فى جميع تفاصيل حياته ليعيش بكرامة واطمئنان".

وأضاف عثمان: "الإمارات دولة تسهل فيها ممارسة الأعمال، وتدعم رواد الأعمال والمبتكرين من خلال إجراءات كثيرة كقلة تكاليف الرخص وانخفاض قيمة الضرائب، ووجود إطار قانوني متحضر يحمي المستثمر والعامل والمستهلك واعتماد الشفافية والحوكمة والإمتثال، منعاً لأي ظواهر تتعلق بسوء إدارة الأموال ومنع أي انحراف واستغلال. بلد بنى استراتيجية متكاملة لرعاية المواهب والموهوبين، وأسس لسياسة بناء ورعاية النخب والكفاءات من كل الجنسيات، ومنح امتيازات كبيرة للمستثمرين من خلال القوانين والحوافر ومنها الإقامات الذهبية وغيرها من الامتيازات التي تساعد على الاستقرار الطويل الآمن".

الأمن والأمان
وتابع تعتبر الإمارات من أفضل أربع بلدان فى الأمن والأمان وتسيهلات الحياة وفق منظومة متكاملة تشمل جميع أوجه الحياة من حيث الخدمات الصحية، والتعليمية، والترفيهية، والاجتماعية مع الحفاظ على التقاليد والتراث، وهي ملتزمه بمعايير البيئة الخضراء وتوفر الشروط الصحية لجميع القاطنينين على أرضها مع حماية الطبيعة المتنوعة واستدامتها والعناية الفائقة بالمحميات الطبيعية، الأمر الذي أضفى جمالية على تضاريسها المتنوعة.

الاقتصاد الرقمي
وأوضح أن الإمارات دولة تُطبق أعلى استراتيجية متفوقة فى مجال الابتكار والإبداع وتستخدم الاقتصاد الرقمى بنسب عالية فى خدماتها مما قلل ضغط الحياة وكلفتها وحسن جودتها مع توفر بنية تحتية تعتبر الأولى فى المنطقة من حيث الطرق والجسور وخدماتها المتميزة، هيكل متكامل فى النقل البحري والبري والجوي بإسطوله الرائد فى السوق العالمية من خلال شركات عملاقة مثل طيران الإمارات والاتحاد، بالإضافة لوجود أنظمة ضمان وتأمينات اجتماعية وقوانيين عمل وغيره بأساليب رقمية سهلة الوصول وقليلة التكاليف بالمقارنة مع البلدان الغربية.

الإمارات الأفضل
وأكد عثمان أن وجود نظام ومؤسسات متطورة لمكافحة الكوارث والأزمات أثبت أن الإمارات الأفضل فى العالم فى مواجهة فيروس كورونا من خلال نظامها الصحي المتفوق، ومن خلال الجاهزية في مواجهة الجائحة باللقاحات والفحوصات والمنافذ والتسهيلات المقدمة للجميع دون استثناء وعدد الفحوصات واللقاحات التي تجاوزت الـ76% من إجمالى عدد السكان.

خدمات بنكية
وأفاد بأن مما جعل الإمارات الأفضل أيضاً هو النظام المصرفي المتطور والخدمات البنكية واللوجستية المتعددة تنافس أغلب دول العالم واستقرار سعر صرف العملة الوطنية إزاء العملات الأجنبة الأخرى، وموازنة مالية بدون عجز وميزان تجارى يسجل فائض على مدى سنوات وميزان مدفوعات إيجابى لصالح الإمارات، والتنوع فى الموارد الاقتصادية وقلة نسبة الاعتماد على النفط والتي تقل عن 30% مقابل أكثر من 70% للقطاعات غير النفطية، فضلاً عن وجود قوانين وتشريعات حماية حقوق الإنسان ودعم التنوع العرقي والديني وحرية ممارسة الطقوس، وإشاعة التسامح بين الناس ضمن عمل مؤسساتى وقانوني وفق أعلى المعايير واستيعاب أكثر من 200 جنسية وإدارتها بأحسن وجه وحماية حقوقها وإنسانيتها.

نتائج اقتصادية باهرة
وحول كيف وصلت الإمارات إلى النتائج الباهرة فى أدائها الاقتصادي الشامل، قال عثمان إنه "منذ التأسيس انتهجت الإمارات بحكمة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فلسفة ونهج التنمية المتوازنة واستثمار عوائد النفط فى رفاه البلد، واستطاعت أن تكسب ثقة المستثمرين من جميع أنحاء العالم، لذلك كانت الاستثمارات تتوارد على الإمارات بشكل مستمر حتى تحققت الطفرات الاستثنائية مع تولي القيادات اللاحقة ضمن منهج استراتيجي متين وواضح الأهداف، وماتحقق خلال العشرين سنة الماضية يستحق أن نسميها المعجزة الاقتصادية. فكانت التنمية شمولية فى جميع القطاعات الاقتصادية وخاصة البنية التحتية ثم التشريعات القانونية التى أرست الأمان والعدالة وحسن العلاقات الدولية، والاجتماعية والإنسانية وبوسائل تطورت مع الثورة التكنولوجية الرابعة بحيث سهلت أسلوب الحياة وأنماطها".

وأضاف أن الإمارات بنت فكرها الاستراتيجي على مرحلة مابعد النفط وعبئت العوائد فى الاقتصاد غير النفطي فأنشأت المطارات والموانئ الحديثة والطرق الآمنة الواسعة، وقاد قطاع الإعمار والإسكان أكبر المشاريع فى المنطقة لترسم الأبنية الجميلة والمجمعات ومراكز التسوق أجمل صورة لبلد ناشيء وبفترة زمنية قياسية. واهتمت الإمارات ببناء القدرات البشرية وفقاً للمتغيرات المعاصرة، وفتحت المنافذ لاستقطاب الكفاءات والمواهب ورعتهم رعاية خاصة فكانت الخبرات فى سوق الإمارات متنوعة وعالية الكفاءة ساهمت فى تسريع النمو والتطور وإدخال أفضل التجارب بأعلى المعايير، واستحقت الإمارات أن تكون مرتكز للمقارنات المرجعية والمعيارية تتغنى الشعوب بتجربتها فى أصقاع الدنيا".

وأشار إلى أن الإمارات طورت مواردها من القطاعات غير النفطية فى مجال الصناعات البتروكيميائية والخشبية والغذائية والدوائية وصناعات الألمنيوم والبلاستيك وغيرها، وبنت قطاع سياحي عالي المستوى وفوق المتوقع من حيث الخدمات كالفنادق والمطاعم والمنتجعات ووسائل الترفيه لكل الأعمار والأجناس وخطوط نقل متطورة، والبيوت الخضراء. وفى مجال الاستثمار العقاري كانت الإمارات ثالث أفضل بلد فى العالم فى مجال الاستثمار العقاري وفى مجال الخدمات المصرفية، والتسهيلات البنكية وكانت الأقل عرضة للأزمات فى العالم والأفضل أداءاً فى المنطقة.

القوى الناعمة
استخدمت الإمارات القوى الناعمة في إدارة اقتصادها من خلال الوسائل المعاصرة بحيث نجحت في استقطاب أكثر من 2400 ثري من العالم للاستقرار فيها وبثروات تزيد عن 400 مليار، وهو بحد ذاته نجاح هائل لم تسجله أي دولة فى المنطقة، إضافة إلى أنها استطاعت استقطاب مؤسسات التعليم العالي العالمية والمؤسسات الصحية المتمزة فى العالم، واستضافت الكثير من الأنشطة العلمية والندوات المتعلقة بمستقبل العالم وأموره، وأنتجت الكثير من القنوات التلفزيونية والإذاعية والفنية والمسارح وغيرها من وسائل القوى الناعمة المعاصرة لتعُطى رسالة للإنسانية بعالميتها، وأنها تسعى لأن تكون واحة الفرص والأحلام لكل الناس وربما الأفضل فى العالم والأيسر بما تملكه من إمكانات، وأطُر خلال العشرة أو العشرين سنة القادمة ومحط انظار كل الدنيا. ولجأت الإمارات إلى عالم المستقبل فكانت الأولى التى وصلت للمريخ ودخلت عالم الاستثمار في الفضاء وفي الطاقة النظيفة واستخدامات G5 و G7 وغيرها من التقنيات التي تُعد أسرع من التقنيات السابقة بمئات المرات.

ونوه إلى أن الإدارة المالية الرشيدة أعطت فرص للاستثمارات لتتمتع ببيئة بضرائب قليلة ورسوم تراخيص منخفضة وتسهيلات كبيرة وحماية متطورة، والإدارة المتكاملة للجودة للمنتوجات ومحاربة الغش والفساد واعتماد الحوكمة والبناء التشريعى المتطور عبر وسائل الاتصال الإلكترونية، وحسم المنازعات بسرعة وعدالة وإشهار قوانين ضامنة لكل الأطراف.

واحة التعايش السلمي والتسامح
وأكد عثمان أنه في الإمارات تجد كل ماتحتاجه، فالإمارات بلد الفرص والأحلام واحة للطموحين ولمن يبحث عن المستقبل ففيها الكل رابح. الإمارات واحة التعايش السلمي وواحة التسامح واحة القيادة الذكية المحبة للجميع على أراضيها.

وقال: "هل من الممكن أن نستقرئ مستقبل الإمارات بعيون خبرة اقتصادية؟ الجواب نعم الإمارات فيها كل مقومات التطور المستقبلي قيادة حكيمة محبه للبلد طموحة، وموارد مالية عالية وعمليات توظيف صحيحة، وشعب ودود ومحب للسلم ويتطلع للتقدم والتطور مع الحفاظ على تراثه وتقاليده، وموارد طبيعية منَ الله بها على البلد من غاز ونفط وثروات مائية وطبيعية أخرى، وطاقة استيعابية عالية للاستثمار وبيئة استثمارية جاذبة، وموارد بشرية مؤهلة فى جميع الاختصاصات علاقات دولية ممتازة، بالإضافة لموقع جغرافى استراتيجي وربما عوامل أخرى كلها تشكل حزمة متكاملة لضمان المستقبل".