الأربعاء 15 سبتمبر 2021 / 19:59

لماذا استقبل ماكرون محمد بن زايد في "فونتينبلو"... تقدير خاص في معلم تاريخي استثنائي

24- أبوظبي- محمد رمضان

في خطوة غير اعتيادية، بمراسم استقبال الوفود الرسمية في فرنسا التي تقام عادةً في قصرالإيليزي، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر "فونتينبلو" التاريخي بالعاصمة باريس، ما يظهر استثنائية الزيارة التي يؤديها الشيخ محمد بن زايد إلى فرنسا، والتقدير الخاص الذي تكنه باريس لقيادة الإمارات.

وخلال الزيارة، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يرافقه الرئيس الفرنسي جولة في مرافق قصر "فونتينبلو" وأقسامه، والذي يعد أحد أهم القصور الملكية في فرنسا.

فما هي قصة هذا المعلم الثقافي الفريد الذي تأسس منذ أكثر من 9 قرون، وما الذي يربطه بالإمارات؟

يقع قصر فونتينبلو، 60 كيلومتراً جنوب شرق باريس، وسط غابات مدينة فونتينبلو الكثيفة، ويعد أحد أضخم القصور في فرنسا بتصاميمه الداخلية والخارجية القائمة على الطراز المعماري الأوروبي الذي ساد خلال العصور الوسطى وعصر النهضة ومن أكثر المعالم التاريخية والسياحية استقطاباً للسياح في فرنسا.



روابط متميزة
ويرتبط هذا القصر بروابط وثيقة ومتميزة بالإمارات، إذ عكفت إمارة أبوظبي على إعادة ترميم مسرح قصر فونتينبلو الإمبراطوري وافتتحه في 2019 بحضور وزير الخارجية والتعاون الدولي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، بعد 100 عام من إغلاقه، بالتزامن مع اتفاقية إنشاء متحف اللوفر أبوظبي وعدة مشاريع أخرى بين البلدين.

وتقديراً وعرفاناً منها للإمارات بمساهمتها الاستثنائية في إحياء هذا الصرح التاريخي العريق، أطلقت الحكومة الفرنسية اسم رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، على المسرح العريق.



وتأتي أعمال ترميم المسرح وإعادة الحياة لهذا الجزء المهم من تاريخ فرنسا في إطار اتفاقية تعاون ثقافي بين أبوظبي والحكومة الفرنسية وقعت في 2007 وتضمنت إنشاء اللوفر أبوظبي ومبادرات دولية منها انعقاد المؤتمر الدولي للحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر في 2016 في أبوظبي، وتأسيس التحالف الدولي لحماية التراث الثقافي في مناطق النزاع "ألف" وغيرها الكثير.

متحف لفنون الأداء
ويعتبر مسرح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "مسرح قصر فونتينبلو الإمبراطوري" في باريس الذي صممه هيكتور ليفيول للعائلة للحاكمة بين 1853 و1856، أحد روائع العمارة في عهد الإمبراطورية الفرنسية الثانية، ولم يستخدمه الإمبراطور نابليون الثالث سوى بضع مرات فقط ثم أغلق أبوابه لما يزيد عن قرن من الزمان، ما حافظ على حالته الأصلية، وبعد إعادة فتحه للجمهور عقب أعمال الترميم والتجديد تحول "مسرح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان" اليوم، إلى متحفٍ لفنون الأداء وفنون الزخرفة في عصر الإمبراطورية الفرنسية الثانية.

وعلى امتداد تاريخه الطويل سكن في قصر فونتينبلو، الذي أدرجته اليونسكو على قائمتها لمواقع التراث العالمي، 34 ملكاً وإمبراطوراً فرنسياً، ويحتضن 1530 قطعة أثرية وفنية وأثاث نادر، وشهد القصر لحظات تاريخية فارقة أبرزها توديع نابليون الأول حرسه وحاشيته قبل ذهابه إلى المنفى في 1814 وعبر إدخال تعديلات على هيكل القصر بما في ذلك توسيع المدخل المرصوف بالحصى بحيث يتسع لمرور عربته الإمبراطورية ساعد نابليون على رسم ملامح صورة القصر الحالية.

وكان قصر فونتينبلو أيضاً مقراً لبلاط ابن أخيه نابليون الثالث في الإمبراطورية الفرنسية الثانية، ويضم حالياً الأكاديمية الفنية الأمريكية لتعليم الفنون والهندسة المعمارية والموسيقى.

ويتصدر قصر فونتينبلو الملكي قائمة أكثر الأماكن التاريخية والسياحية البارزة في فرنسا، ويقصده السياح سنوياً من كل بلدان العالم.

وتعود شهرة القصر، إلى اعتباره مرآة تعكس جانباً كبيراً من تاريخ فرنسا على مر العصور، إذ  راكم بين جدرانه تاريخاً من القرون المتعاقبة وسكنه جميع ملوك وحكام فرنسا منذ القرن الثاني عشر حيث أساساته الأولى، إلى القرن التاسع عشر حين شهد آخر تعديلاته، لكنه لم يبلغ أهميته القصوى إلا في القرن الثامن عشر في عهد نابليون الأول، الذي لقبه بـ"بيت القرون".