الأربعاء 27 أكتوبر 2021 / 15:10

لمواجهة التغير المناخي.. الإمارات توظف تقنيات الاستمطار المبتكرة لمعالجة شح المياه

عملت الإمارات بفضل الرؤى الاستباقية لقيادتها الرشيدة على تبني وتطوير ودعم مختلف التقنيات والابتكارات الحديثة لضمان تأمين موارد مستدامة للمياه التي تعد الأمطار أحد مصادرها الرئيسية، انطلاقاً من دورها الريادي في معالجة القضايا ذات الاهتمام الدولي، ومن ضمنها الأمن المائي، إذ يعد شُحّ الموارد المائية أحد التداعيات الرئيسية الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي التي يشهدها العالم حالياً.

وتحرص الإمارات على تعزيز التعاون الدولي وبناء الشراكات الناجحة، انطلاقاً من إيمانها الكامل بأهمية دعم العمل المناخي في العالم الذي تجسد في إطلاق مبادرتها الاستثنائية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، تماشياً مع دورها العالمي الرائد وسجلها الحافل في إطلاق المبادرات والمشاريع المبتكرة التي لها أكبر الأثر في مواجهة تداعيات التغير المناخي وهو ما ينسجم مع مسيرة الإمارات في الأعوام الخمسين المقبلة. 

ويستعرض التقرير التالي جهود الإمارات في استدامة الموارد المائية حيث تعتبر تقنيات الاستمطار مساهماً مهماً في إعادة هندسة كوكب الأرض بالحد من الجفاف وتعزيز موارد المياه وضمان استدامتها، وعملت الإمارات على تنفيذ وتطوير الاستمطار منذ قرابة عقدين لمواجهة نقص الموارد المائية.

ويساهم استمطار السحب في التخفيف من تأثير الاحتباس الحراري الذي يؤدي إلى الجفاف وارتفاع معدلات تبخر المياه.

وتستخدم تقنية تلقيح السحب لتحسين العمليات الفيزيائية الدقيقة في السحابة، لاستخراج المزيد من المياه وتحسين كميات الهطول المطري لتصل حسب معدل النسب العالمية إلى 18%.

إنجازات عملية
وباشرت الإمارات تلقيح السحب في 2002 من خلال المركز الوطني للأرصاد ضمن اهتمامها الدائم بقضايا الأمن المائي، واعتمدت في ذلك النهج التقليدي في عمليات الاستمطار والمتمثل في إطلاق الشعلات المكونة من الأملاح الطبيعية، منها كلوريد البوتاسيوم عند قاعدة سحب الحمل الحراري بوجود التيارات الهوائية الصاعدة.

وركزت العمليات في سنواتها الأولى على تيارات الحمل الحراري المتكررة خلال فصل الصيف على طول سلسلة جبال الحجر في شمال شرق الدولة.

وبحلول 2010، بدأ المركز الوطني للأرصاد تلقيح السحب المناسبة على مدار العام في جميع أنحاء الدولة.

بنية تحتية متكاملة 
ويعد المركز الوطني للأرصاد الجهة المسؤولة عن الاستمطار في الإمارات، حيث يملك بنية تحتية مميزة مدعومة بأصحاب الخبرات المتقدمة والتقنيات والوسائل المتطورة التي تضم أكثر من 100 محطة للرصد الجوي وشبكة رادارات متكاملة تغطي كافة أنحاء الدولة، وطائرات لتنفيذ عمليات الاستمطار، إضافة إلى مصنع لإنتاج شعلات تلقيح السحب عالية الجودة.

البحث العلمي
وإلى جانب جهودها العملية في مجال الاستمطار، أسست الدولة في 2015 برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار بالمركز الوطني للأرصاد، تحت رعاية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، لتعزيز التقدم العلمي وتطوير تقنيات جديدة في علوم الاستمطار.

ويشرف البرنامج على منح بحثية للمشاريع التي تساهم في تطوير حلول مبتكرة في أبحاث الاستمطار.

وصمم البرنامج الذي يديره المركز الوطني للأرصاد في أبوظبي لدعم الأبحاث المتعلقة بالاستمطار، لتشجيع وتعزيز التقدم العلمي والتقني في الاستمطار. ويقدم البرنامج منحة بـ 1.5 مليون دولار أمريكي موزعة على 3 سنوات لكل واحد من المقترحات البحثية في مجال الاستمطار بمعدل 550 ألف دولار كل عام، كحدٍ أقصى.

وعلى مدى ثلاث دورات قدم البرنامج منحاً لـ 9 مشاريع بحثية مبتكرة في مجال الاستمطار، وقد فتح البرنامج باب استقبال المقترحات البحثية لدورته الرابعة مطلع العام الجاري، وسيتم الإعلان عن المشاريع الحاصلة على منحة الدورة الرابعة من البرنامج في يناير (كانون الأول) 2022، كما وتفاعل مع البرنامج من خلال حملاته التعريفية واستراتيجياته للتواصل الخارجي 1811 باحثاً وعالماً و806 مؤسسات بحثية من 70 دولة، مما ساهم في تقديم 451 مقترحاً بحثياً خلال أربع دورات.

وساهمت المشاريع الحاصلة على منحة البرنامج في تطوير تقنيات جديدة في هذا المجال من ضمنها استخدام المواد النانوية، والطائرات دون طيار، وتصميم غرفة محاكاة السحب، ونظام المحرك النفاث لتكوين التيارات الصاعدة للسحب، وغيرها.

وسجل الباحثون الحاصلون على منحة البرنامج 4 براءات اختراع، ونشروا 74 مقالة في مجلات علمية محكمة، كما شاركوا في 97 مؤتمراً دولياً، ونفذوا 8 حملات ميدانية لتجربة وقياس فعالية المشاريع الحاصلة على منحة البرنامج بالتنسيق الكامل مع المركز الوطني للأرصاد وبإشرافه المباشر.

وحقق برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار نجاحاً كبيراً على المستوى العالمي ساهم في تأكيد مكانة الإمارات الرائدة في هذا المجال العلمي، حيث شكل البرنامج وجهة جاذبة لشبكات الأبحاث المعترف بها عالمياً، ونجح في تطوير نقل المعارف الضرورية لتأمين موارد مستدامة للمياه في دول العالم المعرضة لمخاطر الجفاف.

جدير بالذكر أن الإمارات أعلنت في مايو (آيار) 2021 مساعيها لاستضافة المؤتمر الـ28 للأطراف "COP28" في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في أبوظبي في 2023.

ولقيت هذه الخطوة استجابة إيجابية واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم نظراً لسجل الدولة الحافل في مجال ابتكار التكنولوجيا النظيفة، والخبرة الممتدة التي تتمتع بها الدولة، باعتبارها رائدة في مجال البيئة والطاقة النظيفة.