السبت 6 نوفمبر 2021 / 11:02

صحف عربية: ميليشيات إيران تحاول قلب نتائج الانتخابات العراقية بالفوضى

تحتدم أزمة الانتخابات العراقية مع سعي الفصائل الموالية لإيران لقلب النتائج عبر الاحتجاجات المستمرة وتلفيق التهم للمفوضية العليا وابتزازها من أجل إعادة عمليات الفرز يدوياً، التي أثبتت فوز التيار الصدري بأغلبية الأصوات.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم السبت، فإن اشتباكات دامية وقعت أمس في المنطقة الخضراء ببغداد بين أنصار الفصائل الرافضة لنتائج الانتخابات وقوى الأمن، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، وسط تحذيرات من اقتتال شيعي-شيعي.

خيبة أمل
يرى مراقبون، أن الخسارة التي سجلها "الحشد الشعبي" بحسب النتائج الأولية تعود إلى خيبة أمل ناخبيه من أدائه السياسي وإخفاقه في تلبية تطلعاتهم، بالإضافة إلى العنف والممارسات القمعية المنسوبة للفصائل المكونة للحشد، وفقاً لما ذكرته صحيفة "الشرق الأوسط". وفي المقابل، حصد التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أكثر من 70 مقعداً وفق النتائج الأولية، ما يجعله في الطليعة. لكن اختيار رئيس للحكومة وتشكل الكتل السياسية والتحالفات في البرلمان الجديد قد يتطلب وقتاً طويلاً، فيما يجري الصدر حالياً لقاءات مع قوى سنية وكردية في بغداد.

وأكدت الصحيفة، أن الخاسرين في الانتخابات أصدروا، يوم الخميس، بياناً أعلنوا فيه عن خطوات تصعيدية عبر ما سمّوه "جمعة الفرصة الأخيرة". وبينما انطلقت مظاهرات بدأت سلمية صباحاً فإنها تحولت إلى مواجهات بعد الظهر، بدأت على أثرها المخاوف تشتد من أن تتحول إلى صدام شيعي-شيعي. وكان عدد من زعامات الشيعة بدأوا حراكاً لتطويق الأزمة سواء عبر إصدار بيانات أو تغريدات أو عبر اتصالات مع مختلف الأطراف الرافضة من أجل سحب المتظاهرين.

وكانت المظاهرات امتدت من العاصمة العراقية بغداد إلى عدد من المحافظات العراقية، لا سيما الوسطى والجنوبية التي يخشى في حال استمرارها أن تعيد سيناريو مظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) 2019، لكن بنسخة أكثر عنفاً بين الأحزاب والقوى الشيعية هذه المرة.

تهديد وتحذير
قالت مصادر سياسية عراقية لصحيفة "العرب"، إن الأحزاب المنضوية في "الإطار التنسيقي" التي خسرت في الانتخابات فشلت في تحريك الشارع بأعداد كبيرة بهدف الضغط على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الحائز على أكبر كتلة في الانتخابات، لتحسين شروط التفاوض حول مكاسبها في الحكومة الجديدة، وأردفت قائلة إن "هذه الأحزاب بدلاً من إثبات قوتها كشفت عن محدودية عمقها الشعبي، حيث لم يكن الحضور بالحجم الذي كانت تخطط له".

وأضافت هذه المصادر، أن الجهة الثانية المعنية بالضغط هي مفوضية الانتخابات، وذلك بهدف دفعها إلى تغيير النتائج خلال عملية العد اليدوي الجديد التي يراد من خلالها إعادة تشكيل الخارطة التي أنتجتها الانتخابات لتضع هذه الأحزاب في موقع الكتلة التي لا غنى عنها في تشكيل الحكومة القادمة.

أطلق تحالف الفتح الذي يمثّل الحشد الشعبي تهديدات واضحة لمفوضية الانتخابات ملوحاً بإسقاطها من خلال الاحتجاجات، لكن مراقبين محليين يقولون إن أحزاب "الإطار التنسيقي" تتخفى وراء صورة الحشد الشعبي كميليشيا تمارس العنف من أجل التغطية على تراجعها، وإن التظاهرات هي أقصى ما يمكن أن يضغط به أنصارها، وإنهم عاجزون عن التصعيد.

ويضم "الإطار التنسيقي" قوى سياسية وفصائل من أبرزها دولة القانون برئاسة نوري المالكي وتحالف الفتح الذي يجمع ميليشيات الحشد الشعبي بزعامة هادي العامري.

التدخل الخارجي
يقول الكاتب منصور سامي في مقال له بصحيفة "صوت العراق"، إن ضعف الدولة العراقية حالياً وبعد سقوط نظام صدام تحديداً شجع دول الجوار للتدخل السافر في شؤونه، فمثلاً إيران من خلال ميليشياتها المتعددة في العراق، التي شكلت سيطرات لتعتمد عليها في التمويل قد تصل إلى مليون دولار يومياً، منها: "سيطرة الصفرة، ومنفذ سومر، وسيطرة التاجي، وسيطرة الشعب، وسيطرة الحسينية، وسيطرة اليوسفية". وتعتبر هذه السيطرات آبار نفط فوق الأرض تمتد على كل خارطة البلاد.

ويضيف الكاتب، أما تركيا فلها مواقع عسكرية في شمال العراق بحجة مطاردة حزب العمال الكردي وهذه المواقع هي: "مخمور وسنجار وجبل قنديل وحاكورك وزاب وافاشين باسيان وهفتانين"، ولتركيا أهداف أخرى اقتصادية وتوسعية وأطماع استعمارية لتحقيق أحلام الإمبراطورية العثمانية والضغط على العراق.

ويقول سامي: "بعد الإنتخابات العراقية الأخيرة منيت الأحزاب الموالية لإيران بنكسة كبيرة لكنها رفضت نتائج الانتخابات بحجة التزوير، وهي تعلم يقينياً إنها كانت نزيهة كما أكدتها تقارير المراقبين الدوليين، لكنها تريد جعل الباطل حقاً والحق باطلاً، لكن هيهات، فقد وعى العراقيون مدى الغبن والضرر والعار الذي ألحقته تلك الميليشيات بالاقتصاد العراقي، ولهذا لم تنتخبها".

الحكومة الناجحة
من جهته، قال الكاتب حسن الكعبي في مقال له بصحيفة "الصباح" العراقية، إن الدولة في الغالب "خصوصاً الدولة العراقية بما تحوزه من خيرات" لا يمكن أن ينتج فشلها عن شحة في الموارد المالية الضامنة لتطورها الاقتصادي والنهوض ببلادها نهوضاً عمرانياً دونماً أي معوقات تذكر، إنما مكامن الفشل في الإدارة السيئة لهذه الموارد واعتبارها مغانم شخصية وملكيات خاصة.

ويقول الكعبي، إن المفترض أن يؤخذ بالاعتبار المصلحة العامة التي تنتج عنها رفاهية المجتمع وضمناً رفاهية الحكومة حتى وهي في أشد حالات "الدوغما الفئوية"، هذا على الصعيد الداخلي الذي يمكن الركون إليه في ضمان تشكيل حكومة ناجحة، وعلى الصعيد الخارجي فإن الحكومة الوطنية يجب أن توسع رقعة انفتاحها على الدول التي تحمل نوايا حسنة في تطوير علاقاتها مع بلدان الجوار، وتحمل النوايا ذاتها في التبادل المنفعي تجارياً أو اقتصادياً أو أمنياً، وبالمقابل فإن تقنين العلاقات مع الدول الرامية إلى تمزيق البلاد وتدمير سيادتها لمصالحها القومية، يصبح أمراً حتميا في نجاح الحكومة الوطنية.