الإثنين 14 مارس 2022 / 12:35

فايننشال تايمز: سيناريوهات تطور الحرب في أوكرانيا

24-زياد الأشقر

عن سير العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، كتب مراسلا صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية هنري فوي من بروكسل، وديميتري سيفاستوبولو من واشنطن، أن مسؤولي الاستخبارات الغربية توقعوا نصراً روسياً في أقل من أسبوع في أوكرانيا. لكن بعد أكثر من 15 يوماً لا تزال موسكو وكييف تخوضان معركة دموية للسيطرة على الأرض.

في مقال لبوتين في العام الماضي تناول فيه تاريخ أوكرانيا وعلاقاتها مع روسيا، ورأى فيه الكثيرون المبرر التاريخي للغزو، تلميح إلى تقسيم البلاد بين الشرق الناطق بالروسية والغرب الذي يركز على أوروبا

وبدت أوكرانيا أقوى مما توقعت الدول الغربية التي تدعمها بالسلاح، وفي الوقت نفسه، عانت الحملة الروسية من أخطاء استراتيجية، ونواقص لوجستية، واستخباراتية قللت إلى حد كبير من قدرات روسيا، في حين أخفقت الجهود الديبلوماسية في وقف القتال حتى الآن.

ومع اخفاق روسيا في تأمين نصر سريع وغموض الأهداف النهائية للرئيس فلاديمير بوتين، فإن العواصم الغربية تناقش طائفة من السيناريوهات لتطور النزاع.

ورغم إخفاق موسكو في النجاح في خطتها، فإن غالبية المسؤولين والمحللين الغربيين يعتقدون في تقييم أولي، أن روسيا ستحقق نصراً شاملاً، بالاستناد إلى تفوق قوتها العسكرية.

لكن بوتين سيدفع ثمناً أكبر مما كان في حساباته، على صعيد الخسائر العسكرية وسمعة قواته المسلحة، وفق ما يقول محللون.

كما أن حصيلة القتلى المدنيين ستكون مرتفعة بسبب تحول روسيا إلى القصف العشوائي ونشر أسلحة مثل القنابل العنقودية، والفراغية.

حكومة موالية لموسكو
ويتوقع معظم المحللين أنه بعد سيطرتها على البلاد، ستعمد روسيا إلى استبدال حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي بإدارة موالية لموسكو. وقد يؤدي ذلك إلى تأليف حكومة أوكرانية مدعومة من الغرب في المنفى، وإلى إطالة أمد المقاومة في الداخل.

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن قال الأسبوع الماضي: "إذا كان الهدف فرض نوع من الحكومة الدمية، فمن الواضح جداً أن الشعب الأوكراني لن يقبل ذلك أبداً، وإذا ما حاول، بوتين، فرض مثل هذا النظام الدمية بإبقاء القوات الروسية في أوكرانيا، فإن فوضى دموية طويلة المدى سنتشأ وتالياً ستستمر روسيا في المعاناة بسببها".

وسبق للرئيس زيلنسكي أن رفض اقتراحات من القوى الغربية لإجلائه من كييف، مكرراً قوله إنه يريد "ذخائر، لا رحلة".

لكن الكثير من مسؤولي الاستخبارات العسكرية يقولون إن تراجعاً أوكرانياً محتملاً إلى غرب البلاد، حيث لم تحاول روسيا الاستيلاء على أراضٍ هناك، من بين الإحتمالات الممكنة لوضع نهاية للحرب.

وقد ناقشوا أن تكون لفيف القريبة من الحدود البولندية، عاصمة محتملة مؤقتة لأوكرانيا.

وتفترض استراتيجية الغزو الروسي، التي تركز القوة النارية حتى الآن على كييف، وعلى الشمال وعلى شرق أوكرانيا، ومناطقها الجنوبية، أنه ربما يرد في حسابات الكرملين مثل هذا الاحتمال، باعتباره نتيجة مقبولة لإنهاء الحرب.

وفي مقال لبوتين في العام الماضي تناول فيه تاريخ أوكرانيا وعلاقاتها مع روسيا، ورأى فيه الكثيرون المبرر التاريخي للغزو، تلميح إلى تقسيم البلاد بين الشرق الناطق بالروسية والغرب الذي يركز على أوروبا.

القرم
ومقارنة مع المصاعب التي تواجه روسيا في الشمال والشرق، فإن قواتها التي انطلقت من شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014 في الجنوب، حققت مكاسب رئيسية على طول ساحل البحر الأسود.

وإذا هاجمت روسيا أوديسا واستولت عليها، وهي ثالث أكبر مدينة في أوكرانيا، ستعزل القوات الروسية  أوكرانيا عن البحر، وتشل طريق التصدير البحري.

لكن قلة يعتقدون أن بوتين سيهدأ لإخفاقه في الاستيلاء على كييف أو إسقاط حكومة زيلينسكي، بالنظر إلى هدفه المعلن عن "نزع سلاح" البلاد ومنعها من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي.

وقال نائب زيلينسكي، إيغور جوفكفا، في الأسبوع الماضي، إن كييف "مستعدة لحل ديبلوماسي" إذا سحبت روسيا قواتها.

لكن بينما يلمح المسؤولون الأوكرانيون إلى احتمال القبول باتفاق حول وضع القرم والمنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، فإنهم يرفضون المطالب الروسية بجعل أوكرانيا محايدة ونزع قدراتها العسكرية.

لكن نوعاً من التسوية قد يغري الطرفين إذا تحولت الحرب إلى مستنقع يتكبدان فيه خسائر متصاعدة.

والسؤال هل أن وقف للنار سيثبت روسيا في مواقعها الحالية أو أن بوتين سيسحب قواته إلى منطقة معينة.

ومن المحتمل أن تستمر كييف في صد الجهود الروسية للسيطرة على المدن الكبرى، خاصةً إذا استمرت شحنات الأسلحة الغربية في تعزيز قدرات الجيش الأوكراني، وفق بعض المراقبين.

مأزق
إن هذا المأزق والتأثير الكبير للعقوبات الغربية على روسيا، حفز مسؤولين غربيين على التكهن بأن بوتين نفسه قد يذهب ضحية للغزو الفاشل. ويؤكدون أن الرئيس الروسي الذي حكم أكثر من 22 عاماً، يمكن أن تطيح به النخبة في الكرملين، أو الجيش أو مسؤولين أمنيين غاضبين من طريقة إدارته الحرب، أو بعد احتجاجات من المواطنين الغاضبين من تردي أوضاعهم المعيشية.

وأخيراً، يتكهن بعض المسؤولين بتعذر احتواء النزاع في أوكرانيا، ويؤكدون أن شحنات الأسلحة المرسلة إلى كييف من أعضاء في حلف شمال الأطلسي والعقوبات المشلة التي فرضت على موسكو، أثارت مخاطر توسع النزاع إلى دول مجاورة، في خطوة قد تجر الأطلسي إلى نزاع مباشر مع روسيا.