الإثنين 14 مارس 2022 / 16:37

كورسيكا.. لؤلؤة فرنسا في البحر المتوسط

تعد جزيرة كورسيكا لؤلؤة فرنسية في البحر المتوسط، وتزخر بالمناظر الطبيعية الخلابة وتمتاز بتنوع المظاهر الثقافية والكنوز التاريخية.

وتشتهربيانا بأنها واحدة من أجمل القرى الفرنسية، وأطلق الإغريق قديماً على هذه القرية "الجميلة"، ومن خلال نظرة سريعة على الخريطة يكتشف المرء روعة الحياة التي ينعم بها 500 شخص في قرية بيانا،على الساحل الغربي لجزيرة كورسيكا، ويحيط بها أحد مواقع التراث العالمي، والذي يرتفع 450 متر تقريباً فوق خليج بورتو.

ويمكن للسياح الوصول إليها عبر الطريق الزراعي المتعرج من منطقة أجاكسيو، وتظهر أواني الأزهار على السلالم وعتبات النوافذ الحجرية غير المكسوة بالجبس، وتبدو قمم الجبال الخضراء من فوق أسطح المنازل المغطاة بالقراميد، ويكثر ظهور السياح يجلسون أمام المطاعم أو يتجولون وسط المتاجر بحثاً عن جبن الأغنام.



كالانش
وعلى مقربة من القرية الصغيرة تقع المعجزة الطبيعية "كالانش"، وهي مناظر طبيعية غريبة من صخور الغرانيت الأحمر حيث شكلت العوامل الطبيعية الصخور بطريقة تشبه الوحوش والمخلوقات الأسطورية. 

وبسبب إقبال السياح على مشاهدة هذه المناظر الطبيعة تكون حركة المرور كثيفة على طريق البانوراما، عبر وسط منطقة كالانش، ويسير السياح على عبر المنعطفات الشديدة على متن السيارات المستأجرة والموديلات القديمة، وسيارات الكارافان، وتتوقف حركة السير تقريباً عند الوصول إلى الشريط الضيق عند سفح الصخور.

وينعم السياح بالمناظر الطبيعية الصخرية بشكل أكثر استرخاءً من منصة المراقبة "شاليه ليس روشيه بلو"، وهناك العديد من مسارات التجول تبدأ من المنطقة القريبة من مطعم الجولات السياحية، وتمتاز هذه المسارات بإطلالتها البانورامية الساحرة.



"لا شاتيغنيرا"
ويعرف أطول مسار من مسارات التجول بـ "لا شاتيغنيرا" ويمر عبر منطقة شديدة الانحدار تكسوها أشجار الصنوبر حتى يصل إلى غابة صغيرة من أشجار الكستناء، وتتدلى الفاكهة الناضجة من أشجار التوت الأحمر على طول الطريق.

 ويبدو أن السياح لا يمكنهم تسلق المنحدرات الحادة، وعند الوصول إلى أعلى نقطة في الجولة تلوح أمام السياح كتلة متراصة وردية اللون، وهنا ينعم السياح بإطلالة رائعة على خليج بورتو.

ويبدأ مسار التجول من كشك على الطريق الزراعي حتى شاطئ "أرونه"، ينحدر في غابات منخفضة الكثافة، حيث تتوهج أشجار العرعر والتوت الأحمر والمستكة باللون الذهبي تحت أشعة الشمس الساطعة، وكثيراً ما تتفرع المسارات الجانبية من المسار الرئيسي نحو حافة الجرف الصخري، وهنا ينعم السياح بإطلالة ساحرة على الجزر الصخرية المنتشرة في مياه البحر الفيروزية الرقراقة، ودائماً ما تظهر القمة الصخرية "كابو روسو" مع برج المراقبة أمام السياح خلال الجولة السياحية.

ويعتبر الطريق المباشر لصعود القمة الجبلية أجمل جزء في مسار التجول، ويتدافع السياح فوق التلال بشكل رائع، ولا يمثل صعود القمة أي مشكلة لأصحاب الخبرة في تسلق الجبال، حيث تمتاز صخور الجرانيت بأنها غير زلقة، وتنتشر بعض درجات السلم البسيطة، وتشير أكوام الصخور المتراصة إلى طريق الصعود.

وبعد صعود الدرج الحلزوني يصل السياح إلى حافة الشرفة في البرج، الذي كان يتستعمل ذات يوم من حراس جنوة الإيطالية، وهنا فرد المرشد السياحي إدغار إيبرل الحصيرة المطاطية ونصب الموقد ووضع الزجاجات بجانبها، وانصرف السياح إلى التقاط الصور الفوتوغرافية قبل غروب الشمس، وسيقضون ليلتهم تحت النجوم أو في الطابق الأسفل في البرج إذا كانت الرياح غير مناسبة للنوم في العراء.



منحدرات سكاندولا
وتستمر متعة المشاهدة البانورامية في صباح اليوم التالي، حتى قبل النهوض من السرير، حيث تطل النافذة على منحدرات سكاندولا المتوهجة باللون الأحمر خلف الخليج، وتعتبر شبه الجزيرة بمثابة القلب النابض لموقع التراث العالمي، وعند الرغبة في مشاهدتها عن قرب فإنه يلزم ركوب القارب من ميناء بورتو، والذي يقع على مسافة 20 دقيقة بالسيارة ويضم أسطولاً من القوارب السياحية بدءا من القوارب المريحة وحتى قوارب السباقات.

ووقع اختيار السياح على قارب مطاطي صلب أنيق بقوة 600 حصان، وخلال هذه الرحلة البرية ينتقل السياح إلى عالم خارج الوقت الحاضر، ويضم هذا المشهد صخوراً حمراء وتلالاً بالألوان متنوعة مثل الأخضر والأسود، والتي تبدو كأنها حمم بركانية صلبة، وأكد قبطان القارب أنها صخور بركانية، حيث اندفع الريوليت والبازلت والرخام السماقي في سلسلة انفجارات تحت الماء.

وتنتشر الشجيرات على القمم الصخرية والمنحدرات، كما تظهر أعشاش الطيور على الإبر الصخرية، حيث تعيش في شبه الجزيرة طيور الغاق والنورس وبعض الأنواع النادرة من العقاب النسري، والتي تخضع لحماية شديدة منذ 1975، وفي مياه البحر المتوسط يمكن العثور على أسماك الوقار، وأبو سيف، وثعابين سمك الموراي، وتمرح الدلافين بحرية.

ويمر القارب أمام الأعمدة البازلتية المكدسة أفقيا، والتي ترجع لكاتدرائية سكاندولا، ويظهر أيضاً كهف ترتفع جدرانه 80 متراً، وخلال هذه الجولة ينشد قبطان القارب قصيدة بالكورسيكية يتغنى خلالها بجمال الطبيعة في هذه الجزيرة الساحرة.