الأحد 20 مارس 2022 / 16:12

مسلسل على نتفليكس يحاول "تضميد جراح الماضي" ليهود تركيا

حقق مسلسل على نتفليكس تدور أحداثه في أوساط اليهود في تركيا نجاحاً غير متوقع في البلاد، متحدياً المحظورات ومستقطباً الجمهور للتعرف على مجتمع جرى تجاهله لفترة طويلة.

ولقيت المسلسلات التلفزيونية التركية التي غالباً ما تروّج لقصص تحظى برضا حكومي، نجاحاً عالمياً جعل من البلاد قوة كبرى على الشاشات الصغيرة في العالم.

تدور أحداثه في الخمسينيات
لكن مسلسل "ذي كلوب" الذي تدور أحداثه في خمسينات القرن الماضي هو الأول من نوعه، لأسباب ليس أقلها أن بعض الحوارات التي يتضمنها هي باللادينو، لغة يهود اسطنبول المستمدة من الإسبانية في العصور الوسطى.

وبعدما عاشت الأقليات في الماضي مراحل ازدهار في العاصمة المتعددة الثقافات للإمبراطورية العثمانية، عانى يهود اسطنبول مذاك من الاضطهاد والتمييز. وآثر اليهود التكتم حول هويتهم لحماية أنفسهم، متمسكين بالعادة اليهودية التركية المعروفة بـ"كاياديس" بلغة اللادينو، ومعناها "الصمت".

قصة المسلسل
لكن مسلسل "ذي كلوب" الذي تدور أحداثه في ملهى ليلي في الجانب الأوروبي التاريخي لإسطنبول، يضع حداً لهذا الصمت. يتطرق المسلسل إلى الهجمات والاضطهادات التي دفعت بالكثير من اليهود واليونانيين والأرمن إلى مغادرة تركيا في القرن العشرين، بما في ذلك ضريبة الثروة التي فرضتها السلطات التركية على غير المسلمين عام 1942 إضافة إلى أعمال الشغب ضد الأقلية اليونانية (ما عُرف بـ"بوغروم اسطنبول") عام 1955 والتي أطلقت العنان للعنف ضد جميع الأقليات الأخرى.

في حالة نادرة لتماهي الفن مع الواقع، أصبح "ذي كلوب" أكثر المسلسلات مشاهدة على نتفليكس في تركيا تزامناً مع محاولات أنقرة إصلاح العلاقات مع إسرائيل. وبعدما كان البلدان متقاربين تاريخياً، توترت العلاقات بينهما بسبب معاملة إسرائيل للفلسطينيين وتصريحات للرئيس التركي رجب طيب اردوغان وُصفت بأنها معادية للسامية.

وقام الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ قام بزيارة تاريخية إلى تركيا في وقت سابق من هذا الشهر، أجرى خلالها محادثات مع نظيره رجب طيب أردوغان. حتى أن هرتسوغ زار الحي الذي صُور فيه مسلسل "ذي كلوب" في اسطنبول.

وأثار المسلسل، لا سيما مشاهد أعمال الشغب في شارع استقلال في اسطنبول في سبتمبر (أيلول) 1955 عندما استهدفت مجموعات عنفية أفراد الأقليات ونهبت متاجرهم، جدلاً حاداً في وسائل الإعلام التركية وعلى الإنترنت حول الحاجة إلى مواجهة التاريخ.

ويقول رئيس المتحف اليهودي في تركيا سيلفيو أوفاديا "لم يعرض أي برنامج تلفزيوني آخر الأحداث المعادية للسامية في هذه الفترة بهذه الطريقة اللافتة".

ويوضح ألتاراس "هذا الجزء من التاريخ لا يُدرَّس في المدارس في تركيا، لذا فإن الكثير من الأتراك تعرّفوا على هذه الحقبة بفضل المسلسل".

ويرى ألتاراس أن المسلسل أثّر على السياسة التركية المحلية. ويقول "ليس من قبيل المصادفة أن يكون زعيم حزب المعارضة الرئيسي أدخل للتو السعي إلى تضميد جراح الماضي في حملته، في إشارة إلى الهجمات على الأقليات".

ويعتبر ألتاراس أن المسلسل الذي من المقرر أن يعود بموسم ثالث، يُظهر للمجتمع التركي أن اليهود جزء من "قصة هذا البلد". ويضيف: "كنا نعرف ذلك أصلاً، لكن من الجيّد أن يدرك الأتراك ذلك أيضاً".