صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
الإثنين 21 مارس 2022 / 11:17

صحف عربية: الأزمة الأوكرانية تهديد جديد للأمن الغذائي العالمي

بمجرد خروج الدول من كارثة وباء كورونا ومحاولة مواجهة الموجة التضخمية التي نتجت عن هذه الكارثة الإنسانية والاقتصادية أيضاً، واجه العالم كارثة جديدة بسبب الحرب الروسية الاوكرانية، ودخل الاقتصاد العالمي بعدها في نفق مظلم لا يعلم أحد نهايته.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الاثنين، إن الأزمة الأوكرانية الآن أصبحت تهديد قوي للأمن الغذائي العالمي، وذلك بعد تراجع تصدير الحبوب والطاقة بسبب تلك الحرب الدائرة بين روسيا والغرب والتي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة إلى مستويات قياسية فضلا عن زيادة أسعار الغذاء إلى مستويات لا يمكن تحملها.

كارثة إنسانية
وقال الكاتب عبد الوهاب بدرخان إن الحروب ليست فقط نزالاً عسكرياً وفرصاً لتجريب الأسلحة المتطوّرة، ولا هي نتيجةٌ لفشل الديبلوماسية فحسب، بل هي خصوصاً ثمرة قرارات تبطن تجاهلاً مسبقاً وواعياً للأزمات الإنسانية التي ستنتج عنها بالضرورة.
واوضح بدرخان في مقاله بصحيفة "الاتحاد" أن جائحة كورونا أدخلت العالَمَ في محنة قاسية لمّا يبرأ منها بعد، فآثارها ما تزال باديةً في الاقتصادات وسلاسل الإمدادات وقطاعات الصحّة والتعليم، بينما تستمر المتحوّرات واختلالات توزيع اللقاحات في نشر الخوف وإزهاق الأرواح، أي أنها كانت كافية لردع أي تخطيط لأي عمل حربي، ناهيك عن التفكير فيه.

وأشار بدرخان إلى أن أفراد وعائلات ومجتمعات وبلدان بدأت تستشعر الانعكاسات سريعاً على مداخيلها وطريقة عيشها. ومرّة أخرى تتبدّى العولمةُ بكل وجوهها، بحبوحةً وازدهاراً، تراجعاً وتعثّراً، تغييراً مناخياً.

وقال "من أواسط آسيا إلى الشرق الأوسط إلى أفريقيا، ثمّة اليوم هاجس اسمه: الأمن الغذائي. الأمين العام للأمم المتحدة لم يتردّد في التحذير من «إعصار من المجاعات، وإذا طالت الحرب ستفتقد الأسواق هذه السنة أكثر من ربع إمدادات القمح والحبوب والزيوت ومواد حياتية أخرى كانت تأتي من روسيا وأوكرانيا، وإذا توقفت قريباً، كما يؤمَّل، فإن انتظام عمليات الإنتاج والتصدير لن يعود سريعاً إلى ما كان عليه، بسبب استحقاقات مرحلة الخروج من الحرب. هناك مصادر أخرى لتعويض ما ينقص في الأسواق لكن الأسعار تتقافز صعوداً، وترتفع معها كلفة الطاقة.

وختم مقاله قائلاً "ظلّ تدفق اللاجئين الأوكرانيين على دول أوروبا والضغوط المالية التي يشكّلها، كان متوقّعاً أن تنعكس هذه الأزمة على سعي الأمم المتحدة إلى جمع 4.3 مليار دولار طلبتها لمواجهة الصعوبات الإنسانية في اليمن، إذ بلغت التعهدات 1.3 مليار فقط. وتبدو المرحلة المقبلة أكثر صعوبةً في ظل أزمة الغذاء العالمية. وعدا عن اليمن، هناك حالات اجتماعية قاسية أيضاً في سوريا ولبنان والسودان وفلسطين".

شبح الهجرة
ومن جانبه قال الكاتب بيتر غاتريل إن ثمة موجة هجرة كبرى أخرى تتكشف فصولها اليوم، وذلك مع فرار ما لا يقل عن مليونين ونصف المليون أوكراني من القصف الروسي إلى نحو جميع أنحاء أوروبا، في الوقت الذي تشرد فيه ما يقرب من مليوني أوكراني داخل أوكرانيا. ويبدو الوضع برمته حالة اضطراب مأساوية، في ظل تشتت العائلات، وهجرة الناس لبيوتهم وتساقط الأرواح.

وأوضح في مقاله بصحيفة "الشرق الأوسط" أن هذه الحقيقة لا تقدم عزاءً ولا سلوى تذكر للأشخاص الذين يسعون نحو المأوى والأمن في خضم حرب وحشية. ومع ذلك، يبقى أمر مهم وراء حقيقة أن أوروبا والعالم قد ارتقيا إلى مستوى التحدي المتمثل في استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين من قبل. بجانب ذلك، حفزت التحركات الكبيرة للاجئين على اتباع توجهات أكثر إنسانية وإنصافاً تجاه توطين اللاجئين.

وأشار إلى أنه نزح ما لا يقل عن 82.4 مليون شخص قسراً بحلول نهاية عام 2020، يجدر بنا أن نتذكر هذه الجهود. في الماضي، كان التغيير يخرج من رحم المأساة في كثير من الأحيان. واليوم، ربما نرى في الترحيب الممنوح للأوكرانيين بجميع أنحاء القارة الأوروبية بصيصاً من الأمل في مستقبل أفضل.

وأكد غاتريل أن أوروبا رحبت إلى حد كبير بالأوكرانيين الهاربين من ويلات الحرب. ووافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على منحهم الحق في العيش والعمل داخل التكتل الأوروبي، فضلاً على الوصول إلى الرعاية الاجتماعية والتعليم. ويعد هذا الاعتراف الفوري، بالطبع، موضع ترحيب عميق، وهو أكثر سخاء بشكل لافت مما هو متاح للسوريين وطالبي اللجوء الآخرين المسجونين داخل مخيمات قذرة في اليونان. كما أن الترحيب الدافئ باللاجئين الأوكرانيين يتناقض بشكل صارخ مع العداء العنصري الذي يتعرض له على الحدود الغربية لأوكرانيا الأفارقة والآسيويون الذين يحاولون الهروب من العنف المستعر في البلاد.

حرب التجويع العالمية
فيما تحدث الكاتب حسام ميرو في صحيفة الخليج عن الأزمة العالمية الاقتصادية التي يشهدها العالم، وقال إن أسعار الطاقة ومشتقاتها قفزت بشكل جنوني. قبل عام تقريباً، كان العالم يغصّ بفوائض النفط، وكان البحث جارياً عن مستودعات محتملة لكميات بعشرات الملايين من الأطنان من الفوائض النفطية، فقد أبطأت جائحة «كورونا» حركة الاقتصاد والتجارة العالميتين، أما الآن، فقسم كبير من بلدان العالم، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، تعاني مشكلات كبيرة في تأمين احتياجاتها من النفط والغاز، خصوصاً أن العقوبات التي طالت روسيا، وشملت نواحي متعددة، من بينها نظام التعاملات المالية «سويفت»، كان لها تأثير فوري في ارتفاع أسعار الطاقة، وحدوث نقص في المعروض، ما يهدّد بقوة مختلف الصناعات، وحركة النقل، والتدفئة، وكلّ ما يرتبط بالطاقة من أنشطة.

وأكد ميرو أن العالم مرعوب، لا يراقب عدد الضحايا الذين يسقطون في المعارك فقط، أو الفارين من أتونها، لكنه يراقب أيضاً، وربما بشكل أكثر حدّة، الآثار التي ستطال الأمن الغذائي العالمي، فروسيا هي المصدّر العالمي الأول للقمح، بنسبة تصل إلى أكثر من 18% من القمح الذي تستورده دول العالم مجتمعة، وقد أقرّت حكومتها وقف تصدير القمح والحبوب إلى نهاية يونيو/ حزيران المقبل، وتأتي أوكرانيا في المرتبة الخامسة عالمياً في تصدير القمح، وقد أوقفت أيضاً تصدير منتجاتها الزراعية، ومن المتوقع فعلياً أن تعاني دول كثيرة نقصاً في واردات القمح في المقام الأول، وزيادة كبيرة في أسعار المعروض، ما يعني فعلياً ضربة قوية لغذاء الفقراء الأول «الخبز»، ويجعل من المتوقع، كما تقول قراءات عدة، أن يشهد العالم انتفاضات جديدة، تقوم بها الشعوب الجائعة.

وأشار إلى أن مؤشرات التضخم العالمي (زيادة أسعار السلع) بدأت قبل أشهر بالارتفاع، كنتيجة متوقّعة للمشكلات الاقتصادية التي خلّفها وباء «كورونا»، فقد تضرّرت بسببه مجمل القطاعات الاقتصادية، لكن بعض القطاعات كانت تأثّرت فيه بشكل شبه كلي، مثل قطاع السياحة، وهو قطاع يعدّ أساسياً في بعض البلدان، ويشكّل عصب الاقتصاد فيها، كما تأثّر به قطاع الزراعة في غير مكان، كما في بعض بلدان أوروبا، خصوصاً ألمانيا، حيث شهدت عجزاً كبيراً في الأيدي العاملة في هذا القطاع، لكن القدرة على الحدّ من أزمات مستوى التضخم متفاوتة بين الدول، حيث تلعب الفوائض المالية دوراً مهماً في هذا الجانب، إضافة إلى الحوكمة، والخبرات المتراكمة في التعامل مع الأزمات.

كما أكد أن حرب التجويع العالمية الراهنة تتجاوز الدول المعنية بالحرب العسكرية، فهي موجهة نحو الدول والشرائح والأفراد الأكثر فقراً، ومؤخراً، دعا أنطونيو جوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى «تجنّب إعصار الجوع وانهيار نظام الغذاء العالمي»، وقد استند جوتيريس إلى مؤشر «الفاو» لأسعار الغذاء العالمية، الذي وصل إلى أعلى مستوى له، حيث تجاوزت أسعار الحبوب مستوياتها في عامي 2007 و2008.