جندي روسي في إحدى المدن الأوكرانية (أرشيف)
جندي روسي في إحدى المدن الأوكرانية (أرشيف)
الثلاثاء 22 مارس 2022 / 11:22

فرص هائلة في الحرب الأوكرانية

أيمن سمير -البيان

المؤكد أن الجميع يخسر في الحروب، ويجب ألّا تفقد الدبلوماسية زخمها وثقتها بنفسها من أجل وقف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في أسرع وقت ممكن، ولكن رغم كل ما تنطوي عليه الحرب في أوكرانيا من مآسٍ وتبديد للثروات، ورغم تفشي التضخم وارتفاع الأسعار، وبعض المشكلات في سلاسل الإمداد العالمية.

 إلا أن الأزمة الأوكرانية يمكن أن تكون فرصة هائلة لمنع اندلاع حروب عالمية أكبر في المستقبل، وخاصة في قارة آسيا بين الصين من جانب، والتحالفات العسكرية الكثيرة والعملاقة التي أسستها أخيراً الولايات المتحدة في المحيطين الهادئ والهندي، فكيف يمكن أن تكون الحرب الأوكرانية مانعاً وحائط صد لتكرار سيناريو الحرب الأوروبية في آسيا؟ وإلى أي مدى يمكن لروسيا وأوروبا والولايات المتحدة والصين والعالم أجمع الاستفادة من هذه الحرب؟.

وفق حسابات عناصر القوة الشاملة للدول، فإن اندلاع حرب على الأراضي الأوكرانية فقط، أفضل بكثير من اندلاع حرب واسعة النطاق بين الولايات المتحدة وتحالفات مثل «أوكوس» و«كواد» و«العيون الخمس» من جانب، والصين من جانب آخر، فالحرب في أوكرانيا تمثل للجميع اختبار قوة بالمفهوم الشامل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، ويستطيع كل طرف من خلال الأزمة الأوكرانية أن يختبر ويراجع دفاتر قوته ونقاط ضعفه، فتفاصيل المشهد الأوكراني تقول بوضوح للجميع إنّ الحرب ليست سهلة أو نزهة، فدول حلف ناتو الثلاثون تعيش حالة استعداد حقيقية للحرب، والولايات المتحدة على بعد أمتار قليلة من دخول حرب عالمية ثالثة قد تتحول بسهولة، كما قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى حرب نووية، وينظر الجميع اليوم لواشنطن باحتسابها تدخل «أخطر اختبار» لقيادة القطب الواحد، كما أن الصين تتعرض لضغوط غير مسبوقة لتحقيق التوازن بين مصالحها الكبيرة مع الغرب وعلاقاتها المتينة مع روسيا.

أمام هذا المشهد وبغض النظر عن النتائج النهائية للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فإن روسيا تأكد لها مدى الوجع والألم من العقوبات الاقتصادية وتعرض رعاياها للتمييز والمعاناة، كما أن ارتدادات الحرب عليها لا يمكن التخلص منها في القريب العاجل، فالعقوبات ستترك أثراً كبيراً على الاقتصاد الروسي، وحتى تعويض المخزون من الذخائر والصواريخ فرط الصوتية التي يتم استخدامها في أوكرانيا سيحتاج وقتاً طويلاً وتكاليف باهظة، كما أن الولايات المتحدة تأكد لها هي والاتحاد الأوروبي وحلف ناتو واليابان وأستراليا وما يسمى «تحالف القيم»، تأكد لها حجم المعاناة من حرب في دولة واحدة ملاصقة لحدود ناتو والاتحاد الأوروبي، وهو ما يجعل الولايات المتحدة تفكر ألف مرة قبل أن تقرر خوض حرب عالمية أو ضد الصين في المحيطين الهندي والهادئ.

الخلاصة نفسها وبالقوة ذاتها يجب أن تتوقف عندها الصين التي بدأت تقارير في الصحافة الأمريكية تزعم إنها تستعد لاستعادة تايوان بالقوة في الخريف المقبل، رغم نفي بكين المتكرر لهذه التقارير.

العقود الثمانية الأخيرة تقول، إنّ فضائع الحرب العالمية الثانية دفعت البشرية للتأني وتوخي الحذر في دخول حروب كبيرة، ولعل الحرب الأوكرانية تكون الشاهد الجديد الذي يدفع الجميع لمراجعة حساباته في خوض حروب قادمة.