موالون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو مؤيدون للحرب (أرشيف)
موالون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو مؤيدون للحرب (أرشيف)
الثلاثاء 22 مارس 2022 / 18:19

النخبة الروسية على ولائها لبوتين رغم العقوبات الدولية

تبقى النخبة السياسية الروسية موالية للرئيس فلاديمير بوتين رغم موجة التنديد الدولي بغزو أوكرانيا والعقوبات غير المسبوقة على البلاد.

وأعرب فنانون روس، وشخصيات كبرى عن معارضتهم للحرب فيما صدرت انتقادات مبطنة للهجوم الروسي على البلد المجاور عن بعض الأوليغارش الروس.

لكن بعد حوالى شهر من بداية الغزو، لم تظهر معارضة داخل دائرة بوتين المقربة أو بين كبار السياسيين داخل البلاد.

وقالت تاتيانا ستانوفايا مؤسسة معهد آر.بوليتيك للتحليل السياسي: "لم تظهر أي بوادر انشقاق" داخل الطبقة الحاكمة.

وأضافت "هناك إجماع تام، رغم بعض التباينات ربما على مسائل تكتيكية".

وشددت على وجوب التمييز بين إبداء تحفظات على الغزو والاستعداد للتحرك ضده.

وقالت: "الناس مصابون بصدمة، ويعتقد عديدون أنه خطأ، لكن لا أحد مستعد للتحرك، الكل يركز اهتمامه على استمراريته هو نفسه".

وأفادت مصادر دبلوماسية غربية بأنه رغم الوطأة الشديدة للعقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، لم تظهر حتى الآن أي مؤشرات على أنها ستؤدي إلى تغيير سياسي.

وأوضحت ستانوفايا أن الانتقادات الداخلية الرئيسية للغزو تأتي من قوى "ثانوية" من اليمين الراديكالي تعتبر أن الغزو ليس هجومياً بما يكفي.

ويهيمن التلفزيون الرسمي الروسي على التغطية فيصف "العملية العسكرية الخاصة" حسب تسمية الكرملين للهجوم، بمهمة بطولية للتصدي لعدوان غربي.

ولم تعد هناك معارضة ليبرالية في روسيا، والأحزاب الممثلة في البرلمان تؤيد بشكل شبه تام سياسة الكرملين في كل المسائل، في حين أن أبرز معارضي الكرملين أليكسي نافالني في السجن.

وقال بن نوبل أستاذ السياسة الروسية في جامعة كولدج لندن: "ليس مفاجئاً أن لا نرى حتى الآن أي انشقاق كبير علني داخل النخبة الحاكمة".

وتابع الباحث الذي شارك في تأليف كتاب صدر أخيراً بعنوان "نافالني: خصم بوتين ومستقبل روسيا؟" أن "فلاديمير بوتين أقام منظومة من موالين بشكل مطلق له يشاطرونه رؤيته للعالم، وأن الغرب يسعى لتدمير روسيا، أو بأشخاص يخشون إبداء رأي مخالف".

وفي 21 فبراير (شباط)، قبل ثلاثة أيام من الهجوم على أوكرانيا، استدعى بوتين القادة السياسيين إلى الكرملين لاجتماع لمجلس الأمن لمناقشة الاعتراف باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين الأوكرانيتين.

وتعاقب المسؤولون الـ13 وبينهم امرأة واحدة على الكلام وفق سيناريو يهدف لإظهار إجماع، فأيدوا الواحد تلو الآخر الاعتراف باستقلال المنطقتين المواليتين لموسكو، في خطوة تبين لاحقاً أنها كانت تمهيداً للحرب.

ومن بين المشاركين في الاجتماع وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف، ورئيس جهاز الأمن الفدرالي إف إس بي ألكسندر بورتنيكوف، الذين يشكلون حسب مصادر أمنية غربية أقرب دائرة لبوتين.

ولم تظهر أدنى مؤشرات على خلاف بين المشاركين أو حتى بين سياسيي الصف الثاني.

ووجّه بوتين في 16 مارس (آذار) تحذيراً شديداً من أي خروج عن خط الكرملين، مؤكداً أن الغرب يراهن على "طابور خامس، على خونة للأمة" لإضعاف روسيا.

والوحيد من أوساط السلطة حالياً أو سابقاً الذي خالف الكرملين هو المساعد السابق والنائب السابق لرئيس الحكومة أركادي دفوركوفيتش الذي يرأس الاتحاد الدولي للشطرنج، الذي ندد علنا بالحرب في مقابلة مع مجلة أميركية واستقال من منصبه على رأس مؤسسة أعمال.

في المقابل، اكتفى مسؤولون سابقون ذوو توجهات ليبرالية بالصمت، مثل وزير المال السابق أليكسي كودرين الذي يرأس ديوان المحاسبة الروسي.

وسرت تكهنات عن مستقبل حاكمة البنك المركزي إلفيرا نايبولينا، الخبيرة الاقتصادية التي ترأس بنك روسيا منذ 2013، التي ظهرت في صور وكأنها معزولة في اجتماع بالكرملين ونشرت فيديو أقرت فيه بأن الاقتصاد الروسي في وضع "حرج" قائلة: "كنا نود لو لم يحصل هذا".

لكن بوتين طلب من البرلمان هذا الأسبوع تجديد ولايتها، في مسعى على ما يبدو لنفي شائعات أفادت بأنها تعتزم الاستقالة من منصبها احتجاجاً على الحرب ضد أوكرانيا.

وصدرت مواقف تعكس بعض المخاوف عن أوليغارش معرضين لخسائر فادحة بسبب الغزو، مثل أوليغ ديريباسكا وميخائيل فريدمان اللذين أدليا بتصريحات حذرة تدعو إلى السلام.

وفي 3 مارس (آذار)، دعت إدارة مجموعة لوك اويل العملاقة للنفط، أكبر شركات الطاقة الخاصة في روسيا، إلى وضع حد للنزاع.

وقال نوبل إن العديد من أعضاء النخبة صدموا بالهجوم على أوكرانيا إذ إن معظمهم "لم يشارك في اتخاذ القرار" وكانوا يعتقدون أن بوتين يعتزم تسليط ضغوط قصوى وليس شن عملية عسكرية.

لكنه لفت إلى أن "الدعوة إلى السلام أمر، وانتقاد بوتين مباشرة أمر مختلف تماماً".