عناصر الحرس الثوري الإيراني (أرشيف)
عناصر الحرس الثوري الإيراني (أرشيف)
الأربعاء 23 مارس 2022 / 11:15

الشرق الأوسط قد يكون مسرحاً لمواجهة عسكرية

فاضل المناصفة - العرب اللندنية

نقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا" الأسبوع الماضي، أن الحرس الثوري أوقف شبكة كانت تعتزم القيام بعملية تخريب في منشأة فوردو النووية، دون تقديم تفاصيل عن عدد العناصر الذين تم توقيفهم أو حتى إيفاد الرأي العام باعترافات للمتورطين في هذه الحادثة التي تزعم إيران أنها أحبطتها نتيجة اليقظة والمتابعة الدقيقة لشخصيات متواطئة مع العدو الإسرائيلي، وبالتزامن مع هذا الحادث شهدت مدينة أربيل العراقية هجوماً بـ12 صاروخاً باليستيا، تلاه إصدار الحرس الثوري بياناً على موقعه الإلكتروني "سباه نيوز"، جاء فيه أن الهجمات الصاروخية على أربيل في إقليم كردستان استهدفت مركزاً استراتيجياً إسرائيلياً، يُستخدم للإضرار بإيران والتآمر عليها، ونفت أن يكون هذا رداً على استشهاد ضابطين إيرانيين في غارة إسرائيلية على جنوب دمشق.

وفي خضمّ ما يجري في أوكرانيا، تريد إيران اغتنام الفرصة وخلق البعض من التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وإيصال رسائل قوية إلى إسرائيل ودول الخليج والولايات المتحدة مفادها أن إيران باستطاعتها زعزعة الاستقرار الأمني للمنطقة، وتحويل الأنظار من أوكرانيا إلى منطقة الشرق الأوسط، وهي تعلم تماماً أن الولايات المتحدة معنية بخفض التوتر في هذا الوقت الحساس الذي تشهد فيه أسواق الطاقة منحنى تصاعدياً ليس من مصلحة الدول العظمى أن يستمر، وهو ما يستدعي بقاء الأمور على حالها وعدم الانسياق إلى حيلة إيران التي ترمي إلى رفع نسق التصعيد مع إسرائيل خاصة وأنها تريد إعاقة الاتفاق النووي.

ولتؤكد إيران أنها تريد استمرار التوتر في المنطقة سارعت بإعلان تعليق المحادثات مع السعودية، قبل يومين من انعقاد جولة جديدة من المفاوضات، وهي رسالة تحمل نفس المضامين التي أرسلتها إلى إسرائيل، ملمّحة إلى ما يمكن أن يحدث في حال ما فشل الاتفاق النووي، كما أن استهداف أربيل هو ليس فقط رسالة إلى الأمريكان بقدر ما هو تنبيه إلى بغداد، بالتزامن مع اختيار رئيس جديد للعراق، بأن التفكير في المس بمصالح إيران في العراق سيفتح على النظام العراقي أبواب جهنم.

وتلعب روسيا على الحبلين في علاقتها مع إيران، وتضع الاتفاق النووي الإيراني في ميزان المقايضة مع الغرب، حيث أدخلت المفاوضات النووية أصعب مراحلها بعد مطالباتها بضرورة إعفائها من العقوبات، شأنها شأن أيّ دولة أخرى مشاركة في تلك المفاوضات، في حال التوصل إلى اتفاق مع طهران يعيد إحياء الاتفاق السابق الذي وقّع عام 2015 مع الدول الكبرى. 

وهذا ما يستفز الإيرانيين الذين أصبحوا يشعرون أن الأمور تسير وفق المصالح الروسية وليس وفق المصالح المشتركة، ولكنهم غير قادرين على إظهار انزعاجهم من روسيا التي تراوغ وتتظاهر بأن الاتفاق النووي في خطواته الأخيرة.

وإيران أيضاً تلعب على الحبلين فهي ليست قادرة على أن تدير ظهرها للروس لأنهم حليف استراتيجي وشريك في المصالح داخل سوريا، وفي نفس الوقت ليست مستعدة أن تضيع فرصة الاستفادة من حاجة الغرب لنفطها، ويتضح الآن أن الولايات المتحدة تمهّد لإنهاء موضوع الاتفاق النووي مجبرة، لأن الظروف التي فرضتها أوضاع السوق العالمية للنفط ورفض دول الخليج لرفع الإنتاج تستدعي التحالف حتى مع الشيطان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبية بايدن والقادة الأوروبيين، ولكن لإسرائيل رأي مخالف للغرب وقد تكرر مهاجمة إيران مجدداً، ولكن وبضربات دقيقة هذه المرة وفي عقر مفاعلاتها النووية، هذا بإمكانه أن يفسد طبخة الغرب في استمالة إيران خدمة لمصالحه الاقتصادية.

وربما ستدير الولايات المتحدة ظهرها لإسرائيل مؤقتاً، لأنها مجبرة على المضي قدماً في عقد اتفاق نووي مع إيران، ولكنها ستجعل الوضع في الشرق الأوسط فوق فوهة بركان، خاصة وأن إسرائيل مجبرة على فتح جبهة لاستعراض عضلاتها أمام إيران، والسؤال المطروح: هل ستهاجم إسرائيل إيران مباشرة أم ستستهدف حلفاءها في المنطقة؟.