الأربعاء 23 مارس 2022 / 12:36

العقوبات على روسيا تضع الغرب بمواجهة العالم

اعتبر الكاتب الأمريكي والتر راسل ميد أن العقوبات المفروضة على روسيا وضعت الغرب في مواجهة مع بقية دول العالم، إذ إن نهج واشنطن تجاه موسكو لا يقلل الفجوة بين دول الشرق والغرب، ولا يساعد الولايات المتحدة في الحفاظ على الأمن والسلام العالميين.

هذا لا يعني أن الغرب مخطئ في معارضة حرب بوتين، لكن مهمة حماية السلام العالمي أصعب وأكثر تعقيداً مما يفهمه العديد من محاربي الحرب الباردة الجدد المتحمسين

وكتب ميد، لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أنه لمواجهة الحرب على أوكرانيا، لم تكن الدول الغربية أكثر تحالفاً من أي وقت مضى؛ إذ يتحد الحلفاء في منظمة حلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى أستراليا واليابان، في التعبير عن "اشمئزازهم" من الحرب الروسية، ويتعاونون مع أكثر العقوبات شمولاً منذ الحرب العالمية الثانية.

دول العالم تدعم نهج الصين

لكن بقية دول العالم، لا تتشارك الأمر نفسه، إذ "دعم العالم نهج الصين في مقاومة الجهود الغربية لمعاقبة روسيا، في تطوّر يوحي بحدوث مشاكل في المستقبل".

وبينما لام رئيس جنوب إأفريقيا سيريل رامافوزا الناتو على وقوع الحرب، رفض الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو إدانة روسيا. أما الهند وفيتنام، الشريكان الأساسيان لأي استراتيجية أمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فهما أقرب إلى الصين من الولايات المتحدة في مقاربتهما للحرب.
واعتبر ميد أن عدم حماسة الدول تجاه نهج أمريكا في الحرب، هو ظاهرة يتجاهلها صانعو السياسة الأمريكية، تمامًا كما فشل صانعو السياسة الغربيون في ملاحظة تطوّر الفجوة بين الغرب وبقية العالم والتي تهدد بمنح قوى جديدة فرصاً كبيرة في السنوات المقبلة.

فجوة  
وأضاف أن إدارة الرئيس جو بايدن لا تفهم الفجوة بين واشنطن وما كان يُسمى بالعالم الثالث، أو الدرجة التي تساهم بها سياساتها في الانقسام، أو الفرص التي تخلقها هذه الفجوة للصين.

وبينما توقّع الغرب أن الرأي العام العالمي سيعارض بشدة الحرب الروسية على أوكرانيا، وسيجعل الصين تدفع ثمناً سياسياً باهظاً لعدم انضمامها إلى الحركة المناهضة لروسيا.

لكن ما أرادته واشنطن والغرب لم يحصل. فبعض البلدان، مثل حلفاء أمريكا المحبطين في الشرق الأوسط، تبدي قلقه من دعم دور واشنطن المتراجع مقابل الصعود الروسي. بينما يوازن آخرون بين كرههم للغزو الروسي لأوكرانيا وبين بواعث القلق الأخرى.

سلاح يخشونه
ويخشى العديد من الدول غير الغربية من عواقب ردود الفعل الغربية على سلوك روسيا أكثر مما تخشاه موسكو نفسها. كما أنها لا تثق باستعداد الغرب أو قدرته على إدارة العواقب الاقتصادية للحرب، بطرق تحمي مصالحها. وصُدموا بفرض عقوبات على البنك المركزي الروسي، وهو سلاح يخشون أنه سيوجه يوماً ما ضدهم.

وبينما يرحب الليبراليون الغربيون بفرض العقوبات على روسيا، فإن الرغبة المتزايدة للقوى الغربية في تسليح النظام الاقتصادي العالمي تثير الرعب في العديد من البلدان التي تعتقد أن الغرب قوي بالفعل.

وقال إن ادعاء بوتين بأن الغرب المتسلط يسعى إلى استخدام نفوذه الاقتصادي والمؤسساتي لفرض رؤية عالمية راديكالية على بقية الدول، يعتبره الليبراليون الغربيون "دعاية تخدم مصالحهم الذاتية، لكن حججه (بوتين) تلقى صدى أوسع مما يفهمه معظم الليبراليين".

تهديد لاستقلال دول ما بعد الاستعمار

أدى فرض إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عقوبات صارمة ضد إيران إلى زيادة الوعي الدولي بمدى القوة التي يمنحها النظام الاقتصادي العالمي للولايات المتحدة، لكنه، في الوقت نفسه أيقظ الديمقراطيين الذين يستخدمون العقوبات الاقتصادية لفرض آرائهم بشأن المناخ والجنس وقضايا أخرى أقل ترحيباً في العديد من البلدان.

أما بالنسبة لأولئك الذين يشاركونهم هذا المنظور، فإن أمريكا، التي لا يمكن التنبؤ بأفعالها، تشكل تهديداً أكبر لاستقلال العديد من دول ما بعد الاستعمار أكثر من الطموح الروسي أو حتى الصيني. وبالتالي، أصبحت الدعاية الصينية حول الحاجة إلى ترتيبات اقتصادية بديلة تحد من القوة الغربية، أكثر تأثيراً الآن مما كانت عليه قبل شهر.

حماية السلام أصعب
وأكد ميد أن هذا لا يعني أن الغرب مخطئ في معارضة حرب بوتين، لكن مهمة حماية السلام العالمي أصعب وأكثر تعقيداً مما يفهمه العديد من محاربي الحرب الباردة الجدد المتحمسين.

وأوضح أن ما كان يُطلق عليه اسم "الجنوب العالمي" لا يشارك دائماً أولويات ووجهات نظر الغرب. كما أن لا دونالد ترامب ولا اليسار المستيقظ يوحيان بالثقة في جميع أنحاء العالم، وأن النظام السياسي الأمريكي، الذي يبدو أنه محكوم عليه بالتأرجح بينهما، لن يحافظ إلى أجل غير مسمى على القيادة التي يعتمد عليها السلام والأمن الأمريكي.