آثار الدمار في أوكرانيا (أرشيف)
آثار الدمار في أوكرانيا (أرشيف)
الخميس 24 مارس 2022 / 11:06

في دائرة الصراع.. أين يقف الخليج؟

هيلة المشوح - الاتحاد

يبدو أن البعض قد استعجل في حسم موقفه بشأن الصراع الدائر على الساحة الأوكرانية، علماً بأن التريث مطلب مهم خلال هذه الفترة، خصوصاً مع التعقيدات الجارية وبروز النفط والغاز كعاملين أساسيين في إدارة النزاع الذي لن يخرج هذين العنصرين من حساباته بأي شكل كان. 

ومنطقة الخليج بالطبع تعد أهم مصدر للنفط والغاز في العالم ومن أبرز اللاعبين في سوقهما، وهذا بالتأكيد يحتم على دول المنطقة الالتفاف حول رؤية متقاربة في إدارة الموقف وشكل التحالفات التي ستتمخض عنها الفترةُ القادمة.

الموقف الخليجي -بشكل عام- يعكس المبادئ الأساسية لسيادة الدول والسعي للحد من العنف وفقاً للمواثيق والقوانين الدولية، ويتفق بشكل ضمني على رفض الحلول العسكرية عملاً بمبادئ ومواثيق الأمم المتحدة، وبالتالي فلكل دولة حق التمتع بسيادتها واتخاذ القرار الذي يناسبها بشكل مستقل دون ضغوطات أو إملاءات خارجية تخدم طرفاً على حساب طرف آخر.

ولكن المشهد السياسي العالمي في الوقت الحالي بات مقلقاً لدرجة أن النأي بالنفس عن هذه التجاذبات لن يكون خياراً ممكناً في المستقبل القريب، وخاصة في منطقة الخليج. وإذا نظرنا من حيث المبدأ، فإن دول الخليج شركاء في اتفاق "أوبك+" وجميعها حريصة على استقرار أسعار النفط والأسواق العالمية، وعليه فإن تغليب مصلحة جانب على جانب آخر لا يخدم التوازنات المطلوبة في سوق النفط، بل سيزيد حالة الفوضى استعاراً ولن يخدم التحالفات الخليجية مع أي طرف، ومن المبكر جداً الخروج من هذه المتاهة بحلول حاسمة.

ودول الخليج تدرك أن هناك تغيراً في المنظومة الدولية وأن هناك قوى صاعدة في الصين وروسيا مقابل النفوذ الأمريكي، فروسيا مثلاً شريك استراتيجي لدول الخليج في مجالات عدة كالنفط والأمن، مع زيادة ملموسة في التبادل التجاري بينها وبين دول مجلس التعاون الخليجي، إذ بلغ هذا التبادل أكثر من 5 مليارات دولار في عام 2021، غالبيتها مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن كانت حجم التبادل التجاري لا يتجاوز 3 مليارات دولار خلال عام 2016. وكذلك الحال مع الصين.

ولكن مصلحة الدول الخليجية تقتضي تعدد التحالفات وتوحيد المواقف حيال القضايا والملفات الإقليمية والعالمية، فالخلاف الصيني الأمريكي ليس وليد البارحة، والنزاع الروسي الغربي في أوكرانيا دليل واضح على مرحلة جديدة وخطيرة من المبكر جداً إزاءها تشكيل التحالفات على مستوى القوى الكبرى وتحديد لأي معسكر تنضم المنطقة أو بعض دولها، دون إغفال أن الانجرار إلى جدار العزلة الذي يبنيه الغرب في وجه موسكو سوف يجرف خلفه دولاً كانت آمنة مستقرة، فليكن التريث سيد المواقف والقرارات في الوقت الحالي.

النفط كسلعة وكمقوم حيوي عالمي لن يخرج من حسابات النزاعات في الساحة الأوكرانية، ولن تتدنى أهميته في الوقت الراهن تبعاً للتجاذبات السياسية الكبرى، شرقاً وغرباً، مما يُعَد مكسباً لدول الخليج، لكنه في الوقت ذاته يضع المنطقة في بؤرة هذه الصراعات وعلى مرمى قريب من تجاذباتها التي لا تبدو لها نهاية قريبة، وهذا تأكيداً لما ذكرتُه آنفاً حول أهمية الاتفاق على تكوين رؤية استراتيجية خليجية موحدة لصد أي تهديدات لاستقرار المنطقة واقتصادها وأمنها.