الخميس 24 مارس 2022 / 13:48

نيوزويك: فهم بايدن للشرق الأوسط ساذج لأقصى الحدود

رأى السياسي البريطاني والمحرر البارز لمنصة المناظرة في مجلة "نيوزويك" نايجل فاراج أن صورة العالم أضحت أكثر إرباكاً وقد انخرط فيها بشدة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الأمريكي جو بايدن.

أوضح فاراج كيف فهم ترامب أن على الغرب الاختيار بين إيران والسعودية، لكن بايدن الذي يصف نفسه بأنه خبير في السياسة الخارجية يظن أن بإمكانه التمتع بعلاقات مثمرة مع هذين العدوين اللدودين في الوقت نفسه


 لقد أصبحت السعودية التي تشكل شريكاً تجارياً وأمنياً أساسياً للولايات المتحدة والمملكة المتحدة على خلاف مع جونسون وبايدن. وهذا سبب للقلق العميق.

في 16 مارس (آذار)، تم الإفراج عن رهينتين بريطانيتين من أصول إيرانية نازانين زغاري-راتكليف وأنوشه آشوري بعدما احتجزتهما إيران في سجونها لسنوات. أفرجت طهران عنهما عقب دفع بريطانيا ديناً للنظام الإيراني بقيمة 530 مليون دولار. ارتبط الدين بعقد لتوفير بعض الدبابات إلى إيران لكن لندن امتنعت عن تسليمها بعد ثورة 1979.

الاسترضاء مريح... حتى يفشل
أشار فاراج إلى كونه أول من قال إن الحرية الجديدة للرهينتين هي أخبار إيجابية باهرة لهما ولعائلتيهما. وطالب فاراج بعدم نسيان الرهينة الثالث مراد تبراز الذي يتمتع بالجنسيات الأمريكية والبريطانية والإيرانية والذي لا يزال قيد الاحتجاز بناء على تهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة. لكن كثراً وجدوا آلية الإفراج عنهما إشكالية إلى حد كبير. وصف وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو دفع الديون بأنه "دية". وتوقع على تويتر بأن تستخدم إيران هذه الأموال لـ"إرهاب إسرائيل، المملكة المتحدة والولايات المتحدة". وأضاف أن "الاسترضاء يُشعر بالارتياح حتى يفشل – إنه كذلك دوماً".

عن التوقيت
بالحد الأدنى، تابع فاراج، يثير توقيت الإفراج عن الرهينتين أسئلة جدية. لماذا اختارت بريطانيا هذا التوقيت لإعادة دفع الأموال إلى إيران؟ كان بإمكانها فعل ذلك مرات عدة منذ أن سجنت راتكليف-زاغاري سنة 2016. يكمن الجواب في أن الحكومة البريطانية تأمل إعادة إصلاح العلاقات مع إيران. هي تشاطر حماسة جو بايدن لإعادة تفعيل الاتفاق النووي. بموجب اتفاق 2015 الذي دعمه الرئيس باراك أوباما، وعدت إيران بتفكيك برنامجها النووي وفتح منشآتها أمام التفتيش الأممي في مقابل تخفيف العقوبات عنها بقيمة مليارات الدولارات. كان الأمل في أن يؤسس هذا الاتفاق لتناغم بين إيران والسعودية وإسرائيل.

كان ترامب محقاً
في 2018، انسحب دونالد ترامب من الاتفاق قائلاً إن برنامج إيران الصاروخي لا يزال نشطاً. لقد كان ترامب محقاً. تواصل إيران تطوير برنامجها الصاروخي وثمة دليل قوي إلى أنها استخدمت الأموال التي أفرج عنها الاتفاق لرعاية الإرهاب في الشرق الأوسط. على الرغم من ذلك، يضغط بايدن بشدة لإعادة إحيائه وهو قريب من التوقيع على نسخة مشابهة له. سيدعمه في ذلك الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

خطوة في غاية الرمزية
في اليوم نفسه الذي شهد الإفراج عن زاغاري-راتكليف وآشوري، زار جونسون المملكة العربية السعودية وعقد محادثات مع الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد. كان هدف الزيارة إقناعهما بزيادة صادرات الطاقة من الشرق الأوسط كي يخفف الغرب اعتماده على النفط الروسي. لم تسر الأمور على ما يرام. في اليوم نفسه للزيارة، أعلنت السعودية أنها كانت قريبة من الموافقة مع بكين على تسعير بعض مبيعاتها النفطية إلى الصين باليوان لا بالدولار، بما يضر هيمنة الدولار في سوق النفط العالمية. هذه الخطوة في غاية الرمزية وتظهر عدم ارتياح عميقاً تجاه إدارة بايدن. غادر جونسون الشرق الأوسط خالي الوفاض. لم يحصل على أي شيء تحديداً مقابل زيارته.

ما فهمه ترامب... ولم يفهمه بايدن

أوضح فاراج كيف فهم ترامب أن على الغرب الاختيار بين إيران والسعودية، لكن بايدن الذي يصف نفسه بأنه خبير في السياسة الخارجية يظن أن بإمكانه التمتع بعلاقات مثمرة مع هذين العدوين اللدودين في الوقت نفسه. هذا ساذج إلى أقصى الحدود ويفسر لماذا لن يجيب السعوديون حتى على اتصالات بايدن. من خلال الانحياز إلى إيران كما يدعو بايدن إلى ذلك على ما يبدو، لم يختر الغرب الانخراط مع متطرفين يرغبون بزرع الإرهاب حول العالم وحسب، بل هو يضر أيضاً بالعلاقات مع شريك أثبت أنه حليف موثوق به. من المحتمل أن يبدأ الغرب شراء النفط الإيراني مجدداً. يرقى كل هذا إلى مرتبة الخطأ الفادح الذي لم يكن ترامب ليرتكبه على الإطلاق.