صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الجمعة 25 مارس 2022 / 10:12

صحف عربية: الحرب الأوكرانية تدفع أوروبا لترتيب أوراقها

بعد شهر من الاجتياح الروسي لأوكرانيا، تجد أوروبا نفسها اليوم في مأزق كبير وهي تواجه منعطفاً حاسماً في سياسات التعايش مع روسيا، ما دفعها إلى إعادة النظر في حساباتها وفي موقفها من موسكو، فضلاً عن تنبهها بضرورة وجود سياسة دفاعية مشتركة.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الجمعة، تبدأ أوروبا رحلة البحث الشاقة عن بدائل للنفط والغاز الروسيين، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي كارثة غير مسبوقة إثر الحرب.
 
فشل روسي وأمريكي
في صحيفة العرب اللندنية، قال خير الله خير الله "بعد شهر كامل على الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وهو اجتياح تبيّن أنّه ليس نزهة، بات في الإمكان القول إنّ رجلاً واحداً اسمه فلاديمير بوتين غيّر العالم وقضى على كلّ الانفراجات التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي، وأحزابه الشيوعيّة المنتشرة في كلّ أنحاء الكرة الأرضيّة، خصوصاً في دول أوروبا الشرقيّة".

وأضاف "أدّت الحملة العسكريّة التي يشنّها بوتين على أوكرانيا إلى جعل أوروبا كلّها تعيد النظر في حساباتها وفي موقفها من روسيا، حيث تنبهت أوروبا أخيراً إلى ضرورة أن تكون لديها سياسة دفاعيّة مشتركة، والأهمّ من ذلك كلّه، أن أوروبا بدأت تفكّر في كيفية التخلّص من اعتمادها على الغاز الروسي، وباتت كلّ دولة أوروبيّة بما في ذلك الدول البعيدة عن روسيا، تشعر بأنها مهددة".

وتابع "استطاع فلاديمير بوتين تغيير أوروبا كلّياً، بات على كلّ دولة أوروبيّة بما في ذلك السويد، التفكير في كيفية مواجهة خطر روسي محتمل، وما إذا كان عليها الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وألمانيا نفسها تغيّرت إذ خصصت مئة مليار يورو لتعزيز قدرات قواتها المسلّحة في السنوات المقبلة".

وأشار الكاتب "ما اكتشفته أوروبا في ضوء الحرب الأوكرانيّة، أنّ ليس في استطاعتها الاعتماد على الولايات المتحدة التي فشلت الإدارات المتلاحقة فيها في التعاطي مع مشاكل العالم منذ سقوط جدار برلين في نوفمبر(تشرين الثاني) 1989".

وأردف قائلاً "ليست أوروبا وحدها التي تعيد النظر في حساباتها في ضوء ما كشفته الحرب الأوكرانيّة، بات على كلّ دولة عربيّة إعادة النظر في علاقتها بالولايات المتحدة وما إذا كان في الإمكان الاتكال عليها كحليف تاريخي، يعود ذلك إلى سببين أولّهما غياب أيّ رغبة أمريكيّة في فهم خصوصيات الحلفاء، وثانيهما العجز عن استيعاب أبعاد المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة، إنّه مشروع يهدّد كلّ شعب من شعوب المنطقة بدليل ما فعله بلبنان وسوريا والعراق واليمن".

حرب بالاسم
ومن جهته، قال إلياس حرفوش في صحيفة الشرق الأوسط "يتجنبون تسميتها (الحرب العالمية) غير أنك حيثما كنت مقيماً على هذه الكرة الأرضية سوف يكون صعباً عليك أن تتجاهل آثار الحرب التي تدور في ذلك الجزء من الخريطة عند حدود أوروبا الشرقية، في المنطقة الفاصلة بين ما بقي من الاتحاد السوفياتي وما تمددت إليه الخريطة الغربية في أعقاب ذلك الانهيار".

وتسائل "كيف لا تكون حرباً عالمية وثلاث قمم تُعقد في العاصمة الأوروبية بروكسل في يوم واحد لحلف الناتو وللاتحاد الأوروبي ولمجموعة الدول الصناعية السبع، وكلها لبحث أفضل الطرق للرد على الرئيس الروسي ولمحاولة احتواء الحرب والحؤول دون وقوع كارثة تفوق ما يحصل في أوكرانيا؟!".

وأضاف "بصورة مباشرة أو غير مباشرة كل الدول منخرطة في هذه الحرب، في السياسة كما في الاقتصاد والإعلام وفي اتجاه العلاقات الدولية، تبدو آثار الحرب بالغة الوضوح رغم أنه لم يمضِ على اندلاعها سوى شهر واحد، ونادراً ما استطاع قرار يتخذه شخص واحد أن يُحدث مثل هذا التغيير الذي لا مبالغة في القول إنه يطال البشرية جمعاء".

وتابع "حرب وحّدت العالم بمقاييس تقارب ما فعلته جائحة كورونا، مع تلك الجائحة بدّد اكتشاف اللقاحات الخوف على المصير وفتح نافذة أمل، لكن الحرب الروسية – الأوكرانية التي صار منطقياً أن تسمى الحرب الروسية – الغربية لا توحي مع الأسف بمثل هذا الأمل، إذ لا يتحمل أي طرف من المنخرطين فيها القدرة على قبول الهزيمة لأنها صارت تعني نهاية معسكر وانتصار آخر".

واختتم الكاتب مقاله بالقول "كيفما كانت الطريقة التي ستضع بها هذه الحرب أوزارها، لن يعود الاطمئنان الذي كانت البشرية ترتاح فيه إلى مستقبلها اطمئناناً مضموناً كما كان، وطبيعة العلاقات الدولية التي كانت قائمة بعدما حُكي عن نهاية الحرب الباردة انقلبت إلى غير رجعة".

إعادة تشكيل أوروبا
وبدوره، أشار سميح صعب في صحيفة النهار اللبنانية إلى أن الحرب الروسية - الأوكرانية، أحدثت ولا تزال تحولات كبرى في السياسة الأوروبية المتبعة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وقال "العداء لروسيا الذي كان الكثيرون من قادة القارة قد اعتبروا في وقت من الأوقات، أنه قد دفن إلى غير رجعة مع نهاية الحرب الباردة وسقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي، ها هو يستيقظ فجأة بعد عبور الدبابات الروسية الحدود الأوكرانية في 24 شباط(فبراير) الماضي".

وأضاف "تبدأ التحولات في أوروبا مع رحلة البحث الشاقة عن بدائل للنفط والغاز الروسيين، المهمة ليست سهلة، ويتفاوت تأثيرها بين بلد وآخر، هناك مساعٍ حثيثة لاستيراد الغاز والنفط من دول الخليج العربي، لا سيما من قطر، وهناك رغبة أوروبية ملحة أيضاً في التوصل بأسرع ما يمكن إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران في فيينا، حتى يتسنى رفع العقوبات عن طهران، كي يعود الغاز والنفط الإيرانيان إلى الأسواق الأوروبية بعد التحرر من العقوبات الأمريكية، كذلك سيكون ثمة اعتماد بنسبة معتبرة على النفط والغاز الأمريكيين".

وأوضح الكاتب أن البحث عن المصادر البديلة للطاقة الروسية، ليس بلا ثمن، والمقصود أن موجة التضخم وارتفاع الأسعار في دول الاتحاد الأوروبي، ستكون جزءاً من الثمن الذي ستدفعه هذه الدول في السنوات إن لم يكن في الأشهر المقبلة.

ولفت قائلاً "التحول لا يقف عند حدود البحث عن موارد بديلة من الطاقة الروسية، فدول أوروبية كثيرة ستكون مجبرة على زيادة نفقاتها الدفاعية إلى ما يتجاوز نسبة 2% من إجمالي الناتج القومي مثل ما فعلت ألمانيا، كما أن دولاً أخرى ستحذو حذو ألمانيا، كيف لا وهم يعتبرون أن العدو الروسي بات على الأبواب".

الجانب النووي
وأما في صحيفة الخليج، فقد تطرق ناصر زيدان إلى الجانب النووي من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وقال "للولايات المتحدة مصلحة في حصر الصراع القطبي مع خصم واحد كروسيا، لأنها تدرك مخاطر تفلّت الانتشار النووي، كما أن هذا الحصر يفيدها لأنه يدفع حلفاءها الأوروبيين للانضباط في الاصطفاف خلفها لمواجهة الخطر الروسي".

وأضاف "القطبان الأمريكي والروسي يلعبان على الساحة الأوكرانية بخلفيات استراتيجية واضحة، فموسكو تدرك أهمية أوكرانيا لأمنها ولاقتصادها الزراعي ولامتداداتها الديموغرافية السلافية، وواشنطن تعرف قيمة الاستثمار السياسي والعسكري في البيئة الأوكرانية، والطرفان مشدودان إلى حالة الاستقطاب التي تشكلها أوروبا بالنسبة للعالم، ويرغب كل منهما في زيادة التأثير في هذا الفضاء".

وذكر الكاتب أن تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام السلاح النووي إذا ما تعرضت بلاده إلى خطر؛ يؤكد أن للجانب الاستراتيجي تأثير كبير في الحرب التي تجري في أوكرانيا، وموسكو لا تستطيع بالوسائل السياسية والدعائية والمالية الوقوف في وجه الجنوح عند بعض القيادات الجديدة في أوكرانيا، ودخلت في الميدان العسكري بعد أن تأكدت أن واشنطن لن تتدخل عسكرياً للدفاع عن أوكرانيا.

وتابع قائلاً "وضعت روسيا يدها على أهم المحطات النووية الأوكرانية، لأنها كانت تخشى من قدرة هذه المحطات على إنتاج سلاح نووي، وما عُرض على شاشات التلفزة من منشآت كانت تعمل على إنتاج سلاح بيولوجي وكيميائي بتكنولوجيا أمريكية قد يكون صحيحاً، لأن القيادة الأوكرانية لم تخفِ نواياها بامتلاك وسائل ردع بوجه التمدد الروسي، بما في ذلك طلب الانضمام إلى حلف الأطلسي، وهو طموح فيه مبالغة كبيرة، ولا يمكن لروسيا أن تسمح بتحقيقه حتى ولو اضطرها الأمر التفلّت من القيود التي تفرضها معاهدة ستارت – 3 النووية".