قوات الجيش الفرنسي (أرشيف)
قوات الجيش الفرنسي (أرشيف)
الجمعة 25 مارس 2022 / 13:50

فرنسا غير مُستعدّة لحرب طويلة.. الذخيرة لا تكفي 3 أيام

وسط تصاعد حملات الترشّح للانتخابات الرئاسية في فرنسا، ومع احتدام الحرب الروسية- الأوكرانية، برزت بشكل ملموس مخاوف تتعلق بقُدرات الجيوش الفرنسية ومدى استعدادها لأيّ حرب طويلة الأمد، حتى أنّ بعض مرشحي اليمين المتطرف زعموا أنّ ذخيرة القوات الفرنسية تكاد لا تكفي 3 أيام.

وتساءل محللون وإعلاميون فرنسيون عن حقيقة امتلاك بلادهم قدرة على تحمّل نزاع محدود لكن شديد الحدّة؟، وأضافوا "إذا كانت الولايات المتحدة منخرطة في صراع كبير، فأيّ حليف يمكن أن تكون فرنسا؟ وما هي الحرب التي سوف تشنّها باريس لدعم واشنطن؟".

وقدمت مؤسسة "راند" الدولية للأبحاث والفكر والتطوير، تحليلاً واضحاً للإجابة عن هذه التساؤلات المشروعة، مُخالفة الآراء المُتشائمة بالقول إنّ "فرنسا مُستعدّة لأيّ حرب، ولكن ليس لحرب طويلة"، إلا أنّها رأت في ذات الوقت، أنّ فرنسا وبعد أن شنّت أو شاركت في حروب غير متكافئة مع جيوش ضعيفة على مدى عقدين من الزمن، تُخاطر في المُستقبل بمواجهة أعداء من نفس العيار الثقيل مثلها. 

وأوضحت "تم إعداد الجيش الفرنسي ليكون قوة عامة الأهداف مع التركيز على القوة الكافية، بما يعني بأنها مناسبة بما يكفي للبقاء على قيد الحياة في ساحة معركة تقليدية، ولكنّها غير كافية لتُصارع بقوة في بيئات الحرب القاسية".

وفي صحيفة "لو فيغارو" يقول نيكولا باروت، إنّه منذ العمليات الإرهابية التي استهدفت فرنسا بدءاً من 2015، وضعت حكومة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند مجموعة من الإصلاحات داخل المنظومة العسكرية، تابعتها حكومة الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، بحيث تمّت زيادة ميزانية وزارة الدفاع من 36 مليار يورو إلى 41 مليار يورو لغاية 2022.

ونقلت عن مسؤول عسكري كبير في الجيش الفرنسي قوله إنّ الحرب الروسية- الأوكرانية دقت ناقوس الخطر، إذ وعلى الرغم من القوة التكنولوجية الفائقة التي تتمتع بها الجيوش الفرنسية، إلا أنّه من الضروري إعادة دراسة نقاط ضعف الجنود وإعادة تدريبهم على نحوٍ أفضل، خاصة وأنّ أسلحة الجيش الفرنسي وعتاده تُعتبر ضئيلة جداً بالمُقارنة مع ما يمتلكه الجيش الروسي.

ويقول المرشحون للإليزيه في انتخابات أبريل(نيسان) 2022 القليل عن برنامجهم الدفاعي، لكنّ هذا الموضوع مهم جداً لسلامة الفرنسيين ومستقبل البلاد في عالم خطير، وفقاً لما قاله لوران كوليت بيلون، المسؤول العام السابق عن قطاع التسليح في فرنسا.

عودة للتجنيد الإجباري
ولم تحظَ قضايا الدفاع حتى الآن باهتمام كبير في الحملات الرئاسية، ربما على أساس أن الدفاع سيكون موضوع شكل من أشكال الإجماع ولن يكون عاملاً تمييزياً للناخبينن، وتقتصر معالجة ذلك على مسألة عدد قليل من العلامات الرمزية التي تم طرحها دون تفكير كافٍ، مثل اقتراح ترك القيادة المتكاملة لحلف الناتو أو عودة التجنيد الإجباري للفرنسيين، أو حتى مستوى الإنفاق العسكري المُعبّر عنه فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي.

ومع ذلك، فإنّ تطور السياق الجيوسياسي الدولي والمستوى العالي من عدم اليقين والمخاطر المصاحبة له يبرر المراجعة المتعمقة للأدوات العسكرية والتحالفات التي تعقدها فرنسا مع دول صديقة، ولا يأخذ التقييم الأخير للقُدرات العسكرية في الحُسبان التسليح الهائل لكلّ من الصين وروسيا.

ويبدو استثناءً بعض الشيء، المرشح اليميني المتطرف إريك زمور الذي تساءل في تصريحات شديدة اللهجة نقلتها كافة وسائل الإعلام "كيف سيكون الحال إذا كان هناك صراع كبير لفرنسا ضدّ دولة قوية"، مُطالباً بزيادة ميزانية الجيوش الفرنسية بشكل كبير. 

وكان زمور، وقبل بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ألقى خطاباً مُثيراً للقلق حول القوات الفرنسية، إذ انتقد حالة الجيش الفرنسي الذي، حسب قوله، سيكون لديه ذخيرة تكفي لثلاثة أيام فقط في حالة نشوب نزاع، لكن وفي حالة نشوب صراع كبير ضدّ جيش قوي "سوف تنفد ذخائرنا في غضون ثلاثة أيام، لا توجد حرب تدوم ثلاثة أيام، مما يعني أننا اليوم في وضع يسمح لنا بخسارة الحرب القادمة"، داعياً إلى تعزيز القدرات الوطنية.

وعلى صعيدٍ آخر، حذّر السفير الفرنسي السابق في بكين وموسكو، جان موريس ريبير، من أنّ الرئيس الروسي بوتين يُريد تدمير الاتحاد الأوروبي، وقال في حوار صحافي، إنّ بوتين يرغب في إضعاف أوكرانيا وتدميرها، مُضيفاً أنه وبعكس الصين، يتمثّل هدف روسيا في تدمير روابط الاتحاد الأوروبي وخلق الفوضى على أراضيه، ورأى أنّ "الرئيس الروسي لا يتفاوض لأنه يسعى إلى محاربة الديمقراطية ورفض مفهوم حقوق الإنسان العالمية".

وأما بيير فيمون، السفير الفرنسي السابق لدى واشنطن، فيعتبر من جهته أنّ التقارب بين كل من موسكو وبكين يعتمد حالياً على تطورات الوضع الراهن على الأرض، فالصين في حال لم تسر الأمور لصالح الجيش الروسي، سوف تتخلى بالتأكيد عن دعمها الخفي لموسكو، إذ تضع في اعتبارها مصالحها واستثماراتها وشراكاتها مع الدول الأوروبية كأولوية لها.