العلم الإيراني (أرشيف / رويترز)
العلم الإيراني (أرشيف / رويترز)
الأحد 27 مارس 2022 / 09:08

الاتفاق النووي قاب قوسين

يصل مبعوث الاتحاد الأوروبي الذي يتولى تنسيق مباحثات إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني إلى طهران مساء السبت للعمل على حل نقاط التباين المتبقية بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة، في زيارة سبقها توقّع وزير خارجية التكتل القاري إنجاز تفاهم "خلال أيام".

ويأتي ذلك في يوم كشف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أن اسقاط واشنطن التصنيف "الإرهابي" عن الحرس الثوري هو من ضمن المسائل العالقة في مباحثات إحياء الاتفاق.

وقبل نحو عام، بدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في اتفاق 2015 (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين)، مباحثات في فيينا بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة التي انسحبت أحادياً منه في 2018.

ويتولى الاتحاد الأوروبي دور المنسّق في المباحثات الهادفة لإحياء الاتفاق عبر عودة واشنطن الى متنه ورفع العقوبات التي عاودت فرضها على إيران بعد انسحابها، وامتثال الأخيرة مجدداً لكامل بنوده بعد تراجعها عن الكثير منها ردا على الخطوة الأمريكية.

وأكد المعنيون تحقيق تقدم، مع تبقّي نقاط تباين تتطلب "قرارات سياسية".



ومن المقرر أن يصل الدبلوماسي انريكي مورا الى طهران ليل السبت، ويلتقي الأحد كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري، وفق وكالة "إرنا" الرسمية.

وكان مورا كتب عبر تويتر أن الزيارة هي في إطار استكمال "ردم الفجوات المتبقية في مباحثات فيينا بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق) ... علينا انجاز هذا التفاوض. ثمة الكثير على المحك".

وقبيل وصول مورا، توقع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من الدوحة احتمال انجاز اتفاق قريباً.

وقال للصحافيين على هامش "منتدى الدوحة" الحواري "نحن قريبون جداً (من التوصل إلى اتفاق) لكن هناك بعض المسائل العالقة"، مضيفاً "لا أستطيع القول متى وكيف، لكنّها مسألة أيام".

وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن طهران في مقابل قيود صارمة على برنامجها النووي. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات قاسية، ما دفع طهران للتراجع عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق.

وتشدد الدول الغربية على ضرورة الإسراع في انجاز المباحثات وإحياء الاتفاق في ظل تسارع الأنشطة النووية لإيران وتقلّص المدة التي قد تحتاج إليها لجمع ما يكفي من المواد لصنع سلاح ذرّي، علما بأن طهران نفت على الدوام سعيها إلى أمر كهذا.

وبينما كان المعنيون يؤكدون في الآونة الأخيرة قرب الاتفاق، طرأت عقبة مرتبطة بالغزو الروسي لأوكرانيا، اذ طلبت موسكو الحصول على ضمانات خطية من واشنطن بأن العقوبات الغربية التي فرضت عليها مؤخراً بسبب الأزمة مع كييف، لن تؤثر على تعاونها مع طهران.



وأعلن بوريل في 11 مارس (آذار) تعليق مباحثات العاصمة النمساوية، مؤكداً مواصلة الأطراف مشاورتهم الجانبية.

وبعد أيام، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نيل روسيا ما تريده، بعد لقائه أمير عبداللهيان في موسكو.

وبعدما كانت المسألة متداولة في تقارير صحافية، أكد أمير عبداللهيان السبت للمرة الأولى رسميا، أن اسقاط التصنيف "الإرهابي" الأمريكي عن الحرس الثوري هو ضمن الأمور القليلة العالقة.

وشدد على أن إيران تريد إسقاط التصنيف على الرغم من أن قادة الحرس طلبوا ألا يكون ذلك "عقبة" أمام الاتفاق اذا كان يحقق مصالح طهران.

وقال الوزير إن "موضوع حرس الثورة هو بالطبع جزء من مفاوضاتنا"، مضيفاً للتلفزيون الرسمي الإيراني إن "المشكلة (راهنا) تكمن في بعض القضايا المهمة العالقة بيننا وبين الولايات المتحدة"، والتنصيف هو من القضايا "على جدول الأعمال".

وأكد أن عدداً من مسؤولي الحرس طلبوا من الخارجية "القيام بما هو ضروري توافقاً مع المصالح الوطنية للبلاد، وفي حال وصلنا إلى نقطة تتم فيها إثارة مسألة حرس الثورة، يجب ألا تكون مسألة حرس الثورة عقبة أمامكم".

وأوضح أن هؤلاء المسؤولين "يضحّون" بقولهم إنه "إذا وجدتكم أن مصلحة البلاد محفوظة في الاتفاق، لا تجعلوا موضوع حرس الثورة أولوية".

إلا أنه تابع "إضافة إلى النقاط الأخرى التي لا تزال عالقة (...) لن نجيز لأنفسنا بأن نبلغ الولايات المتحدة بأننا مستعدون للتخلي عن موضوع حرس الثورة على الرغم من الاذن الممنوح لنا من المسؤولين الكبار" فيه.

وأدرج ترامب الحرس على قائمة "التنظيمات الإرهابية الأجنبية" في 2019 بعد سحبه واشنطن من الاتفاق.



ويثير مطلب رفعه معارضة داخلية في الولايات المتحدة، واعتراضاً حاداً من إسرائيل، العدو الإقليمي اللدود للجمهورية الإسلامية، علماً بأن الخبراء يرون أن مفاعيل رفع الحرس من القائمة تبقى رمزية، إذ لن يؤثر ذلك على حزم عقوبات أمريكية مختلفة مفروضة عليه.

وخلال المباحثات، ركزت الدول الغربية على أهمية امتثال إيران مجدداً لكامل التزاماتها، بينما شددت طهران على أولوية رفع العقوبات والتحقق من ذلك، ونيل ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأمريكي أو تبعاته الاقتصادية.

وشددت واشنطن هذا الأسبوع على أن إيران يجب أن تتخذ قرارات "صعبة" لانجاز المباحثات وإحياء الاتفاق.

وقال المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس الثلاثاء "المسؤولية تقع على طهران لاتخاذ قرارات قد تعتبرها صعبة"، مضيفاً "هناك عدد من الموضوعات الصعبة التي ما زلنا نحاول حلّها".

وأكد أن بلاده تبقي في حسابها احتمال عدم الاتفاق، وأن التفاهم "ليس وشيكاً ولا مؤكّداً، ولهذا السبب بالتحديد نحن نتحضّر خلال العام لأيّ احتمال طارئ".

ووصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل السبت لإجراء محادثات "تاريخية" مع الدول العربية التي طبّعت العلاقات مع الدولة العبرية في إطار اتفاقيات أبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة.

ويثير إمكان التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران قلق إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة في الخليج، الذين يرون في إيران مصدر تهديد لهم.

في فبراير (شباط)، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إنه "منزعج بشدة" من احتمال إبرام اتفاق نووي جديد، تخشى إسرائيل أنه لن يمنع إيران من تطوير سلاح نووي.

وبعث بينيت رسالة نادرة السبت إلى السعودية، معرباً عن "الألم" إزاء موجة الهجمات التي شنها المتمردون اليمنيون الحوثيون المدعومون من إيران الجمعة وأصابت أهدافاً في المملكة.

وكتب بينيت على تويتر في وقت متأخر السبت "هذا الهجوم دليل آخر على أن عدوان إيران الإقليمي لا يعرف حدوداً".