دخان يتصاعد من لفيف بعد غارة روسية.(أرف ب)
دخان يتصاعد من لفيف بعد غارة روسية.(أرف ب)
الأحد 27 مارس 2022 / 14:05

حرب أوكرانيا طويلة.. مع عواقب وخيمة

24-زياد الأشقر

أصدر الجيش الروسي تحديثاً لحصيلة شهر من غزوه لأوكرانيا. وقال مدير العمليات الرئيسية سيرغي رودسكوي إن "المهام الأساسية للمرحلة الأولى من العملية قد استكملت. القوة القتالية الرئيسية للقوات الأوكرانية قد تم تقليصها على نحوٍ كبير، مما يتيح لنا تركيز جهودنا الرئيسية عل تحقيق الهدف الأساسي -وهو تحرير الدونباس".

النزاع يتحول بسرعة إلى حرب استنزاف مدمرة على نحوٍ هائل مع عواقب وخيمة للقارة الأوروبية وللنظام الدولي الذي قام بعد انتهاء الحرب الباردة

ورأت وسائل إعلامية في الإعلان، إشارة إلى أن روسيا بدأت تحد من عملياتها العسكرية في مواجهة المقاومة الأوكرانية غير المتوقعة. لكن محرر شؤون الأمن القومي في مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية مارك أيبسكوبوس لفت إلى أن أن لا دليل على أن موسكو قد تخلت عن الأهداف القصوى التي حددها في الأصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 24 فبراير (شباط). وعلى العكس فقد كرر رودسكوي الجمعة، بأن روسيا لا تزال ملتزمة "اجتثاث النازية" و "نزع سلاح" أوكرانيا.

وعندما ينظر إلى إعلان رودسكوي في سياق التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسؤولون كبار في الكرملين، فإن الإعلان الأخير لا يفترض أن الجيش الروسي يقلص أهدافه، وإنما هو يعيد التموضع تحسباً لصراع طويل. ولهذا، ربما قررت موسكو أن عليها تعزيز السيطرة على الدونباس قبل معاودة الهجمات البرية في منطقة كييف والدفع أكثر نحو الغرب.

أداء الجيش الروسي

وبعد مضي شهر على الحرب، لا أحد يشك في أن أداء الجيش الروسي كان أقل من المتوقع بكل معايير المعارك الميدانية. لكن لا يزال من المبكر جداً أن نستنتج من ذلك، أن أوكرانيا قد ربحت، أو أن روسيا قد هُزمت فعلاً. إن خريطة النزاع تظهر أن خط السيطرة في أوكرانيا يتغير لمصلحة روسيا منذ 24 فبراير، مع تحقيق القوات الغازية مكاسب بطيئة وإنما ثابتة في المسرحين الجنوبي والشرقي. وكما لاحظ غراهام أليسون وعاموس يدلين في مجلة "ناشيونال إنترست"، إن روسيا تسيطر الآن على ضعفي الأراضي الأوكرانية التي كانت تسيطر عليها عند بدء الحرب.

الكرملين
ويرى الكاتب أن الخسائر التي فاقت ما كان متوقعاً من شأنها تثبيت القوات البرية على المدى القصير، لكنها لن تدفع الكرملين إلى عكس مساره في أوكرانيا. إن الثقافة الإستراتيجية والخطاب السياسي قد أظهرا تاريخياً تسامحاً كبيراً في ما يتعلق بتحمل خسائر كبيرة في نزاعات تتمتع بدعم جماهيري. ونجح بوتين في تعبئة الجماهير الروسية حول الحرب في أوكرانيا. وتظهر آخر استطلاعات الرأي أن الدعم الشعبي للنزاع قد ارتفع فعلياً، ولم يتراجع منذ 24 فبراير (شباط)، وتدور حول 70-74 في المئة. ويواجه بوتين ضغطاً داخلياً، ليس لوضع حد للحرب، وإنما من أجل خوضها بشراسة أكبر.

وأضاف الكاتب أن أداء القوات المسلحة الأوكرانية كان أفضل بكثير مما توقعه المراقبون الروس والغربيون، لكن الحقيقة الاستراتيجية الأساسية لم تتغير: موسكو مقتنعة بأن مصالحها الوجودية معرضة للخطر. ولديها من الموارد والإرادة السياسية ما يمكنها من رؤية هذه الحرب تصل إلى نهاية مريرة.

شحنات الأسلحة

أين يقف الغرب من ذلك؟ إن استمرار شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا من شأنه إطالة أمد النزاع، حتى على حساب ثمن باهظ يدفعه المواطنون الأوكرانيون، لكن لا يمكن أن تغير النتيجة. إن الكرملين سيلتزم إرسال مزيد من القوات عند الحاجة، حتى يتمكن في النهاية من فرض الحل العسكري، الذي يرغب فيه في أوكرانيا. ولن يكون في استطاعة الغرب فعل شيء لتغيير النتيجة إلا بتدخل عسكري مباشر.

وتستمر مباحثات السلام بين موسكو وكييف، من دون توقع وصولها إلى تسوية في الوقت الراهن. ويعتقد الطرفان أنه لم يحن الوقت لتسوية تفاوضية. ومع تعثر المفاوضات وفي غياب اختراق عسكري في المدى المنظور، فإن النزاع يتحول بسرعة إلى حرب استنزاف مدمرة على نحوٍ هائل مع عواقب وخيمة للقارة الأوروبية وللنظام الدولي الذي قام بعد انتهاء الحرب الباردة.