عناصر من الشرطة الألبانية في تيرانا (أرشيف)
عناصر من الشرطة الألبانية في تيرانا (أرشيف)
الإثنين 12 سبتمبر 2022 / 16:40

بعد هجوم إلكتروني ثان.. هل يتحرك حلفاء ألبانيا ضد إيران؟

24. إعداد: شادية سرحان

أثارت الهجمات الإلكترونية الإيرانية على البنية التحتية لألبانيا والتي أدت إلى قطع العلاقات بين البلدين، ردود فعل قوية، حيث هددت واشنطن، أقرب حلفاء ألبانيا، طهران بتفعيل البند الخامس، في حين وعد حلف شمال الأطلسي، بمساعدتها في مواجهة هجمات مماثلة في المستقبل.

وبعدما حذر مسؤولون غربيون، طهران من تكرار الهجمات، أعلنت ألبانيا العضو في حلف الناتو، السبت، تعرض شرطتها لهجوم إلكتروني جديد اتهمت إيران بتنفيذه، فهل ينفذ حلفاء تيرانا وعودهم بمساعدتها ومعاقبة إيران على هذه الهجمات الإلكترونية؟.

وفي بيان، قالت وزارة الداخلية الألبانية، السبت، إن أحد أنظمتها الحدودية تعرض لهجوم إلكتروني "جاء من نفس المصدر الإيراني الذي شن هجوماً سابقاً ودفع البلاد إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران"، مضيفة "اكتشف أن نظام إرسال للشرطة الألبانية يتعرض لهجوم إلكتروني مشابه لذلك الذي تعرضت له البوابة الحكومية، ألبانيا الإلكترونية، في يوليو (تموز)" الماضي.

وتابعت قائلة إن "النتائج الأولية تظهر أن الهجوم ارتكب من نفس الجهة"، مضيفة أن السلطات أغلقت مؤقتاً جميع الأنظمة، بما فيها نظام إدارة المعلومات الشامل الذي يسجل حركة الدخول والخروج عند المعابر الحدودية.

وبدوره، كتب رئيس الوزراء إدي راما على تويتر، قائلاً: "هجوم إلكتروني آخر من نفس المعتدين، كُشف واستنكره بالفعل حلفاء ألبانيا والدول الصديقة، شوهد الليلة الماضية على نظام إدارة المعلومات الشامل"، مضيفاً أن "المسؤولين ينسقون العمل الدفاعي مع الحلفاء".

ويشار إلى أن ألبانيا قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران، الأربعاء الماضي، وطردت دبلوماسييها بعد الهجوم الإلكتروني في يوليو (تموز) الذي اتهمت طهران بتنفيذه، في خطوة أيدتها واشنطن، ففرضت بدورها عقوبات على إيران بسبب الهجوم على حليفتها في الحلف.

وكانت هذه أول حالة معروفة لدولة تقطع العلاقات الدبلوماسية مع أخرى بسبب هجوم إلكتروني.

بيان الناتو
و ندد حلف شمال الأطلسي، ناتو، بدوره بالهجوم الإلكتروني، متعهداً بتعزيز التعاون مع الدول الأعضاء فيه في مواجهة هذه الأفعال التي ترمي إلى "زعزعة الاستقرار"، وقال في بيان: "سنواصل تعزيز استعدادنا ضد الهجمات الإلكترونية، ودعم بعضنا البعض للدفاع ضد التهديدات السيبرانية، بما في ذلك النظر في الردود الجماعية المحتملة".

وقالت الدول الأعضاء في الحلف: "نحن متضامنون مع ألبانيا بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفت بناها التحتية" الإلكترونية، وأضافت "ندين بشدة هذه الأفعال الخبيثة التي تهدف إلى زعزعة استقرار حليف وعرقلة الحياة اليومية لمواطنيه".


دعم أمريكي بريطاني
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي: "تصرفات إيران المتهورة أظهرت تجاهلًا واضحًا للشعب الألباني، وحدت بشدة من قدرة المواطنين على الوصول إلى الخدمات العامة الأساسية".

كما وصف ألبانيا بـ "شريك مهم"، وأضاف "نقف إلى جانب ألبانيا والحلفاء الآخرين في فضح أفعال إيران غير المقبولة".

ومن ناحية أخرى، أدان العضو الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، جيم ريش، الهجوم على ألبانيا، وقال: "على إيران أن تجيب على هجماتها المدمرة، أؤيد قرار تيرانا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران".


محاسبة إيران
وعلى إثر الهجوم، فرضت الولايات المتحدة، يوم الجمعة عقوبات على وزارة المخابرات والأمن في إيران، وعلى شخصياً وزيرها إسماعيل الخطيب، بسسبب الاختراق الإلكتروني عبر الإنترنت ضد واشنطن وحلفائها.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، إن "هجوم إيران الإلكتروني على ألبانيا يتجاهل قواعد سلوك الدولة المسؤول في أوقات السلم في الفضاء الإلكتروني، التي تشمل الامتناع عن الإضرار بالبنى التحتية الحيوية التي توفر خدمات للعامة".

وتابع البيان الأمريكي "لن نتسامح مع الأنشطة السيبرانية العدوانية المتزايدة لإيران التي تستهدف الولايات المتحدة أو حلفاءنا وشركاءنا".

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، أشارت في يوليو (تموز) الماضي إلى أن "جهات فاعلة بالفضاء السيبراني مدعومة من إيران ووزارتها للاستخبارات، هاجمت أنظمة الكمبيوتر للحكومة الألبانية.. ما اضطر الحكومة إلى تعليق الخدمات العامة المقدمة لمواطنيها عبر الإنترنت".

وأعلن البيت الأبيض أيضاً أن الولايات المتحدة ستتخذ "تدابير إضافية لمحاسبة إيران".

وقال بيان للمتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريين واتسون، إن "الولايات المتحدة تدين بشدة الهجوم الإلكتروني الإيراني ضد حليفتنا في الناتو، ألبانيا"، لافتة في هذا السياق إلى أن الأمريكيين خلصوا بعد تحقيق استمر أسابيع في ألبانيا إثر هجمات إلكترونية ضخمة في 15 يوليو (تموز)، إلى أن "الحكومة الإيرانية قادت هذا الهجوم  غير المسؤول وأنها المسؤولة عن قرصنة وتسريب بيانات تلت ذلك".

ووصفت واتسون الهجوم بـ "سابقة مقلقة"، مشيرة إلى أن "سلوك إيران ينتهك القواعد التي تحكم سلوك دولة مسؤولة في الفضاء الإلكتروني في زمن السلم".

وأعلنت في وقت لاحق، المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار، أن "الحلفاء في إطار الناتو سيتّخذون قراراتهم السيادية حول كيفية الردّ على هذه الهجمات الإلكترونية، بما في ذلك احتمال تفعيل البند الخامس"، من معاهدة حلف شمال الأطلسي، موضحة في نفس الوقت وجود "إجراءات متعدّدة قبل اللجوء" إلى هذا البند الذي يفرض على دول الحلف الأطلسي مجتمعة أن تردّ على أي هجوم يستهدف إحداها.

وبموجب المادة الخامسة ناتو، فإنه عند تعرض دولة عضو في الحلف العسكري لهجوم مسلح، فإن يتعين على كافة الأعضاء الآخرين أن يعتبروا الأمر بمثابة هجوم عليهم، الأمر الذي يستلزم ردهم.


البند الخامس؟

ووفق معاهدة حلف شمال الأطلسي بواشنطن في أبريل (نيسان) 1949 والمعروفة بـ"معاهدة واشنطن" ينص البند الخامس على أن الاعتداء على أي دولة في الحلف يمثل اعتداءً على كل الدول الأعضاء، ويوجب على الدول الأخرى مساعدتها في التصدي للهجمات.

ويظل هذا الالتزام ملزماً ضمن اتفاقية للدفع المشترك، وذلك وفقًا لمعاهدة الناتو.


ومن جانبها، أدانت طهران و"بشدة"، العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة، مشدّدة على أن قرار تيرانا قطع العلاقات الدبلوماسية استند "إلى مزاعم لا أساس لها وذات دوافع سياسية".


أسباب الهجوم
ويقول محللون، إن "الهجمات الإلكترونية كانت تهدف إلى معاقبة ألبانيا لدعمها للمنظمة المصنفة إرهابية من قبل إيران، والتي تتهمها بالوقوف وراء الكثير من الهجمات والتفجيرات".

والعلاقات بين ألبانيا وإيران متوترة منذ 2014، بسبب استقبال ألبانيا حوالي 3000 عضو من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في المنفى، والذين استقروا في مخيم بالقرب من دوريس، الميناء الرئيسي في البلاد.

وتنظم الحركة باستمرار مؤتمرات في المجمع الذي شيّدته قرب تيرانا، ويؤوي نحو 3 آلاف عضو من المعارضين الإيرانيين المنفيين.

وفي يوليو (تموز) 2022، أرجأت منظمة مجاهدي خلق اجتماعاً في ألبانيا، مخصصاً للدعوة إلى تغيير النظام في إيران، "بناء على توصيات من الحكومة الألبانية، لأسباب أمنية، وبسبب تهديدات إرهابية ومؤامرات".

وقبل إلغاء المؤتمر، حذرت السفارة الأميركية في تيرانا بشكل منفصل من "تهديد محتمل" للاجتماع  حاضة مواطنيها في ألبانيا على تجنب الحدث وعدم لفت الأنظار.

وقالت السفارة إن"الحكومة الأمريكية تدرك وجود تهديد محتمل يستهدف القمة العالمية لإيران الحرة". وفتحت النيابة الألبانية تحقيقات ضد شبكة تجسس محتملة، واستجوبت عدداً من المشبوهين، لكنها لم تنشر النتائج.

وفي سياق إيراني دعت وكالة أنباء "فارس"، للحرس الثوري الإيراني، استهداف جماعة مجاهدي خلق في ألبانيا، بطائرات دون طيار وصواريخ. 

وفي 30 يونيو (حزيران) 2018، أحبط مخطط في فيلبانت، بالقرب من باريس، للتجمع السنوي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو تحالف من المعارضين، يضم في صفوفه حركة مجاهدي خلق.

وأوقفت الشرطة البلجيكية زوجين بلجيكيين من أصل إيراني وبحوزتهما 500 غرام من بيروكسيد الأسيتون المتفجر، وصاعق، في سيارتهما، وتبين أنهما خططا للتفجير بتحريض من دبلوماسي إيراني، اعتقل وسجن في بلجيكا لاحقاً. 

وهذه ليست المرة الأولى التي يندلع فيها خلاف بين تيرانا وإيران، فمنذ ديسمبر(كانون الأول) 2018، طردت ألبانيا 4 دبلوماسيين إيرانيين من تيرانا بينهم السفير، متّهمةً إياهم بـ"أنشطة مضرة بالأمن القومي".