الأربعاء 16 نوفمبر 2022 / 17:32

"حلم مصر" لرودان يتألق في باريس

بالتعاون والشراكة مع عدّة متاحف وجامعات، يستعرض متحف رودين في قلب العاصمة الفرنسية، للمرة الأولى علاقة النحّات الشهير أوغست رودين بالفن المصري وعشقه له، وذلك من خلال معرض يكشف أن "رودين مصري.. تغذى على حلم مصر، تخيله، ثم جمعه" كما جاء في تقديم المعرض الذي يتواصل خمسة أشهر لإتاحة الفرصة، كما يقول مُنظّموه، لعُشّاق الحضارة المصرية من الفرنسيين والأوروبيين وأبناء الجاليات العربية لزيارته والتعرف على محتوياته، حيث شهد منذ أيامه الأولى إقبالاً واسعاً من الزوار والسياح.

يقول رودين إن "الفن المصري يجذبني أكثر من أي شيء آخر، إنه طاهر، نقي، وتتجلى أناقة العقل في جميع ملامحه" ولكن زائر المعرض يلاحظ أن الفنان الذي لم يزر مصر نهائياً كان مفتوناً لأبعد الحدود بجمالية منحوتات مصر القديمة وأشكالها الفنية. وهو الذي كان يملك عند وفاته في 1917 مجموعة كبيرة من الآثار من مختلف الحضارات، بينها ما يزيد عن 1000 منحوتة مصرية كان يرى أنها مصدر غني للدراسة والإلهام.

يُقدم المعرض الذي يُقام تحت عنوان "حُلم مصر" من 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 5 مارس (آذار) 2023، رحلة بين أكثر من 400 قطعة أثرية مصرية جمعها رودين في الأعوام العشرين الأخيرة من حياته، تتنوع بين تماثيل، ومزهريات، ومخطوطات، ومسلات ومنحوتات، رممت جميعها لعرضها للجمهور ووضع أعماله في سياقها الصحيح عملاً بمقولة "أصدقاء حتى آخر لحظة"، في إشارة للتحف التي كان يعتز بها الفنان الفرنسي ويعشقها.

ويستفيد المعرض من دعم كبير من متاحف اللوفر، وأورساي، وبورديل، ومن جامعي تحف وأعمال فنية خاصة، ومن الشراكة البحثية مع المركز المصري للبحوث في جامعة السوربون، ومركز أبحاث وترميم المتاحف الفرنسية، وجامعة باريس نانتير، ووزارة الثقافة الفرنسية.

ويندرج المعرض ضمن برنامج عام شامبليون، الذي نظم تحت رعاية مشروع الذاكرة الفرنسية للفعاليات والمناسبات التاريخية بمعهد فرنسا.

يستحضر المعرض الفن المصري في أعمال رودين من خلال بحثه عن تمثيل جسم الإنسان، وتبسيط الأشكال والقطع الأثرية.

ويُبرز المعرض الكتاب والفنانين وعلماء الآثار وعلماء المصريات الذين ساهموا في توجيه الفنان الفرنسي نحو مصر بتغذيته وتزويده بمصادر مرئية وقصص ووثائق.

"رودين المصري"
وعلى هامش المعرض، يُنظّم المتحف حتى مطلع مارس(أذار) برامج أنشطة في عطلة نهاية الأسبوع تحت شعار "رودين المصري"، في دعوة للعائلات لاكتشاف مصر القديمة بصحبة علماء الآثار والمصريات في المتحف، بورشة عمل حول أسرار الكتابة الهيروغليفية تُناسب جميع الأعمار بداية من 7 أعوام، يُقدّمها دومينيك فاروت عالم المصريات في مدرسة اللوفر.

وبعد استكشاف المبادئ الأساسية للكتابة المصرية القديمة، سيتعلم الأطفال والزوار كتابة أسمائهم بالهيروغليفية ومُغادرة المتحف بأوراق البردى التي كتبوها عليها.

كما يُنظّم المعرض ندوة حول مفتوحة "فن الفراعنة.. صور للقراءة" يُقدّمها أيضاً دومينيك فاروت، الذي يقول: "في مصر الفراعنة الكتابة رسم، والرسم كتابة.. تعالَ وراقب المُقتنيات المُختارة من مجموعة أوغست رودان، واكتشف معه العلاقة الفريدة التي تُوحد الصورة بالكتابة في مصر القديمة".

ومن الفعاليات المُهمة أيضاً محاضرة عامة بعنوان "توت عنخ آمون يصنع سينماه" اقترحها عالم الآثار والمصريات جان لوك بوفوت، الذي يقول: "فتن عالم الفراعنة الفن السابع منذ بداياته. وبمناسبة الذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، ندعوكم لدراسة تأثير هذا الحدث المُهم على السينما المصرية".

ولاستقطاب الفئات العمرية، يُنظّم المتحف جولات عائلية تحت شعار "حلم مصر"، حيث يُوفّر لكل أسرة مُرشداً لاكتشاف عالَم النحات الشهير ومجموعاته من المنحوتات المصرية، ويُتيح لها المُشاركة في ألعاب تفاعلية واكتشاف الألغاز المصممة لاكتشاف المعرض والتعرّف على محتوياته.

وللإشارة فإن أوغست رودين الذي عشق مصر وأصيب بهوس الفن والحضارة المصرية، لم يذهب أبداً إلى مصر، وقال في 1906: "هناك خلود لنوع حي. هؤلاء المصريين عملوا إلى الأبد".

ويقول منظمو المعرض اليوم "الفنانون ومؤرخو الفن، والكتاب والموسيقيون والراقصون والفلاسفة والشعراء، لم يهتموا فقط بالأيقونات أو التاريخ أو الوقائع، بل كانوا أيضاً شغوفين بالاختراعات الشكلية والأسلوبية والنظرية التي نقلها فكر مصر القديمة".