الإثنين 6 فبراير 2023 / 16:36

هستيريا منطاد التجسس الصيني "غير مُبررة وخطيرة"

يرى الكاتب والمحلل السياسي ماكس بوت أن رد الفعل الهستيري المفرط من جانب بعض المسؤولين الأمريكيين بشأن حادثة منطاد التجسس الصيني كان "غير مُبرر"، مشدداً على ضرورة إنشاء خطوط اتصالات أفضل مع بكين.


وقال بوت في مقال بصحيفة واشنطن بوست إن حادث البالون الصيني الذي أسقطته إحدى أنظمة الأسلحة الأمريكية الأكثر تقدما "طائرة إف-22 رابتور" ترك شعورا كبيرا بعدم الاستقرار والقلق، ليس بشأن المنطاد لأنه لم يُشكل أي تهديد فعلي على الولايات المتحدة، لكن القلق المتزايد هو بسبب رد الفعل الهستيري المفرط من جانب الكثير من الأمريكيين على هذا البالون.






ادعاءات جمهورية
ادعى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن الرئيس جو بايدن الآن "سلّم المجال الجوي الأمريكي للصين الشيوعية"، على الرغم من أن البنتاغون أفاد بأن مثل هذه البالونات الصينية البدائية عبرت المجال الجوي الأمريكي ثلاث مرات على الأقل خلال رئاسة ترامب.

بينما قال حاكم نيو هامبشاير كريس سونونو اليميني: "فشل الرئيس في هذا الأمر.. الرجل القوي جو فشل بعد فوات الأوان". لكن بوت تساءل ما الذي كان من المفترض أن يفعله بايدن؟ هل كان يجب أن يصعد شخصيا إلى قمرة القيادة ويقود عملية الإسقاط؟ أم كان يجب أن يشنّ ضربة نووية ضد الصين رداً على ذلك؟.

يقول الكاتب: "لم يكن لدى الجمهوريين أي بدائل واضحة سوى التعليقات الهستيرية، فجادل ماركو روبيو من فلوريدا بأن الصين أرسلت البالون "لإظهار أن الولايات المتحدة كانت ذات يوم قوة عظمى، لكنها الآن في حالة تدهور".



وذكر أن ردود الفعل هذه كانت مُرهقة حقاً لدرجة أن بايدن شعر بأنه مضطر لتأجيل زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الصين. وهو ما يصفه الكاتب بأنه "أمر سيء للغاية، لأن الهيجان بشأن منطاد التجسس يؤكد الحاجة إلى إنشاء خطوط اتصالات أفضل مع بكين لمنع التوترات بين الولايات المتحدة والصين من الخروج عن نطاق السيطرة".
مخاوف نشوب حرب
كما سلّط الكاتب الضوء على ما قبل حادثة المنطاد، مشيراً إلى مُذكرة الجنرال مايكل مينيهان رئيس قيادة التنقل الجوي، التي أرسلها إلى مرؤوسيه وتنبأ فيها بنشوب حرب مع الصين في غضون عامين.
ونقل الكاتب عن مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز الذي قال الأسبوع الماضي إن الزعيم الصيني شي جين بينغ أمر جيشه بالاستعداد لغزو تايوان بحلول عام 2027، لكن هذا لا يعني أنه قرر القيام بغزو في عام 2027، أو أي عام آخر.



يقول بوت إنه "يمكن وينبغي تجنب الحرب مع الصين، لكننا نعطي المسألة أكبر من حجمها، بافتراض أنها حتمية أو من خلال التنفيس عن المخاوف المبالغ فيها بشأن القوة الصينية. وهذا النوع من جنون العظمة ضد الصين الذي نشهده الآن يذكرني بالأيام الأولى للحرب الباردة".

في ذلك الوقت، يُضيف الكاتب "كان هناك أيضا شعور بأن الولايات المتحدة تخسر صراعاً عالمياً مع الشيوعيين، وأن الحرب العالمية الثالثة قد تكون قريبة. لكن الواقع هو أن الصين ليست قوية أو متهورة كما يتخيل الكثيرون، إذ إنها دولة تُعاني من الشيخوخة السكانية والاقتصاد المتباطئ وليس لديها الكثير من الأصدقاء، وهذا يُفسر سبب محاولات الرئيس الصيني مؤخرا إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا".
القوى الأولى
أما الولايات المتحدة، يتابع الكاتب، في حين أن عدد سكانها أقل من الصين، هي في الواقع أقوى من خلال معظم مقاييس القوة الصلبة أو الناعمة، حيث وجد معهد لوي الأسترالي في مسحه السنوي لميزان القوى في آسيا، أن الولايات المتحدة لا تزال في المرتبة الأولى قبل الصين.
ويشير المؤشر إلى أن الولايات المتحدة تقود في "الموارد المستقبلية، والمرونة، وشبكات الدفاع، والتأثير الثقافي، والقدرة العسكرية"، ولم يتم إبطال أي من هذه المزايا من خلال قدرة الصين على إرسال منطاد بدائي فوق الولايات المتحدة.
واختتم بوت مقاله بالإشارة إلى أن "القلق الصحي بشأن القوة المتنامية للصين له ما يبرره، لكن جنون والهستيريا ليسا كذلك. فلا تزال الولايات المتحدة القوة رقم 1 في العالم، ويمكننا أن نبقى على هذا النحو طالما أننا لا نخطئ في حرب كارثية وغير ضرورية مع القوة رقم 2 (الصين) التي ربما يكون صعودها قد بلغ ذروته بالفعل".