أهالي يطلقوان هتافات مناهضة للحكومة أمام مبنى وزارة التعليم في طهران.(أف ب)
أهالي يطلقوان هتافات مناهضة للحكومة أمام مبنى وزارة التعليم في طهران.(أف ب)
الثلاثاء 7 مارس 2023 / 12:31

كواليس جديدة عن حوادث تسميم التلميذات في إيران

24-زياد الأشقر

تعرضت أكثر من ألف تلميذة إيرانية لهجمات "تسمم خفيف" منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما ظهرت أولى الحالات في مدينة قم، وفقاً لوسائل الإعلام التابعة للدولة.




ووصف بعض المراقبين الهجمات المشتبه فيها، كجزء من رد متشدد –ربما بموافقة ضمنية من الدولة- على الاحتجاجات التي قادتها النساء والفتيات، وهزت إيران منذ وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول).
لكن الصحافي آرشي بلاند كتب في مقال بصحيفة "غارديان" البريطانية أن هناك فرضيات بأن بعض هذه الحالات قد تكون دليلاً على مرض اجتماعي شامل- أعراض من دون سبب طبي- نابع من قمع التلميذات اللواتي اضطلعن بدور قيادي في الإحتجاجات.
وأحد الأسباب التي أثارت الصدمة نتيجة الهجمات المشتبه فيها، هو أن تعليم البنات عملية مقبولة وتشكل جزءاً من الحياة في إيران. ومنذ 2011، فاق عدد الطالبات عدد الطلاب في حرم الجامعات.
ويقول البنك الدولي إن نسبة تعليم النساء ارتفعت من 26 في المئة عام 1976، قبل الثورة، إلى 85 في المئة عام 2021. وبينما هناك قيود منذ عام 2012 على الطالبات في بعض الجامعات، فإن مبدأ ذهاب البنات إلى المدارس ليس مسألة مثيرة للجدل في إيران.

تحديات للصحافيين
وبسبب القيود المفروضة على حرية الصحافة في إيران، فإن الصحافيين يواجهون تحديات عند محاولة تقصي الظروف التي تحصل فيها الأحداث- وليس ثمة دليل مباشر عن الجهة المسؤولة. لكن من الممكن جمع بعض التفاصيل معاً.
وقالت ديبا بارنت الصحافية المتخصصة في حقوق الإنسان التي تغطي هذا الحدث إن "الهجمات ليست معقدة أبداً.. وأبلغني أحد الأطباء أنه وفقاً للأعراض فإنهم لاحظوا مادة فوسفات ضعيفة (تستخدم عادة في الزراعة كمبيد للحشرات)". وقال الطبيب لبارنت إن الأعراض المشابهة التي سبق له أن عالجها في الماضي كانت في منشآت زراعية أو عسكرية.


وسعياً إلى حصر المسؤولية المحتملة، ينظر البعض إلى أن الحوادث الأولى سجلت في قم، المدينة المتدينة جداً على مسافة 80 ميلاً من طهران. وقالت بارنت إنه "بينما تعليم الفتيات مقبول على نطاق واسع، فإن هناك إسلاميين متشددين هناك يقفون ضده".

ترهيب؟
والبعض تساءل هل هذه الحوادث تقف وراءها الحكومة كجزء من الجهود لترهيب الحركة الاحتجاجية التي شلت البلاد منذ سبتمبر (أيلول)، عندما توفيت مهسا أميني الشابة الكردية أثناء احتجازها من "شرطة الأخلاق". وأخذاً في الاعتبار بساطة المواد المشتبه فيها، فإن من المحتمل أن تكون الهجمات نسخة عن بعضها.
كما أن هناك مزاعم بأن بفي عض الحالات على الأقل من الممكن وجود "مرض اجتماعي شامل" حيث تنتشر الأعراض من دون سبب طبي معروف. ويقول مؤيدو هذه النظرية إنه من الممكن أن يكون القمع العنيف للمحتجين، محفزاً لهذه الحالات.
ولم يعثر في فحوص الدم لدى بعض التلميذات على أثر للسم، رغم أن هذه النتيجة ليست دليلاً كافياً لاستبعاد التسميم حتى في الحالات التي يجري النظر فيها.
ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أنه في أحد التسجيلات المصورة، بدا أن صفاً في إحدى المدارس أصيب بالأعراض، بعدما عانت إحدى التلميذات من صعوبة في التنفس، مما حدا بالمعلمة إلى السؤال عما إذا كانت إحداهن قد استنشقت رائحة ما.

أجسام مشبوهة
وبينما يبدو معقولاً تفسير بعض الحالات على هذا النحو، أفاد شهود عن إلقاء أجسام مشبوهة في ملاعب المدارس. ولاحظ دان كاسزيتا الخبير في الأسلحة الكيميائية في المعهد الملكي للخدمات في مقابلة مع "بي بي سي" إن بعض المواد السامة من الممكن أن تتحلل بسرعة، ما يجعل من الصعب استخلاص نتائج حاسمة.
ومهما كانت درجة التعقيد في تقويم الأسباب، فإن تعاقب الأحداث يأتي في لحظة محمومة. إذ انه بينما هناك هدوء نسبي في حركة الإحتجاجات مؤخراً-ربما بسبب الإرتفاع الحاد في الإعدامات- فإن الحوادث في مدارس الفتيات قد ولدت شعوراً بالغضب، وفق ما قالت بارنت. وأضافت أن المحتجين يقولون لي بأنهم لن يسمحوا بأن يحدث هذا للفتيات".