قوة أمريكية في سوريا (أرشيف)
قوة أمريكية في سوريا (أرشيف)
الإثنين 8 مايو 2023 / 10:20

واشنطن بوست: إيران أرسلت أسلحة ضمن المساعدات إلى سوريا بعد الزلزال

كتبت صحيفة "واشنطن بوست" أن إيران ووكلاءها يعملون على شن هجمات ضد القوات الأمريكية في سوريا عبر شحنات أسلحة مخبأة ضمن المساعدات الإنسانية إلى سوريا، بعد الزلزال الكارثي الذي قتل عشرات الآلاف في فبراير(شباط)، وفق معلومات استخبارية أمريكية سرية، ومسؤول عسكري إسرائيلي مطلع على الملف.

وتسبب تسريب هذه الأسرار الأمريكية على منصة ديسكورد للتراسل وحصلت عليها "واشنطن بوست" نفسها في تساؤلات عن قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على اعتراض أسلحة إيرانية تُستخدم لاستهداف أمريكيين وقوات شريكة ومدنيين في الشرق الأوسط. وتضخم الوثيقة بالغة السرية والتي لم تكشف من قبل، تقارير سابقة تنسب لإيران محاولة إخفاء المعدات العسكرية الدفاعية ضمن شحنات المساعدات إلى سوريا بعد الكارثة التي دمرت سوريا، وجارتها تركيا.

بين التوافق والنفي

رفض مسؤول دفاعي أمريكي، تحدث مشترطاً حجب هويته، الحديث عن صحة الوثيقة لكنه قال إن النشاط الذي تصفه يتوافق مع الجهود السابقة التي بذلها الحرس الثوري "لاستخدام المساعدات الإنسانية إلى العراق وسوريا وسيلة لإيصال المواد إلى الجماعات الموالية للحرس الثوري الإيراني ".  ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق.

وقال مسؤولون إيرانيون في الشهر الماضي لوكالة رويترز، إن تقريرها الذي يفصّل استخدام طهران المزعوم لطائرات الشحن لتهريب أنظمة دفاع جوي إلى سوريا تحت ستار الإغاثة "لم يكن صحيحاً".

وعزت رويترز تقاريرها إلى تسعة مصادر في سوريا وإيران، وإسرائيل، والغرب، عن تهريب إيران المزعوم للأسلحة الهجومية إلى سوريا أسلحة صغيرة، وذخائر وطائرات دون طيار وفق تقييم الاستخبارات الأمريكية المسرب.

تحركت بسرعة

تقول الوثيقة إن التسليم كان باستخدام قوافل سيارات من العراق بعد التنسيق بين جماعات متشددة صديقة هناك ومن خلال فيلق القدس. وأكد المسؤول العسكري الإسرائيلي الذي تحدث، شريط كتم هويته لحساسية المعلومات، مثل المصادر الأخرى، أن فيلق القدس متورط في مثل هذا النشاط.
وتؤكد الوثيقة المسربة أن إيران وشبكاتها تحركت بسرعة لاستغلال الفوضى عقب الزلزال. في 7 فبراير (شباط)، أي بعد يوم من الكارثة، ودبرت ميليشيا مقرها العراق "نقل بنادق حربية وذخيرة و30 طائرة دون طيار مخبأة في قوافل مساعدات لدعم هجمات في المستقبل على القوات الأمريكية في سوريا" حسب الوثيقة.

الحشد الشعبي

في 13 فبراير (شباط)، وجه ضابط في فيلق القدس ميليشيا عراقية لـ"تضمين أسلحة ضمن مساعدة مشروعة، للتخفيف من آثار الزلزال" كما تشير الوثيقة الأمريكية المسربة. ولفتت الوثيقة أيضاً إلى أن ضابطاً آخر في فيلق القدس احتفظ بقائمة بـ"مئات" المركبات، والبضائع، التي دخلت سوريا من العراق بعد الزلزال، وهي محاولة واضحة لإدارة المكان الذي كانت جميع الأسلحة المهربة متجهة إليه.

ويشير التقييم الأمريكي المسرب إلى تورط "رئيس مكتب لجنة الحشد الشعبي" في إشارة واضحة إلى أبو فدك المحمداوي، رئيس أركان الحشد.

ونفت المجموعة المزاعم  عن استخدام فروعها لشحنات المساعدات الإنسانية لتسليم الأسلحة. وقال التحدث باسمها مؤيد السعدي، إن المساعدات حصلت على موافقة الحكومة العراقية ووصلت إلى المحتاجين السوريين. وقال إن مثل هذه المزاعم "لن تثني الشعب العراقي عن مساعدة الأشقاء السوريين والوقوف معهم في محنتهم الإنسانية بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو غيرها".

مزعج

تسلط النتائج الاستخبارية المسربة الضوء على أمر مزعج: حتى مع استمرار 2500 جندي أمريكي في الخدمة الاستشارية في العراق حيث يعملون إلى جانب الجيش العراقي، يبدو أن الحكومة في بغداد غير مستعدة لملاحقة الذين يشكلون تهديداً للجيشين حسب التقرير.
تولى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني منصبه في السنة الماضية بدعم من الجماعات المرتبطة بإيران. رفض متحدث تقديم رد رسمي. ومع ذلك، نفى مسؤول كبير في مكتبه نتائج الوثيقة الأمريكية ووصفها بـ"مزيفة" قائلاً إن لا حاجة لذريعة لنقل أسلحة إلى مجموعات في سوريا تعمل مع إيران: "في الواقع الحدود مفتوحة بشكل واسع؛ في الواقع ما زلنا نعاني من تسللات غير شرعية عبر الحدود السورية". وتابع "إذا كانت هذه المستندات صحيحة، فالأمر ممكن في أي وقت. لماذا انتظار قافلة مساعدات مبرراً؟"
استهدفت إسرائيل قوافل يشتبه أنها تنقل أسلحة إلى سوريا ولبنان، حسب وثائق الاستخبارات المسربة، لكن خطر ضرب  تسليم المساعدات الإنسانية الحقيقية فرض تحديات. وتقول الوثيقة: "من المحتمل جداً" أن يواصل الإسرائيليون جهود اعتراض القوافل، لكنهم يحتاجون إلى "تأكيد استخباري أكثر صرامة قبل ضرب شحنات المساعدات المزعومة".

أخطار 

يقول مسؤولون أميركيون إن تهديد الجماعات المتحالفة مع إيران مستمر في سوريا حيث يعمل نحو 900 جندي أمريكي مع القوات المحلية، لمنع عودة ظهور داعش.
ففي مارس (آذار) على سبيل المثال، قُتل سكوت دوبيس، وهو متعاقد أمريكي يعمل في قاعدة هناك، بما وصفه البنتاغون طائرة إيرانية دون طيار،  وإصابة آخر كما عانى عدد من أفراد الخدمة الأمريكية من جروح في الرأس بسبب الانفجار.
وقال المسؤول الدفاعي الأمريكي إن المسؤولين الأمريكيين واثقون أن الطائرة دون طيار التي قتلت دوبيس لم تهرب إلى البلاد في إحدى قوافل المساعدات بعد الزلزال، لكنه امتنع عن الإدلاء بالمزيد من التفاصيل.
وقُتل دوبيس، وهو متعاقد عسكري أمريكي منذ فترة طويلة، في 23 مارس (آذار) في قاعدة أمريكية بالقرب من مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا. وقال مسؤول عسكري أمريكي ثان إن الحظيرة التي كان يعمل فيها أثناء الهجوم لم تكن محمية بشكل جيد مثل سائر القاعدة.

وقال المسؤول إن نظام أفنجر للدفاع الجوي كان موجوداً للحماية من التهديدات الجوية، ولم يتضح بعد سبب فشله في الاشتباك مع الطائرة الإيرانية.
وبعد وقت قصير من مقتل دوبيس، قصفت المقاتلات الأمريكية الميليشيات المدعومة من إيران والتي يعتقد أنها مسؤولة عن الهجوم، في تحذير شديد لطهران من الرئيس بايدن الذي قال إن الولايات المتحدة سترد بقوة على الهجمات العنيفة ضد الأمريكيين.
وقال مايك، الشقيق الأكبر لدوبيس لواشنطن بوست إن المسؤولين الأمريكيين لم يقدموا لعائلته أي تفاصيل عن التحقيق. وقال إن نقص المعلومات يبعث على الإحباط، لأنه لا تزال هناك أسئلة جدية حول كيفية اختراق المتشددين دفاعات قاعدة عسكرية أمريكية: "يبدو أنه لا يُبذل ما يكفي لمنعه".