شعبان بدير يوقع أحد مؤلفاته (من المصدر)
شعبان بدير يوقع أحد مؤلفاته (من المصدر)
الثلاثاء 5 ديسمبر 2023 / 18:12

الأديب الناقد شعبان بدير لـ24: كتّاب السيرة الذاتية استفادوا من الثورة الرقمية

أكد الأديب والناقد الدكتور شعبان بدير أنه يعمل منذ مدة على كتابة دراسة مفصلة تتناول أدب السيرة الذاتية في الإمارات، وسترى النور في المستقبل القريب، وتصدر في كتاب، مبيناً أن السيرة لها إرهاصات في التراث العربي.

وقد عرفت في مصطلحين وهما "التراجم – السير" وتعني التراجم: التعريف بالرجال وما ورد من سيرهم وأخبارهم ومراتبهم، ومن أمثلتها "سير أعلام النبلاء للذهبي" و"الأعلام للزريكلي"، ولكن الترجمة إذا طالت تتحول إلى سيرة والتي يقصد بها: ترجمة طويلة وتتحدث عن سيرة حياة فرد عظيم، لأهداف تربوية وتعليمية وتاريخية، مثل "السيرة النبوية لابن هشام".

دخل وفير

وأضاف في حوار خاص لـ24 حول فن كتابة السيرة "إن السيرة الذاتية الأدبية بالمعنى الحديث نشأت في الغرب في القرن الثامن عشر، حيث ازدهرت فيه كتابة السيرة وأصبحت تدر دخلاً مالياً وفيراً للكتاب الذين يستطيعون إبهار القراء وبعث المتعة في نفوسهم، وبرز اتجاهان لكتابة السيرة، منهما اتجاه الصراحة والصدق ونسب لأشهر كتاب السيرة وهو الدكتور جونسون".
وبالنسبة للسيرة الذاتية في الأدب العربي الحديث، أوضح بدير "أنها نشأت وازدهرت على يد عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه "الأيام" الذي يعد أبرز رواية سير ذاتية في الأدب العربي الحديث حتى الآن لما تتميز به من البراعة في القص، والأسلوب الجميل، والعاطفة الكامنة في ثناياه والتي تطغى أيضاً على السطح، وعقب هذه السيرة نشرت سير ذاتية كثيرة أبرزها "غربة الراعي" لإحسان عباس، و"خارج المكان" لإدوارد سعيد، و"سيرة حياتي" لعبدالرحمن بدوي و"أوراق العمر" للويس عوض، وغيرها، رغبة من الكتاب في نقل خبراتهم إلى المجتمع، وإحساساً بالتاريخ الذي يعد الأب المنجب للسير الذاتية".

أنواع السيرة

وحول أنواع السيرة الذاتية وأهم مصطلحاتها حديثاً، قال: "هي السيرة الغيرية وهي نقل موضوعي في حياة إنسان فذ يعتمد على الشواهد والشهادات والوثائق، ومن أمثلتها "أمل دنقل الجنوبي لعبلة الرزويني" والسيرة الذاتية والتي تصور أبعاد كاتبها الثلاثة: حياته الداخلية والخارجية والعليا، ثم المذكرات التي تهتم بالتاريخ المجتمعي على حساب الشخصي، فالأنا تحكي تاريخها الشخصي، في خضم تاريخ جمعي، واليوميات والتي يهتم فيها الكاتب بمزامنة الكتابة لحياته اليومية وتسجيل أحداثها".
وأشار إلى "أن كتاب السيرة الذاتية استفادوا كثيراً من الثورة الرقمية والتطور التقني التي أتاحت لهم التعبير عن ذواتهم بصورة تفاعلية مع جمهور المتابعين والاستفادة من الوسائط الحديثة كالصورة والفيديو والصوت، مما خلق جمهوراً أوسع، ومكّنهم من الإضافة والتعديل على ما ينشرون".
وأضاف "أن كتابة السيرة الذاتية في منطقة الخليج عموماً وفي الإمارات خصوصاً ما زالت في مهدها ولم تأخذ حقها بعد من الذيوع والانتشار، ويرجع ذلك لأسباب أبرزها أن منطقة الخليج منطقة محافظة تؤمن بالجماعية وتنفر من الفردية والخوض في الأسرار الخاصة التي يتسم بها أدب السيرة الذاتية في الغرب"، مبيناً أن السيرة الذاتية في الإمارات موجودة على 3 محاور: المحور الأول، كتب السير الذاتية المتخصصة، وضرب لها أمثلة بـ5 كتب هي الأبرز وهي كتاب "قصتي" لنائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكتاب "سرد الذات" لعضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي وكتاب "سيرة ذاتية تشبهني" لكريم معتوق، والسيرة الذاتية لخلف الحبتور، و"عقد اللؤلؤ" للشيخة صبحة الخييلي، وجميعها تشترك في كونها متخصصة في السيرة كجنس أدبي نثري استعادي، وفق تعريف فيليب لوجون، مع اشتراك كتابي "قصتي وسرد الذات" في التداخل بين السيرة والمذكرات، وانفراد "سيرة ذاتية تشبهني" بالمزج بين النثر والشعر في كتاب واحد.
كما لفت بدير إلى قصيدة السيرة الذاتية، وهي قول شعري ذو نزعة سردية يسجل فيه الشاعر شكلاً من أشكال سيرته الذاتية، مثل ديوان "هذا أنا" لكريم معتوق، و"زوايا باريسية" لطلال الجنيبي، وكذلك بعض دواوين الشاعر الدكتور مانع سعيد العتيبة.

تداخل السيرة بالرواية

وبالنسبة للسيرة الروائية التي تعتبر عملاً سردياً روائياً يستند في مدونته الروائية على السيرة الذاتية للروائي، فقد أوضح "أن السيرة أقرب الأجناس إلى الرواية فكلاهما جنس مفتوح على الأجناس الأخرى وبيّن أن السيرة الروائية تتجلى في الأعمال النسوية بشكل أعمق، ومن الأعمال الروائية الإماراتية التي تداخلت فيها السيرة بالرواية: "زاوية حادة" لفاطمة المزروعي، ورواية "ريحانة" لميسون القاسمي.
وختم الدكتور بدير متحدثاً عن كيفية النهوض بالسيرة الذاتية في الإمارات، حيث رأى أن المجتمع الإماراتي مهتم جداً بتوثيق التراث وتدوين بوح الكنوز البشرية الحية "كبار السن" للاستفادة من خبراتهم، عارضاً فكرة إنشاء مركز خاص لتدوين السير الذاتية، للاستفادة من حكايات أهل الخبرة في شتى المجالات ومساعدتهم على البوح، والقص، كما دعا إلى إقامة دورات تدريبية لشباب المبدعين ومن له رغبة في تعلم كيفية تدوين سيرته الذاتية، حتى تتعرف الأجيال الشابة على هذا الفن.