الدكتور أحمد عقيلي يوقع كتابه "أوراق نقدية" (من المصدر)
الدكتور أحمد عقيلي يوقع كتابه "أوراق نقدية" (من المصدر)
الثلاثاء 12 ديسمبر 2023 / 20:35

"أوراق نقدية".. خبرة أكاديمية وذائقة أدبية

في وقت باتت الدراسات النقدية الجادة التي تلامس وعي المثقف وتقترب من ذائقته، أشبه بعملة نادرة، يأتي كتاب "أوراق نقدية" قراءات تحليلية في النقد الأدبي ونقد النقد، للأديب الناقد الدكتور أحمد عبد المنعم عقيلي أستاذ النقد الأدبي الحديث، ليقدم مادة علمية مفيدة للقارئ والباحث والمبدع والمثقف، بأسلوب يجمع بين خبرة أكاديمية متخصصة، وذائقة أدبية، لكاتب له إصدارات متميزة في الشعر والرواية والنقد الأدبي.  

ضم كتاب "أوراق نقدية" الصادر حديثاً عن دار الحافظ، بين دفتيه مجموعة راقية ومتنوعة من مقالات وقراءات الدكتور عقيلي، حملت العناوين التالية، قراءة نقدية في مجموعة "على قيد لحظة" للشاعر الإماراتي الدكتور طلال الجنيبي، الإبداع والتخييل في شعر الشاعر الإماراتي محمد عبد الله البريكي، ملامح المنهج النفسي في النقد، ثم ،النقد وملامح المنهج المقارن، المصطلح النقدي وفوضى الترجمة، السيميائية المفهوم والماهية، فضاءات الإبداع القصصي بين الواقع والخيال عند الدكتور أحمد زياد محبك، قراءة نقدية جمالية في الرواية الإماراتية، ثم الحركة الثقافية السورية بين جيل الروّاد والمعاصرين..قراءة تأريخية نقدية، وقراءة نقدية جمالية في ديوان مسبار الأمل للشاعر الإماراتي نايف الهريس، ثم نقد النقد قراءة نقدية في كتاب "آليات القراءة في نقد الشعر" للدكتور إياد عبد المجيد، ثم الأساطير العربية في النقد العربي بين التنظير والتطبيق، والرواية البوليسية العربية بين الواقع والطموح.              
ويرى الدكتور عقيلي أن موضوعات النقد الأدبي كثيرة، ولها دور كبير في نشوء دائرة واسعة من الحوارات النقدية، والمناقشات الفكرية، والتي تسعى في جلها لترسيخ رؤية واضحة للنقد الأدبي وماهيته، ومدارسه واتجاهاته، موضحاً أن موضوعات كتاب "أوراق نقدية" تنطلق من أساسٍ مهم وهو أهمية النقد الأدبي الكبيرة وضروراته المتنامية في ظل الحركة الثقافية المتنامية في العصر الحديث، إذ إن النقد الأدبي يعتبر المرآة التي تجلو النص الإبداعي وتكشف مواطن الجمال والضعف فيه، وليس مجرد انتقاص للنص أو نيل منه كما كان يُظن.

ويعتبر كتاب "أوراق نقدية" من باكورة مؤلفات الدكتور عقيلي النقدية والتي تربو على 15 مؤلفاً ضمن السلسلة النقدية واللغوية، كما أن المادة المقدّمة في هذا الكتاب ليست دراسة نقدية متكاملة كما في كتاب دكتور عقيلي السابق "محيي الدين صبحي وقضايا النقد الأدبي" بل هو مجموعة من قراءاته النقدية المنشورة في الصحف والمجلات داخل الإمارات، وخارجها، بالإضافة إلى أبحاثه النقدية المحكمة، والتي شارك فيها في المؤتمرات الدولية.
وتحت عنوان "قراءة نقدية جمالية في الرواية الإماراتية" يقول الدكتور عقيل: "أن النتاج الروائي الإماراتي في مجمله يرتكز على مضمونين اثنين، هما: الرومانسية من جهة والواقعية من جهة أخرى، وهي إما تصوير لحالة وجدانية عميقة، أو نقد للواقع الاجتماعي السائد،  ولو تتبعنا جذور الإبداع الروائي الإماراتي، لوجدنا أنها حديثة العهد، وأنها جذور فتية لما تتغلغل في الأعماق بعد، فعمر الرواية الإماراتية لا يتجاوز 50 عاماً، وهي فترة قصيرة قياساً مع امتداد الرواية العربية أو العالمية في جذور التاريخ، ولذلك فإننا نثني على الرواية الإماراتية لأنها استطاعت في هذه الفترة الزمنية القصيرة أن توجد لها مكاناً في خارطة الإبداع الروائي العربي من جهة، وأن تضع بصمات مهمة فيها من خلال إبداعات كوكبة من روائييها، حيث أبدعوا أنواع مختلفة من الروايات نذكر منها الرواية الرمزية والمعاصرة، والواقعية والتجريبية وغيرها من الروايات".
ويتناول المؤلف كنموذج لدراسته روايات الأديبين علي أبو الريش وفتحية النمر في قراءة نقدية عميقة وجذابة.

أما في مجال نقد النقد الذي يتطرق فيه، لقراءة نقدية في كتاب "آليات القراءة في نقد الشعر" للأديب الناقد الدكتور إياد عبد المجيد، يقول عقيل: "أن الناقد الدكتور إياد عبد المجيد قدّم لوحة نقدية مهمة وجادة وجرئية، أكد فيها على حيوية النقد العربي القديم وأسبقيته ورثى لحال النقد العربي الحديث اليوم في تبعيته للمناهج النقدية الغربية وفقدان الخصوصية والنظرية النقدية العربية الخاصة به، وكان الكاتب موضوعياً بعيداً عن التنظير والأحكام الجاهزة المسبقة، مع المزاوجة بين الجانبين النظري والتطبيقي، إضافة إلى الدقة في المصطلح وفي المفاهيم النقدية، كل هذه الأمور قدمت لنا فوائد كثيرة منها ضرورة الحفاظ على موروثنا النقدي العربي القديم مع مواكبة تطورات النقد الغربي الحديث دون تبعية وإمّعية".
وفي خاتمة كتابه يفسر الدكتور عقيلي أسباب تراجع الاهتمام بالقصة القصيرة في واقعنا اليوم، أنه يعود لقناعة كثير من المثقفين والمبدعين أن الرواية هي المرحلة الأكثر نضجاً للقصة، فهي تأتي بعد مرحلة سابقة من الإبداع القصصي، والدليل على ذلك أن كثيراً من الروائيين يصرحون أن بدايتهم الإبداعية كانت مع القصة، ومن ثم كانت النقلة النوعية ليصبحوا روائيين.
ويرى أن هذا القول مبالغ فيه، لأن الإبداع الأدبي ليس سلّماً له درجات يتفوق فيه فن أدبي على آخر، متسائلاً "من قال أن القصة القصيرة أقل أهمية وعمقاً وتأثيراً في المتلقي من الرواية ؟!
ثم أليس للقصة القصيرة قواعدها وأسسها ومعاييرها اللغوية والفنية التي تجعل منها قادرة على خلق فضاء إبداعي يترك انطباعاً عميقاً في نفس القارئ؟! ولعلي لا أبالغ إن قلت إن هذا الانطباع والتأثير موجود وقد يفوق تأثير كثير من الروايات في نفس القارئ والمتابع.
ويؤكد: "أن القصة القصيرة والرواية تندرجان ضمن إطار فني واحد أساسه تقنية مشتركة هي السرد والوصف، وبالتالي لا فضل لأحدهما على الآخر ولا تمييز، فكثير من الروائيين الكبار كتبوا القصة القصيرة والرواية بشكل متناوب، أقصد أن بدايتهم لم تكن بالقصة لينتهوا إلى الثبات على الرواية، بل تنقلوا فيما بينهما، ومن ذلك تجربة نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل للآداب".
يشار إلى  أن الدكتور أحمد عقيلي من مواليد سوريا ومقيم في الإمارات، وله مجموعة من الكتب والمؤلفات النقدية والأدبية، تزيد عن 15 مؤلفاً، وقدم أيضا أكثر من 15 بحثاً علمياً منشوراً في مجلات محكّمة، وهو مهتم بالترجمة الأدبية، ومشارك باستمرار في العديد من المؤتمرات، والملتقيات العلمية والفكرية الأدبية، العربية والعالمية.