الخميس 28 ديسمبر 2023 / 08:25

تغيير صورة الحرب

يونس السيد- صحيفة الخليج الإماراتية

مشهد الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ نحو ثلاثة أشهر، يطرح الكثير من الأسئلة حول مساراتها وأشكالها، والمآلات التي ستنتهي إليها، وما إذا كانت ستستمر بصورتها الحالية، أم سيتم تغيير هذه الصورة.

وماذا عن نهايتها المحتومة؟ وهل ستصل إلى تسوية ما، أم أنها ستشهد انتصار طرف بعينه، بغضّ النظر عن الكلفة والأثمان المترتبة عليها؟
بعد أكثر من ثمانين يوماً، لا تزال إسرائيل تبحث، ليس عن تحقيق أهداف الحرب المعلنة فقط، وإنما عن صورة انتصار لجيشها تقدمها للمجتمع الإسرائيلي، ولحلفائها الغربيين. هذه الصورة لم تتحقق حتى الآن، رغم الفارق الهائل في موازين القوى على الأرض. ولم تؤد، بالتالي، سوى إلى خسارة دعم المجتمع الدولي، وتشويه صورتها، حتى لدى أقرب حلفائها، بسبب هذا الكم الهائل من الوحشية الذي تعاملت به مع قطاع غزة، والذي أدى إلى تدمير نحو ثلثي قطاع غزة، وسقوط عشرات آلاف الضحايا، من المدنيين الفلسطينيين، وخلق كارثة إنسانية وصحية، وانتشار الأمراض والأوبئة بين سكان القطاع، على نحو لا أحد يمكنه الدفاع عنه.
الإنجازات المتواضعة التي تحدثت عنها، بعد كل هذا الوقت، مثل الكشف عن بعض الأنفاق وتدميرها، لا تتناسب مع حجم جيش يعتبر الرابع عالمياً، من حيث التفوق التكنولوجي، والثامن عشر بين الجيوش العالمية. وبالتالي، فقد باتت تبحث عن تغيير صورة الحرب بالحديث عن مرحلة جديدة تتضمن غارات أقل، ووقف للقصف العشوائي، وإعادة انتشار، وتنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف محددة، للتقليل من حجم الخسائر بين المدنيين، وفقاً للنصائح الأمريكية.
لكن حتى هذه لا يبدو أنها ستنجح، مع غرقه في وحول غزة، وتزايد الخسائر في صفوف قواته، وآلياته العسكرية، بسبب استراتيجية حرب العصابات التي تنتهجها الفصائل الفلسطينية، وشبكة الأنفاق التي لم تتضرر كثيراً، على ما يبدو. هذا يعني أن الجيش الإسرائيلي لم يصل، حتى الآن، إلى نقطة «كسر التوازن» مع فصائل غزة، تتيح له تقديم صورة أي انتصار.
وهناك ما يشبه الإجماع بين القيادات والنخب الإسرائيلية، باستثناء نتنياهو، على أن الأهداف الموضوعة لهذه الحرب لا يمكن تحقيقها، وأن السبيل الوحيد للخروج من المأزق هو البحث عن تسوية يتم بموجبها إطلاق سراح المحتجزين والأسرى، وإنهاء الحرب، قبل أن تفرض واشنطن، التي سئمت من إطالة أمدها، وتداعياتها، على إسرائيل وقفها، خصوصاً مع قرب انشغال الإدارة الأمريكية بالسنة الانتخابية، وفق محللين إسرائيليين.